مطالب بمنح أسر ضحايا الجيش الأبيض معاش شهيد أبطال الرعاية الصحية قدموا حكايات تفخر بها الأجيال الشباب رفضوا «حلم الهجرة لأمريكا».. و«الكبار» قدموا خدماتهم رغم الخطر «قيود– حجر صحى– منع للتجمعات– وفيات بالمئات– الحداد فى عزلة– عزل منزلى– آلام لا تنتهي» مآس عديدة سببتها جائحة كورونا التى زلزلت الأرض، واستهدفت ملايين الأشخاص حول العالم، وفتكت بمئات الآلاف، لم ترحم الشباب ولا الكهول، وكان أولى ضحاياها الأطباء والعاملين فى الأطقم الطبية، وتحولت الجائحة إلى ثور هائج يدفع كل من يقف أمامه فى بئر الموت، مسببة فواجع لقلوب ذويهم وأقاربهم وفلذات أكبادهم. لذلك تعالت الأصوات مطالبة بأن يصبح الجيش الأبيض بكل أفراده من أطباء وأطقم تمريض وعاملين فى الحقل الطبى هم شخصية العام، وطالب آخرون بمنحهم معاشات الشهداء، فهم شهداء يحاربون عدوًا خفيًا يستهدف البشرية جمعاء، وإذا كان عدد شهداء الأطباء قد وصل إلى 248 شهيدًا فى مصر، فمع استمرار الموجة الثانية الأشد فتكًا فالعدد مرشح للزيادة. «الزم بيتك.. واحمِ نفسك».. صيحات تحذير موجهة للجميع، إلا أن هذه الصيحات لا تصلح للعاملين فى القطاع الصحى من أطباء وممرضين وعمال وإداريين، فهم أول الواقفين على خط النار، فى مواجهة الفيروس اللعين. لذلك فالعدوى التى قد يتعرض لها الأطباء والعاملون فى القطاع الصحى واحدة من أخطر القضايا، فهم ينتقلون بين المرضى، وبذلك تنتقل إليهم العدوى، وقد يتسببون فى نقلها إلى غيرهم وأسرهم أيضاً. فضلًا عن أن مسببات العدوى بالمستشفيات قد تتصف أحياناً بشراستها ومقاومتها للمضادات الحيوية، مما يجعل من حماية العاملين فى القطاع الصحى من العدوى ضرورةً قصوى، خاصة بعد سقوط المئات منهم فى جميع دول العالم. وكان أول ضحايا الجيش الأبيض فى الصين، هو الطبيب ليانغ وودونغ، الذى عاد من التقاعد لمواجهة الفيروس، فى مدينة ووهان مركز الوباء، حيث توفى فى 24 يناير الماضى، وبعده لم يسلم الطبيب الصينى لى وين ليانغ الذى اكتشف الفيروس وحذر منه، فقد أصيب به وتوفى فى 7 فبراير الماضى، وفى 14 فبراير الماضى، أعلنت الصين حصيلة رسمية بلغت ست وفيات بين الأطباء، أما فى الفلبين، فقد توفى تسعة أطباء متأثرين بالفيروس. وكشف تقرير لمنظمة العفو الدولية عن تزايد أعداد الوفيات بسبب تفشى فيروس كورونا المستجد بين صفوف أطقم الرعاية الصحية فى مختلف الدول، مما زاد مخاوف خبراء الصحة من تأثيرات الوباء السلبية على القطاع الصحى العالمى. وقالت المنظمة فى تقديمها للبيانات المتوفرة حول أعداد الوفيات الناجمة عن كورونا بين الأطباء والممرضين، إن دولًا قليلة فقط هى التى قدمت معلومات موثقة حول الموضوع، لافتة إلى أن الشكوك تحوم حول دقة الكثير من المعلومات الرسمية المقدمة من قبل عدد من البلدان فى هذا الإطار. بطولات وفى مصر كان لشهداء الجيش الأبيض حكايات تجعل كل واحد منهم يستحق أن يكون شخصية العام، ويكفى أن نذكر ما قالته الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة فى مداخلة هاتفية فى أحد البرامج التليفزيونية فى شهر يوليو الماضى حينما قالت: «فى يوم من الأيام يهمنى إنى أحكى بنفسى وأوثق... مش هنسى سيد الممرض فى مستشفى النجيلة، وبعض الناس اللى أثرت فيا بشكل كبير جدًا، وفى يوم من الأيام هنوثق هذه البطولات، سيدات كانوا بيقعدوا بالشهور مش بيطلعوا من المستشفى، وبيشتغلوا بكل قوة، والحقيقة إن البطولات اللى عملتها الأطقم الطبية بطولات لازم نكتبها ونوثقها وسيشهد لها التاريخ». ومنذ أيام قليلة أكدت الوزيرة نفس المعنى بقولها: «لن ينسى التاريخ تضحياتهم، ونواسى أهلهم ونقول لأسرهم وذويهم: إنهم أبطال للرعاية الصحية، سجلوا بحروف من نور تاريخ جديد للطب فى مصر والعالم كله» وأضافت: «كل الفخر والاعتزاز بتضحياتهم وبعملهم.. أفخر إنى كنت منهم، وبحييهم وأثنى على عملهم، أتوقع منهم الصمود والعمل الدؤوب، وأترحم على الشهداء من الأطقم الطبية، هم أبطال وسجلوا أسماءهم بحروف من نور، وإن التاريخ الطبى سيظل يشهد للعاملين بالأطقم الطبية فى هذا الوباء على دورهم الكبير». 75 مليونًا من ناحية أخرى كشفت الدكتورة إيمان سلامة، مقرر اللجنة الاجتماعية بالنقابة، فى شهر أكتوبر الماضى عن أن :«عدد المصابين بالفيروس بين الأطباء وصل إلى 3576، مشيرة إلى أنه تم صرف 71 مليون جنيه لمصابى كورونا من الأطباء و5 ملايين لأسر المتوفين حتى الآن، مشيرة إلى أنه صدر قرار من المجلس الأعلى للجامعات الخاصة والأهلية فى جلسته الأخيرة بضم أبناء ضحايا كورونا من الأطقم الطبية إلى قائمة الفئات المستفيدة من المنح المجانية التى تمنحها، بشرط تحقيق الحد الأدنى للمجموع للكلية المتقدم لها تقديرًا لتضحيات ذويهم، كما تم التواصل مع بعض المدارس الخاصة لإعطاء منح دراسية مجانية لأبناء المتوفين من الأطباء، وقد وافقت عدة مدارس بمحافظات سوهاج وأسيوط والقاهرة والأقصر والفيوم والغربية على منح كاملة بالمجان. ولم يغفل الرئيس عبدالفتاح السيسى، عن توجيه أنظاره للأطقم الطبية، فعمل على إطلاق أسماء شهداء الجيش الأبيض على شوارع ومدارس ومشروعات أسوة بشهداء الجيش والشرطة، كما وجه الرئيس قطاعات الصحة بمختلف المحافظات، بتكريم أسر شهداء الجيش الأبيض، من أطقم أطباء وتمريض وإسعاف ومعامل تحليل، من خلال تقديم شهادات تقدير لأسرهم مع هدايا مادية ومعنوية رمزية، تعبيرًا على امتنان المصريين لجهودهم، خاصة أن جميع الأطقم الطبية، كانوا فى صدارة المواجهة، وأدوا دورًا وطنيًا عظيمًا فى مواجهة جائحة تفشى فيروس كورونا فى مصر، ولم يتوانوا فى تقديم جميع المساعدات. وبعد مرور 5 أشهر من اجتياح فيروس كورونا المستجد للولايات المتحدةالأمريكية، وسقوط آلاف الضحايا بين مواطنيها، ووسط قلق من احتمالات عدم وجود ما يكفى من أطباء للتعامل مع تلك الأزمة، أعلنت الإدارة الأمريكية عن تعديل اشتراطات السفر، لتفتح أبواب البلاد أمام الأطباء الأجانب الراغبين فى الهجرة إليها، ومع ذلك لم ينصاع أطباء مصر لهذه الإغراءات، وأصروا على البقاء فى مصر، لمواجهة الفيروس القاتل وحماية الشعب المصرى من فتكه. 50 مليونًا وفى شهر مايو المنصرم، قال المدير الإقليمى لمنظمة الصحة العالمية الدكتور أحمد بن سالم المنظرى، إن معظم العاملين فى مجال الرعاية الصحية، الذين يصل عددهم إلى 50 مليون شخص تقريبًا على مستوى العالم، منهم ما يقرب من حوالى 3.5 مليون فى إقليم شرق المتوسط، يشاركون بشكل مباشر أو غير مباشر فى التصدى لمرض كوفيد-19، وذلك من خلال فرق الترصد ومقدمى خدمات الرعاية الصحية والعاملين فى المختبرات، خاصة أنه تمت إصابة 22 ألفًا من الأطقم الطبية فى 52 دولة حول العالم بفيروس كورونا، لافتًا إلى أن 90% من إصابات الأطقم الطبية بفيروس كورونا حدثت داخل المؤسسات الصحية، حيث يتعرض العمال الصحيون للفيروس، أما فى دول شرق المتوسط تراوحت نسبة إصابة العاملين الصحيين بفيروس كورونا ما بين 1% و20%. كما طالبت وزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد فى منتصف يونيو الماضى، بعودة الأطقم الطبية والتمريض المتقاعدين للانضمام للعمل فى العيادات الخارجية بالمستشفيات أو الوحدات الصحية والمراكز الطبية التابعة لوزارة الصحة والسكان، ضمن تعاقد القوافل العلاجية، للمشاركة فى متابعة الحالة الصحية لأصحاب الأمراض المزمنة، لافتة إلى أن أصحاب الأمراض المزمنة (ضغط، قلب، سكر)، وأصحاب الأمراض الصدرية، والسيدات الحوامل، هم الأكثر عرضة للإصابة بفيروس كورونا المستجد. كما قررت الوزارة إيقاف منح أو تجديد الإجازات للأطباء وأطقم التمريض والفنيين والإداريين وجميع العاملين بقطاع الصحة، ضمن خطة الوزارة لمواجهة الموجة الثانية لفيروس كورونا، هذا وقررت أيضاً إيقاف الإجازات غير الوجوبية، التى تشمل السفر للخارج، أو تحسين الدخل أو مرافقة الزوج. وتؤكد الدكتورة نجوى الشافعى وكيل نقابة الأطباء وأستاذ طب الأطفال أن الأطباء هم خط المواجهة الأول ضد الفيروس منذ بداية دخوله إلى مصر، مشيرة إلى تزايد أعداد الوفيات بين صفوف الأطباء كل يوم، وهذا الرقم يتشابه مع الضحايا فى صفوف التمريض، يليهم الصيادلة فى المرتبة الثالثة، مشيرة إلى أن عدد الإصابات فى صفوف الأطباء منذ بداية الجائحة اقترب من 10 آلاف إصابة مؤكدة، وهذا أمر متوقع، مشيرة إلى أنه مع انخفاض درجات الحرارة تتصاعد معدلات الإصابات، مؤكدة أن الأرقام المعلنة تختلف كثيرًا عن الواقعية، والإصابات الآن ارتفعت ولم تعد فردية بل أصبحت إصابات جماعية. الموجة الثانية تضرب بعنف «مازلنا بنواجه الموت حرفيًا بشكل شبه يومى لأن مفيش يوم بيعدى إلا وبنشوف عشرات أو مئات الحالات المشتبه فيها».. هذا ما قاله الدكتور مايكل مهاب، طبيب زماله بمستشفى المبرة للتأمين الصحى بأسيوط، مؤكدًا أن الموجة الثانية تضرب بعنف، ويجد الأطباء والأطقم الطبية أنفسهم فى مقدمة صفوف التصدى للجائحة، خاصة أن نسبة الوفيات بين الأطباء فى مصر تعتبر أعلى نسب وفيات للأطباء فى العالم، لافتًا إلى أن كورونا المستجد جدد الحديث عن العدوى بين العاملين فى القطاع الصحى، وتوجد العديد من حالات العدوى والإصابة به بين الأطقم الطبية، مشيرًا إلى أن تنفيذ الاحتياطات المعيارية الأساسية مع المخالطين ومع المرضى، يحمى العاملين فى القطاع الصحى وأسرهم من العدوى، مضيفًا أن هناك نصائح نشرتها منظمة الصحة العالمية للعاملين فى القطاع الصحى بغية الاعتناء بصحتهم، منها غسيل الأيدى وارتداء الأقنعة والقفازات المعقمة، وهناك إجراءات تخص بيئة المستشفى، تتضمن تنظيف الأجهزة الطبية (المناظير وأجهزة التنفس والحضانات) وتطهيرها وتعقيمها، وصيانة المنشآت، ومراقبة جودة الهواء والماء والأسطح ومفروشات الأسرة والطعام، وإدارة المخلفات ونفايات المستشفيات بطريقة آمنة، والحد من تلوُّث الماء والغذاء والهواء والأسطح ونفايات المستشفيات. وأشار «مهاب»، إلى أن العدوى تنتقل عن طريق البكتيريا والفيروسات، والفطريات والطفيليات، وتُعَد اليدان المصدر الأساسى لنقل الجراثيم، ما يستوجب غسل اليدين بالطريقة المُثلى الموصى بها من منظمة الصحة العالمية بالماء وبمحلول كحول قبل ارتداء القفاز وبعد خلعه والتخلُّص منه، والحرص على تعقيم مرافق المستشفى، وفصل النفايات وتصنيفها وفق خطورتها، والتخلُّص منها.