ظهر حكام مصر الحقيقيون بعد أن كانوا يديرونها من الباطن.. اكتملت الخطة وتمت السيطرة علي كل مفاصل الدولة باستفتاء مطعون في شرعيته ومشكوك في نتائجه.. فما إن أعلنت اللجنة العليا للانتخابات النتائج الرسمية للاستفتاء علي الدستور «العار» حتي خرج بديع زمانه المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين مهنئاً الشعب المصري بالدستور داعياً الله أن يجعله فاتحة خير لمصر وشعبها.. ولا ندري أي فاتحة يقصدها وأي خير يدعيه.. ومصر علي حافة الإفلاس. لم يستح الرجل وينتظر حتي يطل الرئيس الرسمي، ويهنئ شعبه حتي إن كان غاضباً منه لأنه أتي به رئيساً علي «الحركرك» ولم يمنح جماعته وحزبه النسبة المنشودة في الاستفتاء. لم يخجل الرجل وهو يشكر الجيش والشرطة والقضاء واللجنة العليا للانتخابات.. وهو قبل أيام معدودات طعن في الجيش ووصف قياداته بالفاسدين ولم يسأل نفسه بداية.. بأي صفة وبأي حق يهنئ ويشكر؟! وهو رئيس جماعة «محظورة» أو غير شرعية ولا يعرف أحد أي مصدر لتمويلها ولا تخضع لأي جهة رقابية في الدولة؟! ألا تستحي يا شيخ من 35 مليون مصري يحق لهم التصويت وفضلوا عدم الخضوع لإرهابكم وضغوطكم، ولم يقتنعوا بتجارتكم الرخيصة، وشعاراتكم الزائفة والخادعة؟ يبدو يا بديع عصرك وزمانك أنك تعيش خارج كوكبنا، ولم تعد تشعر مع نشوة الاستحواذ والإقصاء بما يدور حولك، فالشيء الوحيد الذي تشعر به وتصدقه بل وتعيش صباحاً ومساء أنك حاكم مصر الأول وذلك كان حلمك الذي حققته من خلال الدكتور مرسي، ذلك الرجل البسيط، المتواضع، و«الاحتياطي» ذو القلب الطيب! نعم.. الساحة جاهزة الآن لك ول «شاطر» جماعتك، للعب في كافة الملفات وبكل الأوراق والخيوط وعرائس الماريونيت. من حقك ترقص وتفرح وتهنئ وتشكر ومن حق نائبك أن يلعب ويجهز نفسه للحكومة.. ولكن ليس من حقك أن تكون وصياً علي هذا الشعب ولا علي القضاة والإعلاميين حتي إن أخرجت كل ملفات الانتقام ووضعتها علي مائدة اللئام. العب يا شاطر.. وارقص يا بديع.. فالآن فقط يمكنكما حكم مصر قولاً وعملاً وكله بما لا يخالف شرع الله.. فالكوتش والنجم يعرفان جيداً أن الحكم يلعب معهما وينحاز لكل خطواتهما، وطالما هناك جماهير تملأ المدرج، فلا شيء نبكي عليه حتي لو تسببت النتيجة في حرق الملعب بأكمله! ارقص يا كوتش.. فلاعبك المدلل وهدافك الأوحد يهدد بساعة الصفر، واللاعب الذي كان احتياطياً قام بدوره علي أكمل وجه.. التزم بمبدأ السمع والطاعة ونفذ كل مخططك وبما لا يخالف شرع الله. ارقص يا كبير.. أنهيت العرض المسرحي بمشهد أسعد جماعتك وحزبك وأنصارك.. وتقدم يا «حريف».. المرمي خال ووحدك من تعرف الطريق إليه، فلا أحد غيرك يتمتع بخبث الثعلب ودهاء الذئب. افرح يا شيخ فأنت وحدك الذي تجرأت واتهمت قادة الجيش بالفاسدين ولم يحاسبك أحد.. وبعد أن كنت تخشي أن تجتمع وثلاثة من «أنفارك» تحت بئر السلم، أو في بدروم يغرق في المجاري ولا يدخله ضوء الشمس، أصبحت الآن تهنئ شعباً يرفضك ويكره جماعتك وتصول وتجول في كل أرجاء الوطن بفضل دماء شهداء ثورة اختطفتموها وسرقتموها في عز النهار. افرحوا.. واسهروا حتي خيوط الفجر.. وتبادلوا الكئوس علي نخب تمزيق الوطن.. ولكن تذكروا أن حجر أساس دولة الفقيه الذي وضعتموه بدستور مشوه لن يدوم، وسيأتي يوم يحطمه بلدوزر ثورة أخري قادمة، ولن تستطيعوا مهما كان حجم عشيرتكم وفصيلكم أن تتخذونها جسراً ومعبراً لتنفيذ دولة الخلافة كما تحاولون الآن. العب يا شاطر.. وارقص يا بديع.. ولكن جموع الشعب المصري وإن لم يتمكنوا في الاستفتاء المطعون في نزاهته من إعادتكم إلي جحوركم في جبال القري، وكهوف الصحراء، إلا أنهم استوعبوا الدرس جيداً عندما شاهدوا أغرب مسرحية عبثية اسمها «الإخوان المسلمون».