يسأل الكثير من الناس عن حكم القنوت فى صلاة الفجر فأجاب الشيخ محمد فتحى العالم بالاوقاف وقال: القائلون بعدم مشروعية القنوت في صلاة الفجر وهو قول الحنابلة والحنفيّة وقول سفيان الثوري رضي الله عنه، وهو منقول عن ابن عباس وأبي الدرداء وابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم، وخلاصة هذا القول أنّ القنوت في صلاة الفجر أمرٌ غير مشروع، وقال الحنابلة يُكره ذلك، وقال الإمام أبو حنيفة إنّ ذلك بدعة، ودليلهم في ذلك الحديث الذي يرويه أنس بن مالك في صحيح البخاري أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قَنَتَ شهرًا في صلاة الفجر يدعو على بعض أحياء العرب وهم رِعْلٌ وذَكْوان ثمّ تركه، وهذا الترك دليلُ نسخِ القنوت في الفجر، وكذلك ما روي عن سعد بن طارق الأشجعيّ أنّه قال: "قلتُ لأبِي: يا أبَتِ إنَّك قد صَلَّيتَ خلْفَ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- وأبِي بكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعلِيِّ بنِ أبِي طالِبٍ هاهُنا بالكُوفةِ نَحْوًا من خَمْسِ سِنينَ، أكانُوا يَقْنُتُون؟ قال: أيْ بُنيَّ، مُحدثٌ"،[5] ويقول الإمام الترمذي إنّ هذا القول عليه عمل أكثر أهل العلم. القائلون باستحباب القنوت في صلاة الفجر وهو قول المالكيّة، ورأي المالكيّة أنّه -أي القنوت في صلاة الفجر- مُستحبٌّ وفضيلة، ودليلهم حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- الذي يقول فيه: "ما زال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقنُتُ في الفجرِ حتى فارَق الدُّنيا"،[7] وذهب بعض علماء المالكيّة إلى أنّ القنوت واجب في صلاة الصبح، فمن تركه فقد فسُدَت صلاته، وهو عندهم جائز قبل الركوع أو بعده في الركعة الثانية، غير أنّه قبل الركوع أفضل؛ لأنّ في ذلك رفق بالذي قد تأخّر عن الصلاة، وهذا الأمر قد استقرّ عليه عمل عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وكذلك عثمان -رضي الله عنه- عندما سأله المهاجرون والأنصار أن يجعله قبل الركوع؛ "لأَِنَّ فِي ذَلِكَ فَائِدَةً لاَ تُوجَدُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَهِيَ أَنَّ الْقِيَامَ يَمْتَدُّ فَيَلْحَقُ الْمُفَاوِتُ، وَلأَِنَّ فِي الْقُنُوتِ ضَرْبًا مِنْ تَطْوِيل الْقِيَامِ، وَمَا قَبْل الرُّكُوعِ أَوْلَى بِذَلِكَ، لاَ سِيَّمَا فِي الْفَجْرِ" كما قال القاضي عبد الوهاب أحد أقطاب علماء المالكيّة، ومن ترك القنوت عندهم لسهو أو عمد فليس عليه سجود سهو، فمن سجد للسهو فقد بطلت صلاته، وليس لدعاء القنوت حد محدود، والإسرارُ به أفضل عندهم، ولا يرفع الداعي يديه فيه. القائلون بأن القنوت في صلاة الفجر سنة مؤكدة وهو قول الشافعيّة، وقال الإمام النووي إنّ القنوت في صلاة الفجر سنّة مؤكّدة لحديث أنس بن مالك السابق، ولو تركه لم تبطل صلاته، ولكن يسجد سجود السهو، وهو عندهم بعد الرفع من الركوع الثاني في صلاة الفجر، ويُستحب لمن يصلّي بجماعة أن يجعل الدعاء بصيغة الجمع ولا يدعو لنفسه فقط؛ لحديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- الذي يقول فيه: "ولا يَؤُمُّ قومًا فيخصُّ نفسَه بدعوةٍ دونهم ، فإن فعل فقد خانهم"، وفي مسألة رفع اليدين أثناء الدعاء فالأصح فيه رفعهما، وأمّا فيما يخصّ مسح الوجه باليدين في حالة رفعهما فإنّ الأصحّ تركه، وأمّا فيما يخصّ الجهر بالقنوت أو الإسرار به ففي ذلك ثلاث حالات: الأولى أن يكون الذي يدعو إمامًا ففي هذه الحال الجهر أصحّ له، وأمّا إذا كان منفردًا فالأصحّ له الإسرار بلا خلاف، وأمّا إن كان مأمومًا فإنّ له أحوالًا؛ فإن أسرّ الإمام فإنّه يقنت سرًّا، وأمّا إن جهر الإمام وكان المأموم يسمعه فإنّه يُؤمّن على دعائه، وأمّا إن لم يكن يسمعه فإنّه يقنت سرًّا.