قالت مجلة "تايم" الامريكية إنه بينما تقترب الجولة الثانية من الاستفتاء على الدستور فى مصر، لا تلوح فى الأفق بوادر الوحدة الوطنية . واضافت المجلة أن الدساتير الجديدة، ولا سيما في المجتمعات ما بعد الثورات ، يجب أن تكون وثائق موحدة، ويفترض أن تعبر عن مستقبل الأمة الجماعي لترى نفسها فى تلك الوثيقة . والآن ونحن في منتصف الطريق من خلال الخطوة الأخيرة في العملية الدستورية، وهى الاستفتاء على الدستور ، لا يوجد توافق في الآراء من هذا القبيل ، فبينما تستعد البلاد للجولة الثانية من الاستفتاء الوطني، يبدو ان الدستور المقترح سيحصل على الموافقة ، ولكن هذا لا يعنى الاستقرار بل ربما تفاقم الاوضاع، ومزيد من الانقسامات داخل المجتمع المصري. واوضحت المجلة أن نصف الناخبين في 10 محافظات، بما في ذلك الإسكندرية والقاهرة أدلوا بأصواتهم في 15 ديسمبر، بينما سيصوت النصف الثانى يوم السبت 22 ديسمبر الجارى، وقد شهدت الفترة الماضية اضطرابات وفتن كثيرة ، تتخللها المراسيم الاستبدادية والاحتجاجات العنيفة التى عمقت العداوات بين الحكومة والمعارضة وزادت من التحدى على نحو متزايد. واضطر الرئيس "مرسي" لإلغاء الإعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر ، وذلك في 8 ديسمبر ، حيث تم اصدار اعلان دستورى جديد، في مواجهة احتجاجات حاشدة في ميدان التحرير وفي جميع أنحاء المدينة والشوارع المحيطة بقصر الرئاسة على حد سواء، لكن في الوقت نفسه كانت الجمعية التأسيسية التي يهيمن عليها الإسلاميون قد نجحت في التعجيل بالموافقة على الدستور ، على الرغم من الانسحاب واسع النطاق من قبل معظم العلمانيين والنساء والمسيحيين من الجمعية، وسرعان ما حدد "مرسي" موعدا نهائيا للاستفتاء، بما لم يعطى تلك الحملات المناهضة للدستور المقترح وقتا كافيا للاستعداد. العنف وأدى ذلك الوضع المعقد إلى إلى وقوع اشتباكات عديدة بين الفصائل المتنازعة ، حيث قام المحتجون الغاضبون في العديد من المدن بمداهمة وحرق مكاتب الإخوان وحزب الحرية والعدالة على حد سواء ، وفي الوقت نفسه أطلق الاخوان العنان لبعض عناصرهم في 5 ديسمبر للهجوم على الخيام الخاصة بالمعتصمين المناهضين ل "مرسى" خارج القصر الرئاسى ، وأدت الاشتباكات الى مقتل 10 اشخاص. واكدت المجلة أن الجولة الاولى من التصويت لم توفر جوا كبيرا يدعو إلى تشجيع الديمقراطية الوليدة فى مصر ، خصوصا فى ظل إقبال الناخبين الضعيف الذى لم يتجاوز 31 % من الذين يحق لهم التصويت ، وكان هناك القليل من الشعور بالفرح والزخم الذي تميزت به الانتخابات السابقة بعد الثورة . وفقا للأرقام التي أعلن عنها في وقت مبكر الإخوان المسلمون، تشير إلى تصويت 56٪ ب "نعم" وهذا لا يمثل نصرا كاسحا ، ولكن من المتوقع أن ينشط الإخوان بشكل أفضل في المرحلة الثانية، حيث أن معظم الناخبين يتركزون أكثر في المناطق الريفية، وينبغي زيادة نسبة الموافقين على الدستور ليصل الى 60%. الشعب سيوافق على الدستور وشددت المجلة على أنه لا أحد تقريبا يتوقع أن يتم رفض الدستور، ولكن أي شيء أقل من موافقة شعبية تصل الى الثلثين سوف تشجع على مزيد من التحديات من قبل المعارضة باعتبار أن الدستور لا يملك ما يكفي من الدعم للشرعية الحقيقية. وعلى الرغم من تدني نسبة المشاركة، الا انه كانت هناك طوابير طويلة في مراكز اقتراع كثيرة بسبب ضعف التنظيم ، وقلة عدد القضاة الذين يرفضون الاشراف على الاستفتاء بسبب خلافات مع الحكومة، ولم يتمكن العديد من المراقبين ومنظمات المجتمع المدنى من مراقبة الاستفتاء التصويت ليس على المضمون وقالت المجلة انه من خلال استطلاع اراء الناخبين ففى العديد من المناطق التى شهدت الاستفتاء فى المرحلة الاولى ، تبين أن العديدين من الذين قالوا "نعم" او الذين قالوا " لا " لم يبنوا آرائهم على مضمون الدستور نفسه ، ولكن على مرسي وهيمنة الإخوان بعد الثورة للذين قالوا " لا " ، حيث يقول "عماد مرتضى"، وهو من الطبقة العاملة في السيدة زينب ويبلغ من العمر 36 عاما، انه صوت ضد الدستور، لأنه لن يسمح أن يصبح "مرسي" ديكتاتورا." ، أما كثير من هؤلاء الذين صوتوا ب " نعم" ، فعلوا ذلك انطلاقا من الإحباط من الاضطرابات الحالية، حيث تقول "عزة تيمور"، وهي ممرضة( 26 عاما): " لابد ان تدور عجلة الإنتاج مرة أخرى ، نحن نواجه كارثة اقتصادية ". انتخابات البرلمان واشارت المجلة الى ان الوضع الاكثر اهمية هو الانتخابات البرلمانية المقبلة التى سيتم الدعوة لها اذا تم تمرير الدستور ، حيث ان القوى الاسلامية لازالت هى الاقوى على الارض ، مقارنة بالقوى السياسية الاخرى وهو ما يقلق المعارضة. ورغم ذلك يرى "زياد عقل"، أستاذ العلوم السياسية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أنه رغم الخبرة الطويلة للاخوان فى مواجهة الأنظمة الاستبدادية في مصر ، الا انهم عديمى الخبرة في خوض معارك سياسية مع الأطراف الفاعلة المدنية الأخرى ، وهناك نسق مرتفع للمعارضة. 3 ملايين جنيه للدعاية ل "لا" ويضيف " عقل " ، وهو عضو في الحزب الديمقراطي الاجتماعي ، ان الاحتجاجات ضد مرسى فى الفترة الاخيرة غيرت التركيبة السياسية السكانية ، وحركت الطبقة الوسطى الساكتة لتنضم الى المعارضة ، وكدليل على هذا التوجه الجديد ، الدعم القوى ، حسبما يرى عقل ، الذى تحظى به جبهة الانقاذ الوطنى التى يتزعمها كل من البرادعى وحمدين صباحى وعمرو موسى . واكد "عقل " ان الجبهة تلقت 3 ملايين جنيه تبرعات من مواطنين وليس من الاثرياء ، حيث تراوحت ما بين 200-400 دولار وذلك بهدف تدشين حملة ضد التصويت على الدستور. لكن على الرغم من أن الشعور بالتفاؤل والزخم، هناك أيضا شعور من اليأس المتزايد بين التيار المعارض للإخوان، من أن أى انتصار كبير الإخوان في الانتخابات البرلمانية المقبلة ، سيغلق الملعب المصري لسنوات ، فى ظل الرئيس الإخوانى، والبرلمان الإسلامي والدستور الذى أرادوه.