"لهذا خلق الله الندم"، تلك المقولة التي اختتم بها وحيد حامد الجزء الأول من رائعته "الجماعة"، التي قيلت علي لسان حسن البنا، يبدو أنها لم يتعظ منها أبناء "المحظورة"، الذين انطلقوا يمينًا ويسارًا كأنهم في حرب مقدسة ضد جموع الشعب المصري، وفي هذا الوقت الذي يدافع فيه شباب مصر عن الدولة المصرية يحارب وحيد حامد بطريقته من خلال مقالاته الرافضة التخلف الإخواني وأيضًا يستعد لتقديم الجزء الثاني من مسلسل "الجماعة"،الذي بدأ إخواني الإعلام المصري وعلي رأسهم وزير إعلامهم صلاح عبدالمقصود بالحرب ضده منذ شهور، وأصدر تعليمات بمنع عرض المسلسل لما يحمله من انتقادات موجهة لجماعة الإخوان المسلمين وتاريخها. واعتقد أن الجزء الثاني سيكشف الوجه القبيح لهذا التنظيم لكونه يستخدم الوثائق والدلائل التاريخية في الفترة التي تلت مؤسس جماعة الإخوان المسلمون حسن البنا حيث انتهي الجزء الأول باغتياله، وبالطبع سيثير العمل غضب قيادات الجماعة الذين يرون فهي محاولة لتشويه اسمها لأنه سيعرض كيف تحولت من فكرة إصلاحية في العشرينيات من القرن الماضي عندما كانت مصر تحت الاحتلال واستطاعت الجماعة بعد ثورة 1952 جذب البسطاء. وتمتعت بشعبية بين الفقراء لأسباب من بينها الخدمات الاجتماعية والاقتصادية التي تقدمها في الأحياء الفقيرة والتي نراها الآن من خلال توزيع السكر والزيت لشراء الأصوات، إنني أدعوكم لمشاهدة المسلسل من جديد حتى ترسموا خريطة واضحة المعالم لما سيحدث في الأيام القادمة، فمن المعروف أن التاريخ يعيد نفسه، والقاتل يحوم حول جريمته دائما، ففي أحد مشاهد المسلسل يتفق قيادي في الجماعة مع رئيس تحرير صحيفة علي أن يشتري ألف نسخة من صحيفته كل شهر في مقابل خدمات، وفي الحقيقة، إن تلك الواقعة الحقيقية التي نعرفها جيدا في الوسط الصحفي، والتي أشار اليها المسلسل بوضوح تحدث الآن من خلال جريدة أخري ظاهرها ليبرالي ولكنها داعمة للإخوان علي طول الخط وعلي رأسها كاتب إسلامي شهير أصبح متواجدًا الآن في العديد من الفضائيات داعما الإخوان بالباطل، وبالتالي ليس غريبا قيامهم بسلسلة من الاغتيالات السياسية والملاحقات القانونية الباطلة فتلك وسيلتهم المعتادة التي ينفذونها دائما، وهناك عمل آخر للكاتب وحيد حامد اقترب من حقيقة الإخوان وهو فيلم "طيور الظلام"، الذي من المفروض تقديم جزء ثان منه يبدأ بنهاية الجزء الأول حيث اصطدمت بخريطة مصر. وفي الجزء الأول ركز علي شخصية الإخواني علي الزناتي "رياض الخولي"، الذي يتمتع بشخصية قوية، ويري أن المستقبل سيكون للاتجاه الديني المتطرف، لذلك ينخرط فيه وينجح "علي الزناتي" في الصعود ويضيء نجمه في سماء المجتمع، بعد أن وفر له أصحاب الاتجاه الديني والإرهاب طموحات الشهرة والثراء مستفيدين من ذكائه وقدراته القانونية في تنفيذ مخططاتهم الإجرامية بحق المجتمع والدفاع عن الجماعات المتطرفة، تلك الشخصية هي نموذج حقيقي للإخوان الذين لا يمانعون في استخدام كل الوسائل للوصول إلى ما يريدونه ومن هنا نتوصل إلى أن الشخصيات الموجودة في المسلسل وشخصية "علي الزناتي" هما وجهان لعملة واحدة، فالاثنان انتهازيان، لا يعرفون التعامل في النور حتى ولو كانوا في السلطة فهم لا يخرجون عن كونهم الجماعات الدينية المتطرفة المستمرة في تحركاتها غير المشروعة لتقوية التطرف وإبعاد الأمن عن طريقنا، واعتقد أن مشهد "الزناتي" وهو يتورط في تأمين اختباء إرهابيين بعد قيامهم بإحدي العمليات هو صورة صارخة لم يحدث الآن حول الاتحادية وما سوف تثبته الأيام.