لابد من القول، إنه ليس صحيحاً ما ورد فى ديباجة الإعلان غير الدستورى الباطل والمعدوم الأثر، الصادر عن الرئيس د. مرسى، من أن الرئيس هو المسئول عن ثورة 25 يناير 2011، فقد حدثت هذه الثورة ونجحت قبل أن يتم انتخاب د. مرسى رئيسًا، وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة تبنى هذه الثورة، والتزم بتنفيذ مبادئها وحمايتها، وبناء على ذلك فقد أصبح هذا المجلس، وحدة تتمتع بالسلطة و«الشرعية الدستورية الثورية» وبناء عليها، فقد حل مجلس الشعب، ومجلس الشورى، وعطل العمل بدستور 1971 وأصدر العديد من الإعلانات الدستورية فى هذا الخصوص، والتى من بينها الدستور المؤقت الصادر فى 30/3/2011 والناقد حتى الآن، وذلك دون أى اعتراض من أحد. وبعد انتخاب الرئيس مرسى قام منفرداً بإصدار إعلان دستورى بإلغاء الإعلان الدستورى المكمل الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وذلك رغم حلفه اليمين أمام المحكمة الدستورية العليا حسب نص هذا الإعلان، على ذلك نتيجة لصدور حكم المحكمة بحل مجلس الشعب، بل إن الرئيس قد أقسم اليمين مرتين أخريين، فى جامعة القاهرة وميدان التحرير!! بينما الرئيس لا يملك سلطة وضع إعلانات دستورية أو تعديلها أو إلغائها، ولا سند للقول بأنه «الرئيس المنتخب» الذى يخول هذه السلطة، لأنه رغم انتخابه فإنه يتعين أن يلتزم بأحكام الدستور المؤقت النافذ من 30/3/2011، والذى ليس به أى نص يعيد تولى الرئيس هذه السلطة، وبعد ذلك قام الرئيس بإصدار الإعلان غير الدستورى الأخير الأسبوع الماضى، وهو فى حقيقة تكييفه مجرد «عمل مادى» باطل، ومعدوم الأثر، لأنه يتضمن اعتداء جسيماً على السلطة القضائية، ويهدر اختصاصها، واستقلالها بكل فروعها ويحول أعضاءها إلى مجرد عاملين قابلين للعزل الإدارى وليست لهم حصانة أو استقلال، أو يتمتعون بعدم القابلية للعزل، وذلك كله ليس يتناقض فقط مع أحكام الدستور المؤقت وإنما يتناقض أيضاً مع أحكام الأعراف العالمية لحقوق الإنسان، والعهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مونتريال لاستقلال القضاء. كذلك فإن النص فى الإعلان المعدوم الأثر على إعادة التحقيق والمحاكمة فى قضايا القتل والتعدى على المتظاهرين، هو فى ذاته منصوص عليه فى قانون الإجراءات الجنائية، والأحكام فى هذه القضايا مطعون فيها أمام محكمة النقض، ولها أن تلغى ما يخالف منها القانون، وتحيل الدعوى إلى دائرة جنايات أخرى، وليس ثمة أساس أو مبرر للنص على إعادة التحقيق والمحاكمة فى الإعلان غير الدستورى الباطل آنف الذكر، كما أنه يتناقض ذلك مع الدستور المؤقت والاتفاقيات الدولية سالفة الذكر لأنها تمثل اعتداء جسيماً على السلطة القضائية، وعموماً فإن ما ورد فى هذا الإعلان المعدوم الأثر يهدد الشرعية الدستورية والقانونية، وذلك بهدف وضع وفرض دستور إخوانى وسلفى بواسطة الجمعية التأسيسية المطعون ببطلانها، ولا شك أن تحقيق إعلان د. مرسى الباطل للجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، وحذف الدعاوى الخاصة ببطلانها من المحكمة الدستورية العليا، يعتدى على اختصاص المحكمة ومحكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة بالرقابة على القرارات الصادرة من الرئيس د. مرسى. ومن أكبر الأخطاء فى هذا القرار المعدوم نصه على تحصين كل القرارات السابقة للرئيس وأيضاً القرارات اللاحقة لهذا الصدد، وحتى يتم انتخاب مجلس الشعب من أية رقابة قضائية ومن أى وقف لآثارها أو إلغائها من القضاء أو من أية جهة!! وينطوى هذا التحصين على الاعتداء على الشرعية الدستورية والقانونية، ومخالفة أحكام المادة (21) من الدستور المؤقت النافذ منذ 30/3/2011، والتى تحظر تحصين أى عمل أو إجراء أو قرار إدارى من رقابة القضاء كما يلغى هذا التحصين الباطل والمعدوم اختصاص محكمة القضاء الإدارى والمحكمة الدستورية العليا بعد الرقابة على القرارات الصادرة من الرئيس فى الماضى، وفى المستقبل!! وقد قال أنصار الرئيس من التيار السلفى الإخوانى رداً على ذلك أن هذه القرارات قد صدرت عن الرئيس باعتباره «الرئيس المنتخب» وأنه لا يجوز أن يكون مقبولاً إصدار المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلانات دستورية دون أى اعترض، ولا يملك الرئيس المنتخب هذه السلطة، وهذه كلها حجج واهية، ومجرد عبارات سياسية تبريرية لخروج الرئيس على الشرعية الدستورية والقانونية وذلك لأنه يتعين على الرئيس المنتخب الالتزام بأحكام الدستور والقانون فى أى تصرف أو قرار يصدره ولا محل للقياس والمفاضلة بينه وبين المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى كان يملك السلطة الدستورية والشرعية الثورية كما سلف البيان. رئيس مجلس الدولة الأسبق