مازلت عند رأيى بأن الرئيس محمد مرسى من الممكن أن ينزع فتيل الأزمة الطاحنة التى يتعرض لها الوطن، والتى لو استمرت أكثر من ذلك يمكن أن تؤدى إلى كوارث أبشع مما هو واقع الآن من انقسام وفرقة سياسية. بيد الرئيس وحده أن يعيد لم شمل الأمة المصرية التى تمزقت كل هذا التمزق البشع، والمعادلة لتحقيق ذلك ليست مستحيلة أو صعبة التحقيق.. عندما كنا نعيب على الرئيس السابق أنه رئيس للحزب الوطنى المنحل، وأنه ينتصر لهذا الحزب الذى نخر فيه الفساد، كنا نطالب بأن يكون الرئيس رئيساً لكل المصريين دون تفرقة فى المعاملة أو الحقوق والواجبات.. والرئيس مرسى لن أقول إنه يسير على خطى «مبارك» فحسب، لأنه ينتصر لجماعة «الإخوان» على حساب باقى المصريين، ويخرج عليهم ملقياً خطاباً تاركاً التحرير ثائراً وغاضباً من الاعلان الدستورى الباطل ومن الدستور المعيب والمشوه أو لنقل إنه مسخة الدساتير، إلا عند جماعة تيار الإسلام السياسى وعلى رأسهم جماعة الإخوان وفرق السلفيين!! نزع فتيل الكارثة ليس الآن بيد أحد سوى الرئيس، وسيتحمل نتائجها وحده، والتاريخ لا يغفر لأحد ولا يحاسب بالنوايا فقط وإنما يحاسب بالأفعال والتصرفات.. وما يجرى الآن على الأرض المصرية يعد نذير شؤم لا يبشر بأية بادرة خير، إنما ما يحدث نتائجه معروفة سلفاً إن لم تكن بالفعل قد وقعت كوارثه وأخطرها على الاطلاق ذلك التقسيم الذى وقع بين المصريين الوطنيين المحبين لمصر وترابها، وبين جماعة الإخوان المسلمين وأتباعها من التيارات الإسلامية الأخرى التى بدأ يعلو صوتها، وتجاهر علناً بالسباب لكل مصرى حر يرفض منهجيتهم الغاشمة التى تشبه نظام الفاشية، إن لم تكن بالفعل هى قمة الفاشية.. لا أحد من المصريين مسلمين وقبلهم المسيحيون والذين لا يدينون بأى دين، يرفضون الشريعة الإسلامية فهذه مسألة الجميع مقر بها، ولا خلاف فى ذلك، إنما الكارثة الحقيقية هى المزايدة باسم الدين والمتاجرة به، وهذا ما يخلق الاستبداد المرفوض جملة وتفصيلاً ولا أحد يقبل به.. فنعم للشريعة ولا للاستبداد الذى يتاجر بالدين.. من هذا المنطلق فإن أية مزايدات من جماعات التيار الإسلامى مرفوض تماماً، لأن هذه المزايدات كشفت عن الوجه الحقيقى لهذه الجماعات الاستبدادية التى رمت الناس بالبهتان والظلم بأنهم كفار وزنادقة. ولو سألت عن إجابة عند هؤلاء عن رمى البشر بالكفر والزندقة تكون زنديقاً، ولو قلت لهم لا يجوز أن تكفر أحداً تسمع العجب العجاب، فمن الاجابات التى تثير الأعصاب أن هؤلاء الفئة من البشر لا يتورعون خجلاً بأنهم فتحوا مصر من جديد، وسموا هذا الفتح الثانى بعد فتح عمرو بن العاص لها، ورموا البشر جميعاً بالكفر ويجب إعلان الحرب عليهم.. فى حين أن التاريخ الذى قرأناه فى أمهات الكتب لا يقول إن المسلمين الأوائل الفاتحين لمصر قد ارتكبوا مثل هذه الحماقات التى نسمع بها الآن، ولا عمرو والصحابة الأجلاء رضى الله عنهم، أعلنوا حرباً ضد أحد من المصريين، بل وقفوا إلى جوارهم وهم يدينون بالمسيحية ضد طغيان وظلم الرومان.. وهذه المغالطات التاريخية التى نسمعها تبين مدى الجهل العظيم الذى أعمى بصيرة هؤلاء الآن الذين يتمسحون بوقائع تاريخية ويقلبونها رأساً على عقب، وهى منهم وأمثالهم وأشباههم براء!!! الرئيس مرسى وحده بيده لم شمل المصريين ونزع فتيل القنابل التى باتت على وشك الانفجار فى المجتمع المصرى، بيده أن يكون رئيساً لكل المصريين ويتخلى عن اتباع سياسة جماعة الإخوان التى أغرقت البلاد فى الوحل، ولذلك فإننى أرى أن الرئيس ليس عنيداً فقط وإنما هو ماض قدماً فى مخطط ستكشف عنه الأيام قريباً!. وقد يكون هذا المخطط مفروضاً عليه ولو هذا الظن صحيح فمن الممكن أن يعلن ذلك على الملأ المصرى، وسيجد المصريين يمدون له يد العون والمشورة المخلصة.. ولا أستبعد أن يكون هذا المخطط له علاقة من قريب أو بعيد بعملية الضمانات المصرية التى لا يعرف أحد عنها شيئاً بشأن وقف اطلاق النار بين حماس وإسرائيل!. وهذا يجرنى إلى سؤال لا أجد له إجابة حتى الآن منذ متى وإسرائيل وحماس تستجيبان فى آن واحد لمصر؟!! إذا أردنا أن نعرف سر عناد الرئيس فلابد أن نفتش فى الضمانات التى حصلت عليها إسرائيل وحماس من مصر!!!