آلاف الطلاب الذين يدرسون فى كليات الحقوق بكافة الجامعات المصرية أصيبوا بالإحباط الذى وصل إلى حد الاكتئاب، من آثار العدوان الذى قام به الرئيس محمد مرسى لإسقاط دولة القانون، واغتيال السلطة القضائية، ووضعه كل السلطات فى يديه، وقيام جماعته بالاعتداء على المحكمة الدستورية العليا، ومحاصرتها، وتهديد قضاتها الأجلاء، ومنعهم من دخول المحكمة يوم الأحد الماضى للقيام بواجباتهم فى نظر القضايا المحددة أمامها، مما اضطرهم إلى تعليق الجلسات لأجل غير مسمى. طلاب الحقوق انهالوا بالأسئلة على أساتذتهم من أمثلة: ما فائدة أن ندرس القانون، ونتعلم منكم أنه يطبق على الحاكم والمحكوم، وأن دولة بلا قوانين تحترم تشبه غابة البقاء فيها للأقوى، ثم بعد هذا الكلام نشاهد القانون ينتهك من أعلى سلطة، وتنهار دولة القانون أمام أعيننا ويتعرض القضاة للتهديد ويتحول الرئيس خلال «5 أشهر» من انتخابه إلى فرعون وحاكم بأمره. إننا لا نريد الاستمرار فى دراسة القانون، بعد أن أصبح لا قيمة له، ويداس تحت الأقدام! طلاب الحقوق على حق، ما يحدث حولهم جعلهم يفقدون الثقة فى كل ما يدرسونه ويستعدون لتطبيقه فى حياتهم العملية، ظاهرة الإحباط بدأت من كلية الحقوق جامعة القاهرة، وانتشرت فى باقى الكليات، وبدأ الدكتور محمود كبيش عميد حقوق القاهرة فى دراستها لإيجاد الحلول لها، وقال: إن أعضاء هيئة التدريس فى الكلية طلبوا تعليق الدراسة فى الكلية، لاعتراضهم على الانتهاكات التى تتم للقانون، والاعتداء الصارخ على القضاء والمحكمة الدستورية العليا، وأخبره الأساتذة بأنهم يجدون حرجاً شديداً فى تدريس مبادئ القانون والدستور للطلاب الذين بدأوا يسألونهم عن جدوى دراسة القانون بعد أن سقطت دولة القانون من الانتهاك الكامل الذى تعرضت له. الدكتور «كبيش» قال إن الأساتذة شعروا بالحرج الشديد من الطلاب الذين كان لهم كل الحق فى أسئلتهم، وعرضوا عليه تعليق الدراسة فى الكلية، وأنه أعلن الانضمام إليهم فى طلبهم، لكنه لا يملك اتخاذ القرار، فوقف الدراسة فى الكلية من سلطة مجلس الجامعة. وتقدم بطلب إلى المجلس لتحديد جلسة طارئة لمناقشة هذا الأمر الذى يؤيده تماماً بعد أن تم الاعتداء على القضاة وحصانتهم. ليس طلاب الحقوق وحدهم هم الذين تأثروا بهذه الأزمة، مصر كلها فى أزمة يشعر بها الجميع، وراءها مستبد يعتبر نفسه قيداً على القانون وليس القانون قيداً عليه، المشهد بأكمله أصبح مرتبكاً، والرؤية أصبحت ضبابية، والدولة فى هذه الفترة تشبه سيارة تحمل شحنة متفجرات يقودها سائق متهور، يرفض الالتزام بتعليمات المرور، ولا بقواعد الطريق، ولا يعبأ بصياح أصحاب السيارات الأخرى على الطريق، ولا يهتم بالمطبات، وهو يجرى بسرعة عالية، وفجأة يدخل فى وسط منطقة سكنية، ويكتشف أن السيارة بدون فرامل، ويفقد السيطرة عليها، ويجد نفسه أمام كارثة تسبب فيها بعناده. وعدم الاستماع إلى صوت الحكمة الذى كان يحذره من أخطاءه ويرشده إلى الطريق الصحيح.