ماذا ينتظر الرئيس «مرسى» بعد أن رأى بأم عينيه حشود الملايين التى قالت لا للإعلان الأسطورى غير الدستورى، وطالبته وحكومته بالرحيل بعد أن هدم دولة المؤسسات والقانون. فما أشبه الليلة بالبارحة عندما أصر مبارك على عناده وديكتاتوريته متجاهلاً صوت الشعب، متحدياً رغبة القوى السياسية والأحزاب فى إصلاح سياسى عاجل ينقذ اقتصاد مصر من الانهيار. لقد خرج المصريون دون شماريخ الإخوان وإرهاب السلفيين، ولم ينجح «مرسى» ولا رجاله فى تكميم أفواه الأحرار من المثقفين والسياسيين بل وحتى البسطاء والمطحونين الذين رفضوا هذه المرة شراء ضمائرهم بكيس سكر أو زجاجة زيت ولفافة لحم. ماذا تنتظر يا دكتور «مرسى» بعد أن انهار اقتصادنا، وخربت مصر وقعدت على تلها، كما قالت أم أحمد بائعة السمك وهى تفترش الرصيف متحملة رذالة موظف الجهاز وتحرش ضعاف النفوس.. قالت أم الأبناء الخمسة وكأنها تحفزنى على الكتابة: «لما ما بيعرفش يسوق بيمسك الدريكسيون ليه الدنيا هتولع يا بيه ومش هنلاقى ناكل، يعنى هنشحت إن شاء الله. يا فرحتك يا مبارك إنت وولادك». شخصت البائعة الأمية حال مصر الذى على ما يبدو يغيب دائماً عن عقل الرئيس وجماعة الإخوان الذين اختطفوا الوطن فى غفلة من الزمان، وقادوا البلاد إلى حافة الهاوية والدماء، فعجز الموازنة يزيد على 234 مليار جنيه، ويلتهم ما لا يقل عن 12٪ من الناتج المحلى الإجمالى، بل بلغ فى 4 أشهر فقط 70 مليار جنيه، بل خسرت البورصة فى يوم واحد فقط 30 مليار جنيه ثم يطل علينا الرئىس ويفرط فى تغافله بأن مصر تجاوزت عنق الزجاجة وأن الأيام المقبلة ستأتى بكل الخير؟! والأدهى من ذلك يعلن رئيس حكومته هشام قنديل عن ضخ 276 مليار جنيه استثمارات جديدة فى شرايين الاقتصاد، متناسياً أن المواطن العادى لم تعد تنطلى عليه تلك الوعود الوهمية ويعرف جيداً أن الخزانة المصرية أصبحت خاوية ولا يوجد بها ما يمكن حكومة الوهم من تنفيذ ولو 1٪ من وعودها أو تحاول به خداع المواطنين. لقد أسقطت سيدى الرئيس هيبة الدولة وانفردت بكل السلطات فكفاك انتهاكاً لمصر خلف شماعة النظام البائد الذى تسير على نهجه وخطاه. فالشعب لم يعد يريدك ولا يريد حكومتك، وسئم هذا الفصيل الذى لا يتردد لحظة فى أن يفترس الفريسة مع الذئب ويبكى مع الراعى. إن حال مصر لم يعد يسر عدواً ولا حبيباً وكفاكم متاجرة بدماء الشهداء لإعادة إنتاج فيلم «غرام وانتقام» ولكن بصبغة الإخوان الذين يغرمون دائماً وأبداً بالسلطة وعلى استعداد تام لللانتقام بأى وسيلة وطريقة من الإخوة والأصدقاء والزملاء بل ببيعهم بأبخس الأثمان عندما يريدون مصلحتهم فقط ليس إلا! لقد انتهى الدرس.. ونأمل أن تكون قد استوعبته وإن كنت أشك فى ذلك طالما أبقيت على بطانة السوء التى تغذيك وتفرعنك وتقودك إلى الانتحار سياسياً.