أثار الخبر الذى نشرته صحيفة هاآرتس على موقعها الإلكترونى مؤخراً «بأن الرئيس محمد مرسى وافق على وضع أجهزة تنصت على الحدود المصرية الإسرائيلية بهدف الوصول لهدنة بين حركة حماس وإسرائيل» ضجة فى الشارع المصرى، والغريب أن الرئاسة المصرية لم تقم بالرد على هذا الخبر بالنفي او الاثبات، وهو ما أثار حفيظة الكثير من الخبراء العسكريين. وقال الخبراء لابد من رد الرئاسة على هذا الخبر الذى يمس الأمن القومى المصرى، معتبرينه جريمة فى حق الوطن سيحاسبنا عليها التاريخ والأجيال القادمة. وهنا يرى اللواء حسام سويلم الخبير العسكرى أن موافقة الرئيس محمد مرسى على وضع أجهزة تنصت اسرائيلية على الحدود فى سيناء جاء فى أعقاب صفقة مع أمريكا واسرائيل. واعتبر «سويلم» أن هذا الأمر يمثل تهديداً واضحاً للأمن القومى المصرى، لأن هذه الأجهزة يمكن لها أن تخترق ليست الحدود فقط بل اختراق عمق سيناء وأيضا مصر كلها. وأضاف أن الأمر الآن ملقى على عاتق الشعب المصرى المتواجد فى التحرير فهم فقط من لديهم السلطة لمطالبة مرسى بالعدول عن هذا الامر لما يمثله من خطورة كبيرة على مصر. وأضاف سويلم: يبدو أن مرسى قد استغل الرضا الأمريكى، عندما سمح بتركيب أجهزة التنصت فى سيناء لإتمام الهدنة بين اسرائيل وحماس، حيث أظهر اوباما اعجابه بأداء مرسى فى ملف التهدئة بين حماس واسرائيل، وأجرى معه أكثر من حوار تليفونى يشكره على جهده فأقدم مرسى على خطوة الاعلان الدستورى ظنا منه أن الادارة الامريكية ستتغاضى عن هذا الاعلان تقديرا منها على ما فعله مع إسرائيل وحماس. وندد «محمود مهران» رئيس حزب مصر الثورة بما نشرته صحيفة «هاآرتس» مطالباً الرئيس مرسى بتوضيح الأمر لما يحمله الخبر من انتهاك واضح لسيادة مصر حال ثبوت صحته، خاصة أن الرئيس المخلوع حسني مبارك لم يقبل ذلك في عهده، محذراً من المساس بالأمن القومي للبلد أو التفريط في سيادتها على أراضيها. وأكد الأديب «يوسف القعيد» أنه ضد زرع ما وصفه بال «مرايا» على الحدود بمعرفة إسرائيل أنه ضد نشر أى قوات أمريكية فى سيناء لحمايتها كما اعتبر «القعيد» موافقة مرسى بهذا الأمر هو جريمة سيحاسبه عليها التاريخ، كما سيحاسبنا التاريخ أيضا اذا سكتنا على هذه الجريمة، ودعا «القعيد» الشعب المصرى الذى نزل الى التحرير للتنديد بهذه الجريمة والهتاف ضد هذا القرار. وأكد اللواء نبيل فؤاد، الخبير العسكرى، أن هذه الأجهزة ستكشف مصر كلها أمام عدوتنا الأولى فى المنطقة - إسرائيل – وانتقد «فؤاد» الرئاسة المصرية لعدم خروجها على الشعب والتعليق على هذا الخبر وتوضيحه للمواطن الذى يغلى لسماع مثل هذا الخبر الذى يمس بالأمن القومى المصرى. وكان محرر الشئون العربية في صحيفة «هاآرتس» الإسرائيلية تسفي برئيل أكد أن الرئيس المصري محمد مرسي وافق على تركيب أجهزة تنصت ومتابعة إلكترونية على طول الحدود المصرية الإسرائيلية. في إطار شرط وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وهو الطلب الذي كان يرفضه الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي اعتبر أن تركيب هذه الأجهزة يمثل انتقاصاً من الدولة المصرية على مناطقها الحدودية. وتابعت الصحيفة: مرسي وافق على تركيب «أجهزة تنصت ومتابعة إلكترونية على طول الحدود المصرية الإسرائيلية»، في إطار شرط وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وهو أمر لم يكن يتوقع الإسرائيليون أنفسهم قبوله به، إلا أن رغبته في الوصول لاتفاق تهدئة بين حماس وإسرائيل أجبره على القبول بهذا الأمر». وأضاف: أن الكثير من رؤساء وزراء إسرائيل اقترحوا على الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك تركيب هذه الأجهزة، إلا أنه رفض مراراً هذا الطلب، مفضلاً التحاور مع الفلسطينيين بدلاً من تركيبها، خاصة أن هذه الأجهزة لها القدرة على رصد ما يجري في سيناء أيضا وليس متابعة الحركة الحدودية بين مصر وغزة فقط. والمتابع للصحافة الاسرائيلية فى تعليقها على هذا الخبر وأداء الرئيس مرسى خلال الفترة السابقة يجد أن معظم الكتاب والمحللين الاسرائيليين قد تغيرت لهجتهم تماما عند الحديث عن الرئيس مرسى، حيث يصفونه بالاخ والصديق الى آخره. وطلوا علينا بمقالاتهم وتقاريرهم التى تثنى على أداء الرئيس مرسى فيما يخص تعامله مع إسرائيل فيقول «رؤوبين ليف» فى مقال تحت عنوان «أيها الاسرائيليون لا تغضبوا مرسى» أكد ان الرئيس مرسى مصاب بانفصام الشخصية، حيث يرتدى قبعتان قبعة «الرئيس الإخوانى المتشدد» والقبعة الاخرى هى «اصراره على السلام مع اسرائيل» داعيا الاسرائيليين الى ضرورة استغلال هذا الانفصام لبناء علاقات طيبة مع هذا الرئيس. واعتبر رئيس تحرير صحيفة هاآرتس «ألوف بن» أن عملية وقف إطلاق النار مع حماس في غزة أثبتت أن الرئيس المصرى محمد مرسى غير مستعد لاتصالات معلنة مع إسرائيل، بل يفضل إجراء اتصالات مع اسرائيل في قنوات مخفية عن الناظرين. ولهذا يقول «بن» إن المبعوث الإسرائيلي إلى مصر خلال المحادثات كان رئيس الموساد تامير فريدو، وليس وزير الخارجية أو مبعوثاً مدنياً. لكن مرسي بيّن حتى من غير لقاءات مغطاة إعلامياً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن السلام مع إسرائيل هو مصلحة مصرية، بل إنه يخدم مصر في سعيها إلى العودة إلى مكانة الزعامة في المنطقة. وتحت عنوان «مصر في دور حرس حدود إسرائيل» كتب محرر الشئون العربية في هاآرتس «تسيفي برئيل» أن محمد مرسي لم يكن يحلم ابد أن يكون حارس حدود إسرائيل. وأشار «برئيل» إلى أن مرسي قد قبل «بابتلاع ضفدع» بأن يكون الضامن لإسرائيل والولايات المتحدة لتنفيذ وقف النار. وكتب برئيل أنه بفضل الحملة في غزة فان العلاقة بين مصر «الإخوان المسلمين» والولايات المتحدة واسرائيل قد تحسنت الى درجة كبيرة. وفي الصحيفة نفسها كتب «تسيفي برئيل» تحت عنوان «لماذا دُهش بيريز؟» يقول إن الرئيس الاسرائيلى «شمعون بيريز» فوجئ بموقف الرئيس المصري من الأزمة في غزة، بعدما كانت وسائل الإعلام الاسرائيلية قد شهّرت بالرئيس مرسي تشهيرا شديدا. ويضيف أن «بيريز» قال في لقاء مع مبعوث اللجنة الرباعية الدولية «توني بلير» إن مرسى أصبح الآن زميلاً لإسرائيل، فهو صديقنا القريب الذي يُذكرنا فجأة بمصر التي تعودنا عليها في عهد حسني مبارك، ولم يعد الكارثة التي وقعت على الشرق الأوسط واسرائيل، ولم يعد يرمز إلى الشتاء الإسلامي أو إلى الديكتاتورية المخيفة». وأكد «برئيل» ان مرسي الذي أرسل قبل شهر فقط رسالة تصاحب أوراق اعتماد سفير مصر في اسرائيل واستعمل فيها عبارة «صديقي وعزيزي» وأنهى بتوقيع «صديقك المخلص محمد مرسي» تلقى انتقادا كبيرا من وسائل الاعلام المصرية، بسبب هذه الصيغة الجميلة لا من قبل منظمات إسلامية فقط. وأكد «برئيل» أيضا ان الرئيس الاسرائيلى شمعون بيريز قد فوجئ أيضا عندما طلب مرسي من اسرائيل بوساطة قادة جيشه أن تأذن لجيش مصر بإدخال قوات أخرى الى سيناء لمحاربة العصابات – الارهابية - السلفية، لأن محاربة الارهاب من خصائص اسرائيل وحدها. ولهذا لم يكن يتوقع بيريز ان يعمل هذا الأخ المسلم = في الاتجاه الذي ترجوه اسرائيل. لأن مرسى حينما يكافح الارهاب في سيناء فهو أخ، سواء أجعل مصر دولة شريعة اسلامية أم لا أو اهتم باقتصاد الدولة كل ذلك لم يعد يهمنا. فاسرائيل لا تجري حوارا مع الشعب المصري بل نجريه مع مرسى.