دعا أندريا ريكاردي وزير التعاون الدولي الإيطالي إلى ضرورة وجود رؤية مشتركة بين الشرق والغرب تتعرف على الجانب الآخر، رؤية ناضجة تهتم بالمصير المشترك، لا نعني بها التشابه ولكن نعني بها التقارب. وأبدى ريكاردي - خلال محاضرته التي ألقاها ، بمركز الأزهر الدولي للمؤتمرات حول العلاقة بين الإسلام وأوروبا - سعادته لإتاحة الفرصة له للحديث، في جامعة الأزهر التاريخية، في حضور فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر. وأظهر وزير التعاون الإيطالي إعجابه بشخصية فضيلة الإمام كرجل دين حقيقي، يؤثر في المجتمع المصري، مبديًا احترامه لهيئة الأزهر، من علماء وأساتذة وطلاب، ووجه حديثه لطلاب مدينة البعوث الحاضرين، وقال لهم: إنكم في الأزهر تتعلمون الثقافة الإسلامية التي تؤكد على المساواة الأصيلة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات. وأكد على أن الحكومة الإيطالية اهتمت بفتح حوار مع جامعة الأزهر، ويشهد على ذلك لقاءٌ ما بين ماريو مونتي رئيس مجلس الوزراء الإيطالي وفضيلة الإمام الأكبر، والذي كان متأثرًا بتقاليد الأزهر الشريف، وأعتقد أنه أول زعيم إيطالي قام بزيارة هذه المؤسسة، لافتا إلى أن الحكومة الإيطالية مقتنعة بأن الدين الإسلامي يلعب دورًا بارزًا في مصر والعالم الإسلامي. وأضاف، أن الحوار هو أساس الإيمان فالإنسان المؤمن بالله، هو مؤمنٌ بالحوار، سواء بين الأديان أو الناس، فالإيمان هو الحوار، والحياة هي الحوار. واعترف ريكاردي بأن الجهل المشترك بين الثقافة الغربية والعربية كان الشر الأكبر بين الجانبين، وعلى أرض هذا الجهل ترعرع الازدراء والاحتقار، إلا أن اليوم قد تغير الزمن، ويجب علينا أن نعي التغيرات التي حدثت خلال العقود الأخيرة، فالتاريخ مليء بالمفاجآت، ففي عام 1989 انتهت الأنظمة الشيوعية والماركسية، ولم يكن ذلك الحدث أمرًا هينًا، ثم جاءت العولمة، ثم حادث سبتمبر 2001، والتحدي العالمي للإرهاب، هذه الأحداث أنشأت مناخًا مشتعلا من الصراعات بين الغرب والشرق. وأشار إلى أنه أخيرًا وبعد عقد من أحداث سبتمبر، قام الربيع العربي، فوضعت الشعوب حدَّا للديكتاتورية، فأظهرت الأجيال الشابة قوتها وزعامتها للمشهد، وهو ما قاد إلى اليقظة العربية، وكان في ميدان التحرير الجميع الرجال والنساء والمسلمون والمسيحيون، وكان الجميع يعيش من أجل إنشاء الوطن الذي يريده. وأضاف: يلاحظ اليوم علاقة قوية بين الإسلام والديمقراطية، ففي الثقافة العلمانية، فإن الأديان تعوق الديمقراطية، لأنها تضغط على التعدد وحرية والرأي، ولكن هذا التفسير خاطئ تاريخيًا، والمرجعية الدينية لا تضعف الديمقراطية، فهي لا تحرم حرية الغير، وتعدد الآراء. وتمنى الوزير الإيطالي في ختام محاضرته أن تلتقي الحضارة الغربية والشرقية على مفاهيم مشتركة لإقامة حضارةٍ قويةٍ تعتمد على الحوار والمشاركة.