لو أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، ترغب جدياً فى اقامة دولة فلسطينية منذ عشرات السنين، أو على الأقل منذ إبرام اتفاقية السلام التى تزعمها «كارتر» بينه وبين الوفد العربى برئاسة السادات وحسين ملك الأردن وعرفات فى حضور «بيغن» رئيس وزراء إسرائيل بكامب، وكانت لدى واشنطون الرغبة الأكيدة فى انجاز ذلك لما أهدرت كل هذه السنين التى علمت خلالها جاهدة على الآتى: محاولة إضعاف العرب خلق المشاكل فيما بينها، وتمزيق اواصر الألفة والمحبة فى محاولة منها لتفريق الشمل وعدم قيام وحدة بينهم تربطهم جميعاً برباط عقائدى أو سياسى أو أيديولوجى. تحييد كل من مصر والأردن بعد اقرارهما بمعاهدة السلام التى ابرمت بينهما وبين الكيان الاسرائيلى وبذلك يكونان قد استبعدا من قضية الصراع العربى الإسرائيلي عند نشوب أية حرب مستقبلية. تمكين اسرائيل بمرور الوقت من بناء آلاف المستوطنات التى جلبت اليها من دول أوروبا وروسيا الملايين من المهاجرين اليهود. تمكين إسرائيل من اغتصاب آلاف الدونمات من الأراضى الفلسطينية، الأمر الذى أصبح فيه الفلسطينيون لا يمتلكون اكثر من«37٪» من المساحة الكلية للأرض. تسليح اسرائيل منذ اغتصاب الأرض وحتى اليوم بكل انواع الأسلحة التقليدية والذرية والذكية علاوة على احدث المعدلات التكنولوجية ووسائل الاتصال وكل انواع الصواريخ حتى اصبحت اسرائيل تمتلك خمسة اضعاف ما يمتلكه العرب جميعاً علاوة على المفاعلات النووية التى بواسطتها امتلكت القنبلة النووية. مكنت الإدارة الأمريكية اسرائيل من عمل اتفاقات تجارية ثنائية بينها وبين بعض الدول العربية بعد إقامة السفارات وتبادل السفراء فيما بينهم على أمل التطبيع بين شعوب هذه الدول وبين إسرائيل. قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية ودول التحالف «الناتو» بغزو العراق فى 2003 للقضاء على الجيش العراقى الذى كان بمثابة الوجه المرعب والمخيف لإسرائيل بعد استبعاد مصر والأردن والتفكير فى استبعاد سوريا التى هى بمثابة الضلع الثالث للمثلث «مصر سوريا العراق» كدول مواجهة لإسرائيل. التخطيط الأمريكى الأوروبى لوضع خارطة العالم للشرق الأوسط الجديد بعد الحرب التى سقطت فيها اسرائيل عندما قامت بضرب لبنان فى 2006، وكذلك على غزة فى 2008، وبذلك لم يتحقق حلمهما حتى الآن فى فرض خارطة العالم الجديد الا بعد سقوط سوريا الدولة الممانعة والتى تحمل على اكتافها هموم الوطن العربى بأسره وذلك بتمسكها بالمقاومة وبالقومية العربية التى تعمل على الوحدة بين العرب. تشجيع اسرائيل على اغتيال كل القادة البارزين داخل الفصائل الفلسطينية،والزج بالبعض الآخر فى السجون واعتقال الآلاف منهم الذين يشكلون خطراً على المصالح الاسرائيلية حيث بلغ عددهم حوالى «11000» ألف فلسطينى حتى الآن. إقناع حكام الدول العربية أو محاولة إجبارهم على توطين الفلسطينيين المقيمين على أرض هذه الدول مثل سوريا ولبنان والأردن ومنعهم من حق العودة بعد أن بلغت اعدادهم حوالى ستة ملايين، وربما هذه هى أهم العقد التى كانت سبباً فى فشل المحادثات بين الفلسطينيين وبين الاسرائيليين. محاولة كل من اسرائيل وواشنطون انتزاع الاعتراف من الأممالمتحدة على اعتبار القدس هى عاصمة الدولة اليهودية التى اعترف بها كل من «بوش الابن» و«أوباما» لكن ذلك لا يمكن تحقيقه طالما ان هناك دولاً كبرى فى المنطقة مثل الجمهورية الإيرانية وسوريا وحزب الله فى لبنان وحماس فى فلسطين. لكل هذه العوامل التى أوجدتها الإدارة الأمريكية على مدى تعاقبها طيلة هذه السنين ومعها اسرائيل وأوروبا والدول العربية المعتدلة «المستسلمة» لم تحاول جميعها اقامة دولة للفلسطينيين او حتى لاعتراف بهم كدولة شرفية فى الأممالمتحدة لأن ذلك يتنافى مع اقامة الدولة اليهودية الكبرى من النيل الى الفرات، وخاصة بعد ان اصطدمت كل هذه الدول بالحائط المنيع المتمثل فى دول الممانعة والمقاومة حيث انها اصبحت عقبة وعرة فى تمكين هذه الدول من بسط نفوذها فى الشرق الأوسط. لذلك نحن لا نتفق مع دعاة الاستسلام الذين ذهب بعضهم الى الجحيم،ومازال الاخرون يقفون فى الطابور ينتظرون محطة الوصول الباقون مازال لديهم الرغبة فى ان تجد لهم واشنطون حلاً لهذه القضية ترضى كل الاطراف مهما كان الثمن فلا عجب ان نجد كلاً من «محمود عباس» و«دحلان» اللذين وضعا أيديهما فى يد المبعوث الأمريكى «دايتون» للعمل على شطر الصف الفلسطينى، وتجنيد الشرطة فى الضفة لحماية الاسرائيليين، وكذلك دعاة «السلام» من الحكام العرب الذين يتآمرون على المقاومة وعلى سوريا ويقفون جانب الولاياتالمتحدةالأمريكية واسرائيل، يخافون من السلاح النووى السلمى فى ايران ولا يحسبون أى حساب للترسانة النووية التى تمتلكها اسرائيل اصبحت إيران هى العدو، اسرائيل فى نظرهم هى الصديق لانها الدرع الواقية والزراع الطولى فى الشرق الأوسط الذى يحافظ على المصالح الأمريكية فى المنطقة فكيف ومتى ستكون للفلسطينيين دولة..؟ من هنا نستطيع القول بأن الادارة الأمريكية المتمثلة فى الكونجرس ومجلس الشيوخ، وكل الحكومات الأوروبية والعربية مازالوا يحكمون شعوبهم بعقل قديم عقل لا يتعدى القرن الخامس عشر، فهل توقف نمو العقل عند هذا القرن..؟ هل اصبحنا غير قادرين على حل المشاكل لانها اصبحت مستعصية على ايجاد أى حلول لها ونحن فى القرن الواحد والعشرين، نحن بالفعل فى حاجة لعقل جديد يساعدنا على الخروج من الكوارث الرهيبة التى تحيط بنا وتلاحقنا وتتعاظم كل يوم عن سابقه ولم نجد الحلول المناسبة لها ومن أمثلة هذه الكوارث «الأسلحة النوية، ثقب الأزون،المطر الحمضى، ارتفاع درجة حرارة الأرض، الايدز، السرطان، الجرثومة الفتاكة اسرائيل» كل هذه الظواهر التى ساهم العقل القديم فى اختراعها. اصبح اليوم عاجزاً عن ايجاد الحلول لها حتى الدول العظمى التى تنفق ملايين الدولارات فى البحث العلمى وعلى رأسها الولاياتالمتحدةالأمريكية التى تنفق على تسليح جيوشها اكثر من تريليون دولار سنوياً ما يعادل «400» بليون دولار سنوياً على الابحاث الطبية بالمؤسسات الصحية أى بقيمة «13٪» من الموازنة العامة وكذلك تنفق «100» الف دولار على مريض واحد من مرضى الايدز، اى انها تنفق «50» بليون دولار على كل المصابين بهذا المرض ولقد انفقت على الحرب فى العراق وافغانستان «6» تريليونات دولار حتى سنة 2011 تاريخ انسحابها من العراق،ورغم هذا الافلاس الذى منيت به واشنطون ودول أوروبا بعد العاصفة التى عصفت باقتصاد بلدانهم وللاسف لم يستطع العقل القديم بإيجاد حلول تخرجهم من هذه الكارثة الكبرى، وبدلاً من الاجتهاد في البحث عن حلول نجدهم مازالوا يفكرون بشن الحروب على البلدان التى تملك الثروات النفطية لنهب وسلب هذه المقدرات واغتصابها بالقوة أو بالطرق الدبلوماسية الناعمة، بأن تتفق مع حكام هذه الدول بالحفاظ على كراسيهم من إخراجهم من براثن هذا التسونامى العاصف للمال والاقتصاد اللذين أصبحا فى مهب الريح لذلك هم يبذلون كل جهدهم بالاتفاق مع حكام قطر والسعودية وتركيا لمساعدتهم فى رسم خارطة العالم الجديد بعد تمزيق سوريا وايران وأعتقد ان هذا غير ممكن اليوم لأننا فى حاجة الى عقل جديد يستطيع ان يخلصنا من هذه المشكلات العضال..!!