"ضعف مستويات الجدل حول مسودة الدستور أقل بكثير منه فى الدول الاخرى التى حدث فيها ثورات وتحولات ديمقراطية"، جاء ذلك خلال كلمة الباحث نبيل عبد الفتاح خلال لقائه بمعرض تونس الدولى للكتاب، أدار اللقاء الشاعر المصرى ابراهيم داود. وتحدث عبد الفتاح عن جوانب الازمة فى الثقافة الدستورية المصرية قائلا :"أولا ميلاد الثقافة الدستورية والانفتاح الاقتصادى على الحداثة القانونية الأوروبية وتتشابه مصر وتونس فى أن عمليات الاستعارة الدستورية والقانونية كانت أبرز مداخل التحديث السلطوى للقيم والمؤسسات، وبدأت عملية الاستعارة ببعض المفاهيم النظرية فى مجال القانون الجنائى، وأنتشار الثقافة الدستورية والقانونية الحديثة التى جاءت عبر الدور الذى لعبه رجال الفقه الدستورى والقانونى والتطبيقات القضائية ، ودستور 1923 كان نسبيا وتاريخيا من أكثر الدساتير المصرية تأسيسا للحكم النيابى البرلمانى والاكثر ديمقراطية فى تاريخ مصر كله واكثرها اهتماما بالحقوق الفردية وحرياتها، ولكن البلاد شهدت بعض الاتجاهات لدى بعض رجال السياسة للانقلاب الدستورى الذى حدث على أيدى بعض الحكومات". وأشار نبيل عبد الفتاح إلى ملاحظة أن الثقافة الدستورية البرلمانية كانت تتسم بالابتسار الى حد ما ، ولذلك كان استهلاك الثقافة الدستورية والبرلمانية نخبويا وجزءا من ثقافة الحضر والمدن بامتياز ، والنظام البرلمانى فى ظل المرحلة شبه الليبرالية تعرض لمسألة مدى اتساق هندساته السياسية والقانونية مع الشريعة ة من قبل بعض قادة جماعة الاخوان المسلمين وبعض علماء الازهر والجمعيات الاسلامية التى نادت بتطبيق الشريعة الاسلامية ونظام الخلافة وهذا الاتجاه فى الاسلام السياسى سيظل يرفض الدساتير المدنية الحديثة، وأضاف عبد الفتاح أن ابرز أوجه الازمات الممتدة للثقافة الدستورية يتمثل فى ضعف ثقافة الفرد وهناك أشياء ضد بناء الفرد مثل هيمنة ثقافة أبوية ورعائية على الجانب السياسى والاجتماعى وفى كل النظم العربية كان الحاكم الفرد الاب الذى يعكس السيطرة وحدث امتزاج بين السلطوى الدينى والسلطوى السياسى ، وهناك ايضا نزعة ذكورية فى السياسة والقوانين ولم تراعى حقوق المرأة وشكلت هذه الثقافة الاطار الادراكى والمرجعى لثقافة الدولة والدساتير ". وقال نبيل عبد الفتاح إن انتفاضة الشباب أدت الى عودة السياسة الى مصر بعد موتها من خلال عقود فى ظل الدولة التسلطية، والذين تم اختيارهم فى اللجنة التأسيسية للدستور ووضع المسودة كان اختيارهم خاطئ وتراجع مستويات الجدل على المسودات الدستورية فهو اقل بكثير من الدول الاخرى التى حدث فيها ثورات وتحولات ديمقراطية، ويتجلى ذلك فى تراجع مستوى النصوص والالتفاف عليها بالاحالة الى ضوابط عامة وغامضة ، ومحاولة فرض نصوص لا علاقة لها بمصر على الاطلاق ، تكرار تمرير الاخوان والسلفيين لبعض النصوص لجس النبض ، وغياب الالتزام بمعنى مدنية الدولة الذى التزم به رئيس الجمهورية فى خطابه ، عدم دستورية القانون الذى تشكلت بمقتضاه اللجنة التأسيسية ،واعتماد مسودتى الدستور الجديد على دستور 71 ، الركاكة فى الصياغة أو النزعة التشريعية وبروز تصورات فقهية وضعية لفرض السيطرة على القيود العامة والحرية وممارسة الشعائر الدينية ، وخطاب الهوية عام جدا يهدف لاعطاء دور وصائى للدولة والسلطة ومطاردة الكتاب والمثقفين والفن وهذا يضعف من عطائها الابداعى ويضعف روح الامة ، واستخدام الشريعة فى التعبئة السياسية وعمل نوع من الضغط.