هل كانت تحمل بين طياتها مقصا أم شفرة لتنجز به تلك المهمة التى تثير الغثيان ؟ السيدة المنتقبة التى إتخذت من الرداء وسيلة لتنفيذ جريمتها ، إستطاعت فى غفلة من ركاب المترو أن تمد يدها وبسرعة البرق أن تقص شعر تلميذة الصف الثانى الإعدادى ، وتترك بقايا شعرها يهوى على ياقة قميصها ، حتى إذا مانزلت من المترو وتحسسته ، وجدته وقد تطاير فى الهواء ؟ لم تدرك الطفلة أن من أخفت وجهها واتشحت بالسواد ، لم تستطع أن تخفى سواد القلب وضيق العقل ، فكيف لإمرأة فى سن النضج ، من المفترض أنها تعى جيدا أمور دينها أن تغافل طفلة وتطعنها فى أحاسيسها وكرامتها وتتسبب فى إيذائها نفسيا بهذه الطريقة الوحشية ؟ ليس من الشهامة والمروءة أن أتخفى وأتعدى على حرية الآخرين ، ليس من حقى أن أمسك بالسوط لأعلم الآخرين المبادئ والخلق ، أتستر بعباءة الدين ، والحقد والكراهية يسبحان فى الدماء ، بين جوانحى شر دفين ، ليس من الإنسانية بصفة عامة ، والأنوثة بصفة خاصة أن تتحول المرأة إلى كائن غليظ الفؤاد ، فج الحديث ، يبخ السموم وينفث عن الغضب الكامن بصدره دون وعى أو إدراك لكل فعل مشين ، المرأة ذاك المخلوق الذى خصّها الله بالأمومة ، بالسامى من القيم ، وميزها بالرقة والحنان لتلطف الأجواء ، تشيع البهجة وتدخل السرور على كل من حولها ، حتى فى أحلك الظروف تجد المرأة بلسما يداوى الجرح ، تستطيع بقدرتها على العطاء والتحمل معا أن تمتص الغضب ، تجمل الأشياء ، تلملم ماتبعثر وتعيد بناءه من جديد تعطر الليالى وتكفكف الدمع إذا الزورق فى مخالب الإعصار يغرق كنت أظن أن سيدة المترو فى الزحام ستربت بكيفها على التلميذة ، تصبح لها أمّا ولو لدقائق معدودات ، تحتويها ربما داسوا أقدامها ، أو تحرش بها أحد الذئاب رأى فى الزحام وسيلته ، تضمّها خوفا ، تسعى جاهدة أن تهبط بسلام من العربة ، وتدعو الله أن تصحبها السلامة ، كنت أظن أن الإيمان الحقيقى هو ردود أفعالنا مع البشر مابالنا مع الأطفال وكبار السن ، التعامل برفق ولين رسالة مفادها أن تلك هى تعاليم الأديان السمحة ، أين سيدة المترو من أمهات الميدان اللاتى سطرن بدماء فلذات أكبادهن رمزا للخلود ، وهبن كل مايملكن من حب وعرفان للوطن ، ولم يبخلن بالأرواح الغالية فى سبيل الحرية والكرامة ، الحرية التى دفع من أجلها الشعب المصرى آلاف اشهداء والمصابين والمفقودين والكرامة التى عشناها حلما لايفارقنا ،الأمهات اللاتى صرن ممرضات فى لحظات يهرعن لنجدة المصابين ، قدمت المرأة المصرية أروع صورة كعهدنا بها على مر العصور ، قامت الثورة ومازلنا نجاهد من أجل إنجاحها بدستور يليق بكل مصرى عظيم ، المشوار طويل فهناك العديد من عثرات الطريق التى تعيق خروجه للنور ، الخوف كل الخوف ممن يلتفّون على كل طيب ونبيل ، يحوّلونه إلى وجع وأنين هؤلاء من فقدن البصر والبصيرة معا ، الذين وهم يدسون بين طياتهم المقصات والسكاكين ، لايفرقون بين أطفال البراءة ، والتعامل مع المجرمين الكل فى عيونهم سواء