«الإسلاموفوبيا» يستدعى توحيد جهود الحكومات لردع الهجوم ضد الإسلام أدعو لتأسيس أكاديمية لمواجهة التطرف والإرهاب على مستوى العالم بعض الدعاة الجدد حولوا الدعوة إلى «صناعة» وشو إعلامى.. والفضائيات السبب المفكر الإسلامى المغربى الكبير الدكتور محمد البشارى من الشخصيات الإسلامية العامة الرائدة فى فرنسا، فهو أمين عام المؤتمر الإسلامى الأوروبى ورئيس الفيدرالية العامة لمسلمى فرنسا إلى جانب أنه يشغل الآن منصب أمين عام المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة. «البشارى» أحد الشخصيات المؤثرة فى صناعة القرار الإسلامى فى أوروبا، بما له من ثقل فى المحافل والمؤتمرات الدولية والعالمية. المفكر الكبير يؤكد أن ظاهرة «الإسلاموفوبيا» تستدعى توحد الحكومات والمؤسسات الإسلامية كافة مع الشرفاء والعقلاء من العوالم الأخرى والتحام المرجعيات الدينية وثباتهم على مبادئهم السليمة لردع الهجمة الشرسة التى يتعرض لها الإسلام. وقال المفكر الإسلامى الكبير إن ظاهرة الإرهاب والتطرف ظاهرة عالمية تتطلب تضافر جهود كافة المجتمعات والدول فى التصدى لها. ودعا «البشارى» المنظمات الدولية الكبرى إلى مضاعفة الجهود المبذولة لتعزيز لغة الحوار والتسامح والتفاهم بين الأديان والحضارات وعدم الإساءة إليها وازدرائها. «الوفد» التقت المفكر الإسلامى الكبير وهذا نص الحوار. بداية.. ما الهدف من إنشاء المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة؟ أنشئ المجلس من أجل خدمة قضايا المسلمين فى الدول غير الإسلامية من أجل تحصينهم من تيارات التطرف والعنف والعمل على التوفيق بين الانتماء للدين وانتمائهم لأوطانهم والعمل على ترسيخ أسس وقواعد المواطنة الصالحة وتعليم المسلمين التعليم السليم النقى بعيدًا عن كل التيارات المتطرفة، والعناية بقضايا الأسرة والمرأة والطفل، كما يعتبر المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة مؤسسة دولية تهدف إلى تنسيق جهود مؤسسات المجتمعات المسلمة فى الدول غير الإسلامية والارتقاء بدورها الوظيفى لتحقيق الشهود الحضارى تشجيعًا لأفرادها المساهمة فى نهضة دولهم المدنية والثقافية والاقتصادية وتصحيح الصورة النمطية عن الإسلام والمجتمعات المسلمة، وتجسير الهوة الفكرية والثقافية بين مكونات المجتمع الإنسانى. شقَّ رهاب الإسلام أو «الإسلاموفوبيا» طريقه المظلم للمجتمعات غير المسلمة مما جعل هناك عداء لكل ما هو إسلامى ونوعًا من الكراهية فماذا عن دور المجلس فى التصدى لهذا العداء؟ علينا الوقوف على رأس «مأسسة الرهاب» الملصقة بالإسلام لتجديد الوعى السليم وتبديد مصانع الخوف والكراهية اللتين تسخران كمخطط حازم ضد الإسلام والمسلمين فى بعض المجتمعات، ولذا كان لزامًا رسم الخرائط التى تنتج عند تجميعها صورة نقية للعالم بلا شوائب الكراهية، فخطورة ظاهرة «الإسلاموفوبيا» تستدعى توحد الحكومات والمؤسسات الإسلامية كافة مع الشرفاء والعقلاء من العوالم الأخرى والتحام المرجعيات الدينية وثباتهم على مبادئهم السليمة لردع الهجمة الشرسة التى يتعرض لها الإسلام بشكل متزايد فى الألفية الثالثة بتعاضد وتكامل الشق القانونى والسياسى والإعلامى والثقافى وأولاً الإنسانى المرتكز على الفرد بحد ذاته، وفى هذا الصدد يقوم المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة بتحقيق المهام التى تعزز من ممارسات المجتمعات المسلمة فى الدول غير الإسلامية المختلفة وزيادة فاعلية أدائها تجاه أبنائها ومجتمعاتها مرتكزًا على الميثاق العالمى للمجتمعات المسلمة للحقوق والحريات والخطة الاستراتيجية للنهوض بالدور الحضارى للمجتمعات المسلمة فى الدول غير الإسلامية مما يشكل رافدًا معاكسًا لمحاولات تشويه صورة الإسلام والنيل من صورتها النقية، كما تضمنت فى مشروع استراتيجيتها العامة مجالاً للحد من الإسلاموفوبيا وتصحيح الصورة النمطية. وهل تقتصر جهود المجلس العالمى للمجتمعات المسلمة عند هذا الحد فى معالجة هذه الظاهرة؟ لا.. فالمجلس يعمل أيضاً على الحد من انتشار خطاب الكراهية والرهاب وإحلال السلم والتعايش بدلاً منها، والإدانة التامة لكافة الأعمال الإرهابية والمتطرفة بجميع صورها وأشكالها وإدانة كل الانتهاكات الجسيمة التى ارتكبتها الجماعات الإرهابية والمتطرفة، باعتبار أن ظاهرة الإرهاب والتطرف عالمية تتطلب تضافر جهود كافة المجتمعات والدولة فى التصدى لها، أيضاً يعمل المجلس على اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة الظروف المسببة لانتشار التطرف والإرهاب بكل أشكاله سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو فكرية بهدف استئصالها واجتثاثها من جذورها، أيضاً مضاعفة الجهود المبذولة من قبل المنظمات الدولية المعنية بالشأن الثقافى لتعزيز الحوار والتسامح والتفاهم بين الأديان والحضارات وعدم الإساءة إليها أو ازدرائها أيضاً يعمل المجلس على حث القيادات السياسية والدينية من أبناء المسلمين على الامتناع عن استخدام خطاب التعصب ورسائله والتى من شأنها أن تحرض على الكراهية أو التطرف أو العنف أو الإرهاب، وكذلك دعم وتشجيع استخدام وسائل التواصل الاجتماعى ومنصات الإعلام المختلفة لتغطية أخبار مسلمى البلدان غير الإسلامية ونشر ثقافة السلام والتسامح من أجل التقريب بين الحضارات والأديان. تعيش البرامج الدينية فى الإعلام العربى حالة غريبة تتسم بالموسمية وجعلتها أحياناً مثل «صناعة الدراما» موسمية تروّج وتنتشر فى أيام ويخفت ضوؤها فى أيام أخرى فما رأيك وكيف ترى صناعة الدعاة الجدد؟ بعيدًا عن المقارنة المزعج بعضها وهو صناعة الخطاب الدينى عبر الإعلام، وكيف أن البعض حوّل هذا المجال من رسالة قائمة دائمة مطلوبة فى كل وقت وكل مكان إلى صناعة موسمية، حيث يعيش بعض الدعاة طوال العام على ذمة برنامج رمضانى بإنتاج مليونى ضخم، وكأنهم يصنعون سينما ويروجون لفيلم، وهو ما يجعلنا نتساءل لماذا حول البعض «الدعوة» إلى صناعة و«شو إعلامى» وهل أفاد ذلك الشباب المسلم وتحدى التحصين من تيارات الغلو أم أضر بها؟ وكيف يمكننا أن نعود بالدعوة لجادة الطريق لتحقق هدف نشر الخير والمحبة؟ وهل الفضائيات بإنتاجها الضخم والرعايات الإعلانية الكبيرة وعقود الاحتكارات واشكاليات تملق بعض «الدعاة الجدد» لتوجهات فضائية بعينها، هل أضر كل ذلك برسالة الاعلام ومعها رسالة «الدين» أم أفادها؟، إن دخول الفضائيات بالاستثمارات المبالغ فيها فى عملية إنتاج البرامج الدينية وصناعة الدعاة الجدد له قليل من الإيجابيات أمام كثير من السلبيات، فالأزمة فى دخول الفضائيات بعقود احتكارية ورعايات إعلانية وتوجهات بعينها تموّل طرق تفكير وأسلوب معالجة للنوازل الفقهية واحتياجات الناس الروحية أفسد على مسار البلاغ الدينى بإرشاداته ونصائحه وأعطى الفرصة للمتمردين والهواة ومحبى إثارة القضايا الخلافية أحياناً لممارسة أدوار هددت الأمن الروحى للمؤمنين وعرضت قلوب الناس لفتن كبرى ما أنزل الله بها من سلطان، لذا أدعو لضرورة مراجعة تمويل هذه النوعية من البرامج التى تهدم كثيرا وتشكك كثيرًا فيما تم بناؤه وتشييده من قبل مؤسساتنا الدينية الكبيرة فى عموم العالم الإسلامى. ما تقييمكم للجهود التى تبذل من قبل المؤسسات التى تسعى لتصحيح الأفكار المغلوطة والاشكاليات القائمة عن الإسلام وربطه بالإرهاب وما خطوات المواجهة من وجهة نظركم؟ حقيقة أن هناك جهودًا واقعية تبذل لتصحيح الأفكار المغلوطة والإشكاليات القائمة لكن بكل أسف يحدث ذلك فى دوائر محلية مغلقة بعضها قاصر على تجارب محلية واشكاليات اقليمية ربما، بينما بالمقابل نجد أن الإرهاب فى واقعة إرهاب مترابط ربما بما يفوق جهود مواجهته وتحليله، فإننا ونحن نترصد الأزمة والمعاناة التى يحياها العالم أجمع من ويلات الأزمة الحقيقية مع الجماعات الإرهابية نجد تنسيقًا واقعًا بين قيادات الجماعات الإرهابية فى القاعدة وداعش وغيرها فى مختلف أنحاء العالم، وبين الجيوب الإرهابية لداعش تارة وربما القاعدة فى بعض المناطق وبقيت ذئابهم المتفردة تهديدًا حيًا للجميع فى أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط بل وأفريقيا، وانطلاقًا من وحدة التهديد الإرهابى الذى يتهدد العالم أجمع ربما تتجلى فى ذهنى فكرة ورؤية لأكاديمية عالمية لمواجهة التطرف والإرهاب وممارساتهما تجمع فى طياتها جهودًا فكرية وعلمية تجمع بين جهود الشرق والغرب تتخذ مقارا رئيسة لها فيهما، بل وتتعاون مع كافة المنصات العربية والغربية العاملة على معالجة فكرة التطرف والإرهاب وتنتج للعالم أجمع رؤية أكاديمية جديدة فى مواجهة خطر يتهددنا جميعًا، وتبقى كافة الأديان السماوية منه بريئة براءة بالفعل تستوجب تعاونًا حقيقيًا وليس صوريًا فى هذا المجال. أخيرا.. ما تقييمك لعمل المؤسسات الدينية الدعوى والخيرى الإسلامى؟ العمل الدينى والدعوى والخيرى الإسلامى فى الشرق والغرب يقوم على مؤسسات دينية تختلف تلك المؤسسات ما بين مؤسسات فردية أو حكومية، أو روابط جماعية، أو كيانات كبيرة ومستقلة، ومؤسسات تعمل بخطط استراتيجية تقوم على أهداف مترتبة يكمل بعضها بعضًا وفقًا لجداول زمنية يلمس الشارع والحكام أثرها وتكمل جهود الدول والأفراد والمجتمعات فى النهوض بالأمة الإسلامية من كبواتها، ونؤكد أن الديمومة والاستمرار والقدرة على التأثير والبقاء كجزء مؤثر من تاريخ تلك المؤسسات الدينية لن يكون على الاطلاق بالعمل الفردى، أيضاً التنازع لا يستقيم وعمل المؤسسات الدينية والعمل البناء الصادق المخلص يحقق أهدافه يقينًا، لأننا نقوم جميعًا فى المؤسسات الدينية على مهمة البلاغ عن رب العباد، فليس علينا إلا العمل الجاد المخلص والله وحده هو من يتولى عنا إنجاح المهام.