لا توجد نقطة تماس بين المسلسل وأفلام الأبيض والأسود.. ورفضت مشاهدة «الحرافيش» حتى لا أتأثر بأدائهم لا أخشى المنافسة بين أعمال الحقب الزمنية.. والديكور حفزنا كممثلين لإخراج أفضل ما لدينا لهذا السبب ابتعدنا عن الدماء فى مشاهد الأكشن.. والضرب ب«النبوت» كان حقيقياً يرى الفنان ياسر جلال فى الفن متنفسا لأفكاره وطموحاته التى تتأرجح بين مطرقة الخيال وسندان الواقع، يتبع أسلوباً وطرحاً معاصراً فى تناول القضايا المؤرقة، فى العام الماضى تناول تأثير الاستروكس وخطورته على الشباب فى مسلسل «لمس أكتاف»، وهذا العام قرر أن يبحث فى سيكولوجية شخصية «الفتوة» الذى كان نموذجا وملمحا مهما فى تاريخ مصر. بجلباب مصرى ونبوت يستخدمه للإتيان بحقوقه وحقوق أهالى حارته بالجمالية، يرصد جلال الجوانب النفسية والإنسانية فى حياة «الفتوة» برؤية جديدة ومختلفة بعيدا عن الطرح الذى تم استخدامه فى أفلام الأبيض والأسود التى لاقت نجاحا واستحسانا جماهيريا كبيرا. يكشف «جلال» فى حواره مع «الوفد» عن الرسالة التى يهدف إليها العمل، ولماذا اختار حقبة الخمسينات لتدور حولها الأحداث، ومدى تشابهها مع أفلام فريد شوقى قديما، كما تحدث عن أجواء التصوير فى عهد فيروس «كورونا» المستجد. وإلى نص الحوار.. حدثنا عن ردود الفعل التى جاءتك عن المسلسل إزاء عرض حلقات الأسبوع الأول من رمضان؟ - ردود الفعل التى جاءتنى عن المسلسل إيجابية حتى الآن، وسعيد بها، ومنحتنا جميعا كفريق عمل حافزا قويا لاستكمال التصوير بشكل هادئ. هل نجاح العمل كان متوقعا من البداية؟ - هناك مؤشرات استباقية يمكنك من خلالها استشراف نجاح العمل من عدمه، خاصة إذا كنت تتعامل مع شركة إنتاج قوية وصامدة، وطاقم عمل متميز ولديه قدرات فنية كبيرة، لكن يظل الفنان ينتظر مردود المشاهدين حول العمل وكأنه أول مرة يمثل. كيف رصدت ردود أفعال الجمهور؟ - لست متابعا جيدا للسوشيال ميديا، لذا أرصد ردود أفعال المشاهدين من خلال الناس فى الشوارع، ومن كتابة النقاد عنى، ونسب المشاهدة فى المحطة الفضائية، وعدد الإعلانات. تناولت السينما والدراما شخصية الفتوة مثل «سعد اليتيم»، و«الحرافيش»، و«المطارد»، و«التوت والنبوت» وغيرها من الأعمال الهامة.. ما الجديد هنا فى مسلسل «الفتوة»؟ - السينما والدراما تناولت «الفتوة» بشكل مغاير، وبعيدا عن الطرح الذى نتناوله فى مسلسل «الفتوة» حيثُ نبحث فى سيكولوجيته ونقدمه بشكل جديد ومعاصر يتناسب مع أجواء 2020، كما أن الحقبة التى يدور حولها العمل لم تتطرق إليها السينما والدراما من قبل وهذا أكثر ما حمسنى للعمل. ألم تخشَ من مقارنة العمل مع أفلام الأبيض والأسود التى تناولت شخصية «الفتوة»؟ - لا أخشى من المقارنة، لأن المسلسل يتناول عصر الفتوات من منظور معاصر، لم تتطرق إليه الدراما والسينما من قبل، مع تقنيات التصوير الحديثة والتطور التكنولوجى على مستوى الكاميرات وتقنية الجرافيك. فهو عمل أكشن يتخلله خط رومانسى، وقصص إنسانية واجتماعية. يعتبر الكاتب الكبير نجيب محفوظ من أبرز الكتاب الذين ناصروا شخصية «الفتوة» فى أفلامه ورواياته، وشوهته الأفلام حاليا وحولته ل«بلطجى».. برأيك الفتوة مناضل أم بلطجى؟ - الفارق بين الفتوة والبلطجى ليس كبيرا فما هى إلا شعرة صغيرة تفصل بين الاثنين، الفتوة أشبه بالحاكم الذى يطبق العدالة الغائبة فى المجتمع، والآخر يجمع الإتاوات مقابل حمايتهم، وفى عصر الفتوات اتصف بالشرف والنبل والقوة، فى مقابل الفتوات الذين استخدموا قوتهم البدنية وسلطتهم فى الظلم والبطش وفرض الإتاوات على الفقراء والمستضعفين. ولكن الفتوة معروف أنه يخترق القواعد والقوانين ويعتمد على نبوته فى جلب حقوقه وحقوق الآخرين؟ - المسلسل يعرض نموذجين للفتوة الأول الجدع المهموم بقضايا أهل حارته، ويسعى لجلب حقوقهم، ويناصر المظلومين، وآخر سيئ يستعرض عضلاته وسلطته فى البطش وفرض الإتاوات ويخيف أهالى منطقته بالنبوت. معظم الأعمال الفنية القديمة التى تناولت عصر الفتوات كان بها مشاهد دموية عديدة.. لماذا تم التخلى عن ذلك فى المسلسل؟ - ركزنا على الجوانب النفسية والمادية فى شخصية «الفتوة» الذى يحمى أهل حارته ويسعى للإتيان بحقوقه وحقوق الآخرين. وحاولنا بقدر الإمكان تجنب المشاهد الدموية بحيث يتناسب مع جمهور الشاشة الصغيرة الذى غالبا يكون من الأسر والأطفال، لذا تجنبنا استخدام السكين أو الأسلحة البيضاء وما شابهها فى تنفيذ مشاهد الأكشن، مع التركيز على حل أى مشكلات أو خلافات بالرجوع إلى شيوخ الحارة. وكيف تم الاستعداد لشخصية «حسن الجبالي» لتخرج بهذا الشكل؟ - الشخصية كانت مكتوبة بشكل جيد، وبها الكثير من التفاصيل الغنية، وكان علىّ أن أصنع لها ملامح روحية خاصة، استعنت ببعض الكتب والمراجع كى أطلع على الشخصية بشكل جيد، وأدرس كافة جوانبها النفسية والاجتماعية والمادية، أما فيما يخص الملابس استعنا بالاستايلست مونيا، التى اختارت لنا ملابس تناسب هذه الحقبة. هل اطلعت على أفلام فريد شوقى وحمدى غيث أشهر الفنانين الذين قدموا شخصية «الفتوة» للوقوف على نقاط القوة والضعف؟ - أفلام الفنانين الكبار فريد شوقى وحمدى غيث تربيت عليها، ولكن لم أفعل ذلك حتى لا أتأثر بأدائهما، قررت أن يكون لى أدائى الخاص والمتفرد لأن الهدف من العمل تقديم الفتوة بشكل جديد ومعاصر. هل تلقيت تدريبات لمعرفة كيفية التعامل مع النبوت؟ - تدربت عليه على يد مصمم مشاهد الأكشن عزب، وتعلمت منه كيفية استخدامه والتعامل به، فهو فى حاجة لقوة تحمل وقوة عضلية، فالسلاح المستخدم فى مشاهد الأكشن هو النبوت. مشاهد الأكشن التى تم استخدام النبوت فيها حقيقية أم جرافيك؟ - اعتمدنا على القتال الحقيقى ب«النبوت»، وليس جرافيك، الضرب فى المسلسل كان حقيقياً، مما أدى لتعرضنا لإصابات، وأنا على المستوى الشخصى تعرضت لإصابة فى أحد المشاهد التى جمعتنى بالممثل ضياء عبدالخالق حيث وجه النبوت بالخطأ نحو بطنى. أعمالك دائما تحمل رسالة هامة.. ما الذى تريد إيصاله لجمهورك من خلال «الفتوة»؟ - أردنا أن نظهر روعة وجمال الحارة المصرية وأصالة وشهامة أولاد البلد الجدعان، ويتطرق العمل إلى العادات والتقاليد المصرية الرائعة التى يتحلى بها سكانها، والكثير من الجيل الحالى لا يعرف عنها شيئاً، ومن منطلق هذا أحب أشكر المهندس أحمد عباس على كل العبقرية فى تنفيذ ديكور الحارة الشعبية، والذى ترك انطباعا لدينا كممثلين وجعلنا نشعر بأصالة وعراقة حارات مصر العتيقة، مما ساعدنا على الاندماج فى التمثيل. بين الأمس والحاضر كيف اختلف مفهوم الفتوة؟ - ظهر عصر الفتوات فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر، وهى الفترة التى اتسمت بتراخى الحكم العثمانى، وعودة المماليك للسيطرة على مقاليد الحكم، ليظهر الفتوة الذى اكتسب شرعية وجوده من الشعب أو الحرافيش، ليصد بنبوته أى عدوان يقع على الحارة سواء كان من المماليك أو غيرهم، وكان لهم دور كبير فى صد العدوان الفرنسى والاحتلال الإنجليزى، اندثر عصر الفتوات الآن ولم يتبق منهم سوى النبابيت والشوم. من خلال معايشتك لهذه الحقبة فى المسلسل.. هل تمنيت أن تعيش فى هذا العصر؟ - أعجبت بطريقة تعامل الناس مع بعضها، واحترام مشاعر الآخرين، إلى جانب الجدعنة والشهامة التى كان سمة رئيسية فى هذا العصر، لكن الحياة قديما كانت بدائية جديدا عكس الآن مع التطور التكنولوجى أصبحت الحياة أكثر سلاسة وبساطة، قديما الإضاءة كانت تعتمد على لمبات الجاز وهو ما أصابنا بالاختناق أثناء التصوير. حدثنا عن أجواء التصوير فى ظل انتشار فيروس كورونا، وهل أثرت تلك الظروف على مشاهد التجمعات بالعمل؟ - الجهة المنتجة استعانت بمتخصصين لتطهير مواقع التصوير أكثر من مرة يومياً، ونحن نستخدم جميع المطهرات لتجنب الإصابة، ونسعى لوجود مسافات بين كل شخص وآخر. وفيما يخص بمشاهد التجمعات، نحن انتهينا منها قبيل ظهور فيروس كورونا فى مصر، كما كان معنا فى التصوير فريق طبى يقوم بتطهير لوكيشن التصوير بالكلور وغيره من المواد، وطوال الوقت كان هناك طبيب متخصص يقوم بقياس درجة الحرارة لكل فريق العمل. فى «الفتوة» العمل يعود بنا إلى 100 عام مضت.. فى حين يستعرض مسلسل «النهاية» العالم بعد 100 عام من الآن.. ألم تخشَ من المنافسة معه؟ - الفتوة مرجع تاريخى للشباب للاطلاع على تاريخ بلدهم، أى شخص يرسم نظرة أو يضع سيناريو مستقبليا بناءً على الماضى، لم أرها منافسة فالأمر بالنسبة لى متعة فنية وأيضاً بالنسبة للجمهور، فهو أمام عملين واحد يوثق له حقبة تاريخية هامة فى حياة مصر وهو «عصر الفتوات» الذين كان لهم دور وطنى فى فترة الاحتلال الإنجليزى، وعمل آخر يستعرض له العالم بعد 100 عام من الآن، وعليه أن يقيم هذه الحقب من منظوره الشخصى هو. وماذا عن المنافسة بين دراما الحقب الزمنية مثل مسلسل «ليالينا» للفنان إياد نصار، والذى يدور فى فترة الثمانينات؟ - أتمنى النجاح لمسلسل «ليالينا» و«النهاية»، التنافس هنا يصب فى صالح المشاهد، وكل ممثل له طعم ومذاق مختلف عن الآخر. هل تشارك فى اختيار طاقم الممثلين، أم أنك تؤمن بالتخصص وأن تلك مسئولية المخرج؟ - لا أتدخل فى أمور لا تخصنى، فى هذه الحالة يكون رأيى استشاريا إذا طلب منى ذلك. ما الإجراءات الاحترازية التى تتبعها لحمايتك من الفيروس؟ - وضعت عدة خطط للوقاية بشراء المستلزمات الوقائية المتمثلة فى القفازات والكمامات والمطهرات، فأنا لا أخرج من البيت إلا لأجل تصوير مشاهد العمل فقط، ثم أعود إلى المنزل. وقبل دخولى أقوم بتعقيم نفسى. أربك كورونا حسابات بعض الفنانين الذين لهم طقوس رمضانية معينة، ياسر جلال كيف يمضى أيامه فى رمضان؟ - عادة أحب أن أقضى شهر رمضان مع أسرتى، فى حالة عدم وجود تصوير، وأنا حاليا منشغل بالتصوير. كيف تختار الأدوار.. خاصة بعدما أصبحت نجما وحققت نجاحات كبيرة؟ - أختار الأعمال التى تحمل رسائل ومضامين هادفة، فالفن بالنسبة لى وسيلة أعبر من خلالها عن أفكارى وطموحاتى بعيدا عن الربح المادى، فعندما يعرض على العمل الذى أجد نفسى فيه ويعكس مبادئ أقرر على الفور أن أقدمه من غير تفكير. هل من الممكن أن ترفض عملا لا تؤمن به رغم المغريات المادية الكبيرة؟ - تربيت على حب المهنة من خلال والدى المخرج الراحل جلال توفيق، وكذلك دراستى بالمعهد العالى للفنون المسرحية، فلا أتنازل عن قناعاتى مهما كانت الإغراءات المادية. أقدم العمل الذى أؤمن به فقط. البعض يرى أنك تهتم فقط بعملك ولا تظهر كثيراً فى المناسبات الاجتماعية ما تعليقك؟ - أظهر عندما يكون هناك داع للظهور، بالإضافة إلى أننى لا أحبذ فكرة الظهور فى الأضواء باستمرار، وأنا فى العموم أحب أن أقضى أغلب الوقت مع أسرتى. ما السر وراء غيابك عن السينما؟ - حاليا أنا منشغل بأعمالى الدرامية، ولا أستطيع الدمج بين الدراما والسينما فى آن واحد، أنتظر العمل الذى يناسبنى. كيف ترى برنامج شقيقك رامز جلال والانتقادات الموجهة له؟ - رامز مجتهد، وسعيد بخطواته الفنية، فهو دائما يبحث عن فكرة جديدة ومختلفة لإمتاع الجمهور، وأعتقد أن برنامجه يعتبر من أنجح برامج المقالب ليس فى مصر فحسب وإنما فى الوطن العربى، ولا يوجد خلاف بينه وبين أحد من زملائه بالوسط الفنى.