يتساءل الناس عن رأى الشرع فى مسألة حكم الدعاء على الأمريكان الذين أصابهم إعصار ساندى وخاصة أن فيهم مسلمين ؟ وعن ما هو حكم الدعاء عامة فى وقت الكوارث ؟ وما الذى يجب أن يفعلة المسلم عندما تحدث مثل هذه الكوارث ؟ يجيب على هذه التساؤلات الدكتور عبد الحليم منصور أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون جامعة الأزهر، حيث يقول : غير المسلمين قسمان هما : قسم محارب للمسلمين ، ومعادٍ وغير مسالم لهم ، فهؤلاء يجب علينا أن نرد اعتداءهم بالمثل كما أمر القرآن الكريم ، حيث يقول (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى) وهؤلاء يجوز الدعاء عليهم ، كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام مع أهل بدر ، وغيرهم من الكفار الذين يحاربون الإسلام وأهله . فقد روى البخاري وغيره عَنِ ابن عَبَّاسٍ قال قَنَتَ رسول اللَّهِ شَهْراً مُتَتَابِعاً في الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ وَالصُّبْحِ في دُبُرِ كل صَلاَةٍ إذا قال سمع الله لِمَنْ حَمِدَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ الأَخِيرَةِ يَدْعُو عليهم على حي من بني سُلَيْمٍ على رِعْلٍ وَذَكْوَانَ وَعُصَيَّةَ وَيُؤَمِّنُ من خَلْفَهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ يَدْعُوهُمْ إلى الإِسْلاَمِ فَقَتَلُوهُمْ قال عَفَّانُ في حَدِيثِهِ قال وقال عِكْرِمَةُ هذا كان مِفْتَاحَ الْقُنُوتِ ) أما القسم الثاني كما يقول الدكتور منصور وهم غير المسلمين الذين بيننا وبيهم معاهدات سلام وأمان وتعاون في مجالات الحياة المتعددة العلمية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية وغير ذلك فهؤلاء لا يجوز الدعاء عليهم ولا المساس بهم ولا الاعتداء عليهم ونفوسهم محترمة ومكرمة في الإسلام قال تعالى :{ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً } كما حرم الاسلام الاعتداء عليهم بالقتل أو غيره قال تعالى } وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً } ، بل إن إنقاذ نفس واحدة من هذه النفوس المشرفة على الهلاك بمثابة إحياء وإنقاذ للبشرية كلها قال تعالى : } مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ } ويؤكد منصور أن الإسلام يحرم ظلم غير المسلم والاعتداء عليه ، بل الرسول عليه الصلاة والسلام حجيج من ظلم واحدا من غير المسلمين ، فعن عبد الرحمن عن زيد بن رفيع قال قال رسول الله من ظلم معاهدا أو كلفه فوق طاقته فأنا حجيجه إلى يوم القيامة " . وفي صحيح البخاري عن جَابِرِ بن عبد اللَّهِ رضي الله عنهما قال مرت بِنَا جَنَازَةٌ فَقَامَ لها النبي وَقُمْنَا له فَقُلْنَا يا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ قال إذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَةَ فَقُومُوا " وما روى البخاري أيضا أن سَهْلُ بن حُنَيْفٍ وَقَيْسُ بن سَعْدٍ قَاعِدَيْنِ بِالْقَادِسِيَّةِ فَمَرُّوا عَلَيْهِمَا بِجَنَازَةٍ فَقَامَا فَقِيلَ لَهُمَا إِنَّهَا من أَهْلِ الأرض أَيْ من أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالَا إِنَّ النبي مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ فَقَامَ فَقِيلَ له إِنَّهَا جِنَازَةُ يَهُودِيٍّ فقال أَلَيْسَتْ نَفْسًا وقال أبو حَمْزَةَ عن الْأَعْمَشِ عن عَمْرٍو عن بن أبي لَيْلَى قال كنت مع قَيْسٍ وَسَهْلٍ رضي الله عنهما فَقَالَا كنا مع النبي وقال زَكَرِيَّاءُ عن الشَّعْبِيِّ عن بن أبي لَيْلَى كان أبو مَسْعُودٍ وَقَيْسٌ يَقُومَانِ لِلْجَنَازَةِ " ومن خلال ما تقدم يرى منصور أنه لا يجوز للمسلمين الدعاء على غير المسلمين الذين لا يحاربوننا ، ولا توجد بيننا وبينهم عداوة ، قال تعالى (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) . بل إن واجب المسلمين أن يهبوا لنجدتهم وإنقاذهم لأنهم نفوس محترمة ، ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) كما لا يجوز الدعاء عليهم ، أو تمني موتهم كما يفعل البعض ، وإنما يكون الدعاء على المعتدين ، الظالمين ، المحاربين ، منتهكي الحرمات والحقوق ، سفاكي الدماء ، فهؤلاء وأمثالهم هم من يتوجه إليهم هذا الدعاء عند من يرى جواز الدعاء على الأعداء ) .