لم يعد التليفزيون المصري هو الشاشة المفضلة للمواطن المصري. ووصل الأمر بالمشاهد المصري انه لم يعد من الأساس يتابع قنواته المتعددة سواء المحملة علي الأقمار الصناعية، وما أكثرها أو الأرضية وهي أكثر. ورغم هذا الكم الهائل من القنوات التي تنوعت بين الدراما، والمنوعات، والسينما، والثقافة، والرياضة . إلا ان جميعها خرج من المنافسة بخسارة كبيرة. أسباب انهيار منظومة الإعلام المصري أو دولة الإعلام المصري معروفة للكثير من خبراء الإعلام، ولان الأمر تفشي كالسرطان في جسد ماسبيرو أصبح العامة من الناس علي دراية بأسباب هذا الانهيار. وكما قلنا مسبقاً لا وزير الإعلام الحالي صاحب النزعة الإخوانية صلاح عبدالمقصود يتحمل أسباب هذا الانهيار كما لا يتحمله كل من سبقوه ممن جاءوا بعد الثورة لانهم جميعا ورثوا تركة محملة بالأعباء المالية، وكم هائل من البشر وصل عددهم إلي 47 ألف عامل. لكن الذي يتحمله عبدالمقصود باعتباره ضمن تشكيل وزاري هو الأكثر استقراراً منذ اندلاع الثورة المصرية هو عدم سعيه إلي التحسين. فهناك برامج مازالت تظهر بنفس الديكورات القديمة التي كنا نشاهدها قبل الثورة خاصة ديكور برنامج «مصر النهارة» مازال يظهر في أغلب البرامج التي تعرض علي الهواء مباشرة. أيضا مقدمو البرامج ليسوا علي مستوي المنافسة الكبيرة مع الفضائيات الأخري؛ أغلبهم يفتقد للقدرة علي الحوار وبعضهم من عديمي الثقافة، وآخرون رغم مستواهم الجيد إلا أنهم يقعون ضحية للإعداد الضعيف، وبالتالي لماذا يجلس المشاهد أمام برامج سطحية، وهناك قنوات يعود تاريخ ميلادها إلي ثلاث سنوات، وأخري عمرها لم يتعد العام تفوقت علي التليفزيون الرسمي. هذا معناه ان هناك خطأ كبيرا في المنظومة. منذ أيام تابع الكثيرون منا خبر انتقال الإعلامي المصري تامر أمين الي قناة روتانا مصرية. وهو بالمناسبة ابن التليفزيون المصري لكنه مُنع من الدخول بعد الثورة بحجة انه من الفلول. وهو منطق غريب ان نفقد موهبة إعلامية لمجرد انه كان يعمل بالتليفزيون خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك. رغم ان هناك 47 ألف موظف كانوا أيضا يعملون خلال عهد الرئيس السابق. لكن علي ما يبدو ان ما كان يحصل عليه تامر أثار حفيظة البعض رغم ان الأمر عرض وطلب. ليس تامر أمين فقط الذي فقده التليفزيون المصري لكن هناك أسماء أخري أين مريم أمين؟ وهي نجمة أخري لها نجاحات في العديد من البرامج التي عرضت علي قنوات فضائية كبيرة لها حجم مشاهدة عال مثل أبوظبي ودبي. وهناك مني سليمان إحدي نجمات قناة الجزيرة مصر حاليا، وهي لديها من القدرة ان تدير قناة بمفردها وليس برنامجا. وأيضا ريهام السهلي التي تحمل علي عاتقها برنامج 90 دقيقة بقناة المحور. ويجب ان نتوقف كثيرا أمام معتز الدمرداش صاحب التاريخ الطويل سواء في قراءة نشرة الأخبار ثم عالم تقديم البرامج حتي أصبح من أهم مقدمي التوك شو في العالم العربي. وريم ماجد بنت النايل تي ڤي سابقاً، وحاليا هي نجمة الإعلام الخاص حيث تقدم أحد أهم برامج التوك شو في «أون تي. في» وحافظ المرازي بن إذاعة صوت العرب، وهو الإعلامي الكبير وأحد الذين ساهموا في صنع مجد قناة الجزيرة ببرنامجه «من واشنطن» ومحمود الورواري نجم قناة العربية الآن. هذه الأسماء تستطيع ان تجعل ماسبيرو أهم تليفزيون ليس علي المستوي العربي فقط، ولكن علي مستوي العالم. بما لهم من ثقافات متعددة، وخبرات طويلة، وأداء رشيق وممتع أمام الشاشة. لدرجة أننا كلما نشاهدهم نلعن اليوم الذي جعل أهل ماسبيرو يفرطون في هذه الأسماء أما عن عمد أو عن طريق عدم الدراية بقدراتهم. وفي الحالتين يسقط ماسبيرو لانه فرط في هذه الأسماء. وهم الآن يصنعون تاريخ الفضائيات المنافسة كما انهم يصنعون تاريخا للدول الأخري التي تنتمي لها هذه الدول علي حساب إعلامنا ذي الخمسين عاماً. هذه الأسماء ربما نرصدها بحكم انتشارها الآن. لكن هناك مقدمين برامج آخرين فقدناهم بحكم بلوغهم سن التقاعد رغم ان الإعلام ليس به معاش. كيف نفرط في درية شرف الدين أو فريدة الزمر أو نجوي إبراهيم، وهن مازلن في قمة لياقتهن الإعلامية. وزير الإعلام المصري عليه أن يضع خطة للنهضة، وتكون علي رأسها عودة بعض هذه الأسماء لإنقاذ ماسبيرو. وكل ما نرجوه ان يتعامل الوزير بمهنية معهم، وليس بلغة الحسابات والأجندات علي اعتبار ان هذا كان مع النظام السابق، وهذا كان ضده. لان أغلبهم كان يضع قضايا المواطن علي رأس أولوياته ودخلوا في صدمات مع الحكومة. وأتمني ان يقيد الوزير لبرنامج «مصر النهارة» ويرصد ما كان يقدمه من قضايا. هذا علي سبيل المثال لا الحصر. وهناك برامج أخري، وفي النهاية تراجع الشاشة ليس سببه مقدمون البرامج فقط. هناك أشياء أخري سوف نستعرضها مستقبلاً.