بينما تتخطى حصيلة الوفيات بفيروس كورونا المستجد 200 ألف اليوم السبت، دعت الأممالمتحدة إلى التعبئة العامة لتسريع إنتاج لقاح يوضع في متناول الجميع معتبرة أنها الوسيلة الوحيدة لاحتواء وباء يشل الاقتصاد العالمي. ولكن التغلب على هذه الجائحة التي أرغمت نصف سكان العالم على الانزواء في منازلهم وأغرقت الكوكب في ركود لا سابق له، يتطلب وفق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بذل "أكبر جهد" عرفه التاريخ في مجال الصحة العامة، بعد أن أودى الوباء بحياة أكثر من 193 ألف شخص في العالم. وارتفع عدد الوفيات في أوروبا وحدها إلى أكثر من 120 ألفًا وفق آخر حصيلة أعدتها فرانس برس من مصادر رسمية يوم السبت. وما زالت إيطاليا تتقدم في عدد الوفيات (25969) على إسبانيا (22902) تليها فرنسا (22245) ثم بريطانيا (19506). لكن هذه المصيبة تخفي أخرى؛ فمع توقف حركة النقل وإعاقة توزيع الناموسيات والأدوية، يواجه نحو 400 ألف إنسان إضافيين خطر الموت بسبب الملاريا هذا العام، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية. وبالفعل في زيمبابوي، ازداد عدد حالات الملاريا بنحو 50% مقارنة بالعام الماضي، و"من المحتمل أن مرضى الملاريا يبقون في منازلهم بدلًا من التماس العلاج" في المستشفى مخافة التقاط فيروس كوفيد-19، وفقًا لنورمان ماتارا من جمعية أطباء زيمبابوي لحقوق الإنسان. وذكرت منظمة الصحة العالمية أن عدد الوفيات بسبب الملاريا في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى قد يصل إلى 770 ألفا هذا العام، أو "ضعف ما كان عليه في عام 2018"، بينما يصادف السبت اليوم العالمي لمكافحة هذا المرض الذي وعلى عكس كورونا المستجد، يُصيب الأطفال بشكل خاص. وبدأ السباق بين المختبرات لإيجاد العقار المناسب، إذ تجري ست تجارب سريرية خصوصا في بريطانياوألمانيا، لكن غوتيريش قال إن الرهان يتعلق بالتوصل إلى لقاح وعلاج "ميسوري الكلفة وآمنين وفعالين" على أن يتاحا "للجميع وفي كل مكان"، محذرا من حل يستثني الفقراء. وتجري هذه المبادرة بمشاركة العديد من دول أوروبا، القارة الأكثر تضررا التي سجلت 119 ألف وفاة. لكن لم تكن الصين التي رصدت فيها أول إصابة بالمرض في ديسمبر، ولا الولاياتالمتحدة حاضرتين لدى طرحها. في الولاياتالمتحدة التي يعاني اقتصادها بشدة كغيرها من جراء القيود المفروضة لاحتواء الوباء، وقع ترامب خطة مساعدة جديدة تبلغ قيمتها نحو 500 مليار دولار للتخفيف من أعباء الشركات والمستشفيات، والوضع ملح لأن إجمالي الناتج الداخلي للبلاد سيتراجع بنسبة 12 بالمائة هذا الفصل، ومعدل البطالة سيرتع بنسبة 14 %. والوضع سيئ في إيطاليا أيضا حيث يتوقع أن يرتفع الدين والعجز العام إلى مستويات مخيفة، ويتوقع أن يتراجع إجمالي الناتج الداخلي لثالث اقتصاد في منطقة اليورو بنسبة 8 % هذا العام. في أوروبا حيث لم تتوصل دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين حتى الآن إلى تفاهم لتمويل خطة إنعاش واسعة، تعمل الحكومات بسرعة. وفي قطاع السياحة الذي يهدد الوباء فيه ما يصل إلى 75 مليون وظيفة، تعهدت دول مجموعة العشرين الجمعة "بدعم الإنعاش الاقتصادي". وبدأ المسلمون صيامهم دون صلاة الجماعة والإفطار العائلي والموائد العامة وأغلقت أبواب المساجد ومنعت التجمعات. وأعرب العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز مساء الخميس عن "ألمه" لحلول شهر الصوم في مثل هذا الوضع، مشددا على أن هذه الإجراءات هي "للمحافظة على أرواح الناس". وحذرت منظمة الصحة العالمية من التراخي في الإجراءات لأن التهديد بموجة ثانية للوباء لا يزال قائمًا. وتستعد ألمانيا لذلك عبر بناء الجيش مستشفى يضم ألف سرير. في الولاياتالمتحدة، قررت شبكة تضامن أن تقدم لمقدمي الرعاية الصحية سيارات تخييم متنقلة حتى يتمكنوا من العيش بالقرب من أحبائهم، مع الحد من مخاطر نقل العدوى لهم. وقال أنيش صموئيل، إخصائي أمراض الرئة من نيو جيرسي، الذي فضل هذا الحل على غرفة الفندق التي عرضتها عليه المستشفى إن "البقاء بعيدًا عن العائلة صعب، لكنني أستطيع على الأقل رؤيتهم". لكن العديد من الدول اتخذت خطوات لتخفيف القيود، مثل سريلانكا التي أعلنت أنها سترفع حظر التجوال ابتداء من يوم الاثنين. وإلى جانب تدمير الاقتصاد والأزمة الصحية وإجراءات "التباعد الاجتماعي" التي فرضها، يواصل الوباء قلب طريقة حياة كثيرين بأشكال عدة.