بعد عام على إبرام صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط الذي كان مأسوراً لدى الفصائل الفلسطينية، ما زال الأسرى المحررون المبعدون إلى قطاع غزة يفتقدون الشعور بالاستقرار ويأخذهم الحنين إلى عائلاتهم ومدنهم بالضفة الغربية والقدس رغم نيلهم حريتهم خارج قضبان السجون الإسرائيلية. وأبعدت إسرائيل إلى غزة 163 أسيراً في إطار صفقة التبادل التي أبرمتها في 2011 مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) برعاية مصرية، والتي شملت إطلاق سراح شاليط مقابل الإفراج عن أكثر من ألف أسير فلسطيني. ويقول أحد الأسرى المبعدين إلى غزة عطا فلنة (46 عاما) والذي يعيش مع زوجته التي حضرت من مدينة رام الله: إن الفرحة لم تكتمل، فهي منقوصة بشكل كبير «لأننا أبعدنا عن أهلنا وعائلاتنا. أفتقد أهلي وعائلتي في المناسبات والأعياد وخصوصا في شهر رمضان». ويشعر بالحنين إلى أسرته في الضفة الغربية، لا سيما إلى ابنته سجود (22 عاما)، التي تعيش مع زوجها وابنتيها في رام الله، وابنه الأصغر جهاد (20 عاما). ويقول فلنة المنتمي إلى حركة الجهاد الإسلامي، وقضى في السجون الإسرائيلية 19 عاما بحسرة، «صحيح أننا في وطننا في فلسطين لكننا مفصولون هنا عن الضفة الغربية، الإبعاد عقاب شديد والإنسان يشعر بالحنين دائما إلى بلده وأهله». ويقول فلسطينى آخر «كنت أتوقع أن يكون الدعم المادي بالنسبة للأسرى أكبر، لأن الراتب الذي أتقاضاه لا يكفي لإنسان يبتدئ حياته». ويشكو الرجل من أنه اضطر إلى التنقل بين أكثر من شقة للإيجار لعدم وجود منزل خاص به في غزة، الأمر الذي أعاد له شعور التنقل من سجن لسجن. أما هلال جرادات (46 عاما) الأسير المبعد من مدينة جنين، شمال الضفة -والذي ينتظر مولوده الأول من زوجته التي اختارها من سكان غزة- فما زال يحلم بأن يعود إلى بيته في الضفة الغربية، ووصف الإبعاد بجريمة إنسانية وقال: «ما زلنا ندفع الثمن حتى بعد خروجنا من السجن». ورغم تقاضي الأسرى المحررين راتبا شهريا من السلطة الفلسطينية، لا يخفي جرادات -الذي ينتمي إلى حركة فتح وقضى في السجون الإسرائيلية 27 عاما- شعوره بالإحباط ويوضح قائلا: «كنت أتوقع أن يكون الدعم المادي بالنسبة للأسرى أكبر، لأن الراتب الذي أتقاضاه لا يكفي لإنسان يبتدئ حياته». ويطالب الحكومة المقالة في غزة بأن يكون لأسرى فتح والفصائل الأخرى حصة في مشاريع الإسكان التي ترعاها حماس ولا تقتصر فقط على أسراها. وتقدم جرادات مطلع الأسبوع بشكوى لمركزين حقوقيين ضد شرطة المرور في حكومة حماس بسبب «الاعتداء» عليه أثناء محاولته استرداد سيارته التي تم حجزها في مركز الشرطة التي تديرها حماس في مدينة غزة. أما عبد الرحمن غنيمات (40 عاما) والذي أفرج عنه العام الماضي أيضا بعدما قضى 15 عاما من مدة الحكم الصادرة بحقه، وهي خمسة مؤبدات بتهمة الانتماء لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، فيتمنى هو الآخر العودة لبلدته في الخليل لرؤية والديه وأهله. ولم يتمكن غنيمات من لقاء والديه إلا مرة واحدة منذ الإفراج عنه وذلك أثناء لقائه بهما في السعودية العام الماضي خلال أدائهم مناسك الحج. ويقول غنيمات الذي رزق حديثا بمولوده الأول ، «حتى اللحظة نحن محرومون من رؤية الأهل لأن الاحتلال يرفض السماح لهم بالمجيء إلى غزة». ورغم أن إسرائيل حكمت عليه بالإبعاد الدائم إلى القطاع فإن الرجل يبدو متفائلا ويقول: «خرجت من السجن بعد قضاء 15 عاما فقط، وبإذن الله قرار الإبعاد هذا أيضا لن يدوم وتتفاوت مدة إبعاد هؤلاء الأسرى إلى قطاع غزة ما بين السنة والإبعاد الدائم». وتقول مصادر فلسطينية إن 18 منهم ينهون إبعادهم في الذكرى الأولى لإبرام الصفقة فترة في انتظار سماح إسرائيل لهم بالعودة إلى الضفة الغربية والقدس».