أيام ترحل وماضٍ يبتعد.. وتظل الذكريات قصصًا صامتة.. وأحداثًا تنطوى.. وحوادث تمضى.. إلا أنها تترك فينا أثرًا لا يزول.. ففى حياتنا ذكريات لا تُنسى مهما مر عليها الزمان. تبحث «الوفد» فى ذكريات رجال القضاء والشرطة جرائم تركت بصمات بارزة فى سجل الماضى.. وفى كل أسبوع نسرد جريمة من ذكرياتهم. الزمان – 2015 المكان - مركز العسيرات بسوهاج الواقعة - سرقة وقتل (قتيل التوك توك) اللواء خالد الشاذلى الخبير الأمنى، يحكى لنا جريمة وقعت أحداثها منذ خمس سنوات، وما زالت عالقة فى ذاكرته، لأنها راح ضحيتها شاب صغير، على يد ثلاثة عاطلين بدون ذنب اقترفته يداه البريئتان، سوى أن العاطلين طمعوا فى سرقة عربة التوك توك الخاصة بالمجنى عليه، وشاءت إرادة الله تعالى أن تكشف خيوط تلك الجريمة البشعة، وينال المجرمون عقابهم على أيدى العدالة، ولقد توافقت هذه الواقعة مع المقولة الشهيرة بأن «الجريمة لا تفيد»، وتطابقت نهايتها مع قول الله عز وجل (إن ربك لبالمرصاد). يقول اللواء خالد الشاذلى: فى يناير 2015 عندما كنت أعمل مديراً لمباحث سوهاج، تلقينا بلاغاً من أهالى قرية النويرات بعثورهم على جثة محمود مرزوق، 14 سنة سائق توك، من قرية الأحايوة غرب التابعة لمركز العسيرات فى ترعة القرية، فانتقلنا إلى مكان البلاغ وتبين أنه مخنوق بسلك وبه إصابات متفرقة بالرأس والوجه، كما تبين من التحقيقات أن المجنى عليه محرر له محضر غياب منذ أسبوع مضى عقب خروجه صباحاً بالتوك توك الخاص به، فقمنا بإخطار النيابة العامة التى أمرت بدفن جثة الشاب القتيل بعد تشريحها لبيان سبب الوفاة، وكلفتنا بالتحرى عن الواقعة وسرعة ضبط الجناة. بدأ فريق البحث الجنائى الذى قمت بقيادته، فى العمل ليل نهار لكشف خيوط الجريمة، وكانت المهمة شاقة لعدم اتهام أهل المجنى عليه لأى شخص بارتكاب الجريمة وكذلك عدم وجود شاهد إثبات، كما أن المجنى عليه من أسرة بسيطة وليس لهم خلاف مع أحد بالقرية أو القرى المجاورة، فقمنا باستدعاء المسجلين خطر فى قرى المركز المراكز المجاورة والمعروف عنهم ارتكاب مثل هذه الجرائم، ولكننا لم نتوصل إلى شىء، واستمر العمل لأسبوعين متتاليين، وكادت القضية أن تقيد ضد مجهول لولا عناية الله التى شاءت أن تكشف غموض تلك الجريمة البشعة وينال المجرمون عقابهم على أيدى العدالة. فقد أبلغنا أحد مصادرنا السرية بأن شاباً عاطلاً من قرية المجنى عليه يدعى حاتم محمود، 16 سنة، كان يريد بيع بعض قطع غيار توك توك، فقمنا باستئذان النيابة العامة وألقينا القبض عليه واصطحبناه إلى مركز الشرطة، وبتضييق الخناق عليه ومواجهته بالتحريات وشهادة الشهود، انهار واعترف بأنه استعان بزميليه رائد حسن، 16 سنة، ومحمد على، 17 سنة، واستدرجوا السائق الصغير بحجة توصيلهم لقرية النويرات ليلاً نظير مبلغ عشرين جنيهاً، وفى الطريق قاموا بخنقه بسلك وألقوه فى ترعة القرية واستولوا على التوك توك ولاذوا بالفرار، فقمنا بالقبض على زميليه واعترف الثلاثة بجريمتهم تفصيلياً أمام النيابة العامة وأرشدوا عن التوك توك المسروق، فأمرت بحبسهم على ذمة التحقيقات وإحالتهم محبوسين إلى محكمة جنايات سوهاج فعاقبتهم بالسجن المشدد 15 سنة.