سحاب أبيض أحاوره ، على بعد آلاف الأميال من الأرض ، تأمّلته صنعت منه ميدانا ، هذا دائرى متشابك ، لانعرف من أين يبدأ ، وكيف ينتهى به المصير ، هذا هرم مقلوب ، على مقربة منه مربعات متراصّة خائرة القوى ، طال بها الوقوف ، فى الركن البعيد مستطيل همجىّ ، هربت منه الكتلة ، بعدما تبدّل حال الحساب والهندسة ، فصار واحد فى واحد يساوى الكثير ، فى المنحنيات ضاع الخط المستقيم ، لغة الضاد تتأرجح بين ماض وحاضر ، فتهرب النقط من الحروف ، فى الضباب الكثيف ، يطل نسر ، يتوسد علما ، ترتعد فرائصه خوفا من غد مجهول . قلق يامصر الثورة ....ذبت بحرف كبّلنى ، أوقدنى ، جلجل فى كفّى ، أهدانى وردا من شوك ، وجواد العتمة يخطو كنجم ، يتخبط أفلاكا ، وحروف الصبح كما النيران ، أتألق فى حزنى ، القلق فى عينى ،والقلب من الهدم يعانى ، وينادى : ياوطنى ياساكن كل الأحياء ، هاأنذا بين جدار وجدار ، كحروف جفت ، تتساقط من حولى ، أنزلق الآن غريبا نحو القيعان ، بقاياى الباردة تتناثر فوق الحائط ، تنقش ألما فى إطارات الصور يامصر لن أفوّض أمرى ، لغيرى لن أرضى وأسلّم دون قتال ، لن أرفع راياتى المهترئة ، لن أرضى من غير حوار ، مازال يرهقك الأقزام ! جفاف ياوطنى .....أعترف بعجزى أحيانا عن الكتابة ، قلمى أصبح رمزا للكآبة ، وأن بركان الألم الغائر فى صدرى ، مازال حبيسا يتفجّر ، يغلى كالمرجل ، يزأر ، وأن حروفى باهتة اللون ، وخواطر قلمى مرتبكة جفت محبرتى مرات عدة ، وانتحرت أقلامى بعد لهاث لايتوقف فوق الأوراق المشطوبة ، لكنى لم أبلغ بعد المرتبة الدنيا فى وصف شجونى ، وضجيج الأحزان يدقّ الصدر ، يلاحقنى ، فرّت كل إجاباتى ، وانهارت أركانى ، حين تحوّل حلم القلم هشيما ، هامت نفسى فى ظلام ، لم يبق فى الوادى حرف ، أو شجر ، أو بعض ركام يامصر أين الحراس ؟ إنّى أخشى الطوفان !