وزير التعليم العالي يبحث تعزيز التعاون مع الإمارات ويتابع تنفيذ فرع جامعة الإسكندرية بأبوظبي    موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 للثانوية العامة والكليات المتاحة    حزب الجبهة الوطنية: تلقينا أكثر من 170 طلب ترشح لانتخابات مجلس النواب    نائب محافظ قنا يتفقد منظومة التقنين ويتابع البرنامج التدريبي لحصر أملاك الدولة    تطوير التعليم بالوزراء يعلن إطلاق أول دبلوم للمعلمين المصريين على أنشطة التعلم الياباني «توكاتسو»    «صحة الحيوان» ينظم برنامجا تدريبيا لطلاب «الطب البيطري» في جامعة الملك سلمان    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    كاتب إسرائيلى يدعو العالم لوقف مخطط حكومة بلاده لإبادة الفلسطينيين فى غزة    الأونروا :هناك مليون امرأة وفتاة يواجهن التجويع الجماعي إلى جانب العنف والانتهاكات المستمرة في غزة    شبكة بريطانية : محمد صلاح لاعب استثنائي وتألقه مع ليفربول فاق كل التوقعات    متي يرسل الأهلي بطاقة وسام أبو علي الدولية لنادي كولمبوس ؟ مصدر بالنادي يجيب    ليفربول يحتفل بإنجاز محمد صلاح غير المسبوق    قبل انطلاق الدوري.. الزمالك يدعم صفوفه في الكرة النسائية بعدة صفقات جديدة    بمقابل مالي.. حبس سيدة وشخصين آخرين بتهمة إدارة شبكة منافية للآداب بالتجمع الأول    الأرصاد الجوية : استمرار انخفاض الحرارة وظهور سحب والعظمى بالقاهرة 35 درجة    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    انهيار والدة وزوجة مدير التصوير تيمور تيمور فى جنازة الراحل    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" للبحث العلمي    وفاة ابن شقيق أروى جودة بعد أيام من إصابته في حادث دراجة نارية    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    "الصحة" تقدم 30 مليون خدمة طبية وعلاجية بالمحافظات خلال 6 شهور    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    اليونيسيف تطالب بممارسة كافة الضغوط على إسرائيل لدخول المساعدات إلى غزة    السر في اللائحة الداخلية، طريقة انتخاب مكاتب اللجان في مجلس الشيوخ    بمشاركة شقيقه.. أحمد سعد يتألق بأغنية «أخويا» في حفله ب «ليالي مراسي»    عاجل- الهيئة القومية لسلامة الغذاء: خلال الأسبوع الماضي 506 إذن تصدير لحاصلات زراعية.. والبطاطا والفراولة على رأس قائمة الخضراوات والفواكه المصدرة    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    اليورو يتراجع فى منتصف تعاملات اليوم الأحد 17 أغسطس 2025 بالبنوك المصرية    حظر بيع وتداول وتركيب عدادات المياه غير المدموغة من مصلحة المصوغات والموازين    طلاب الثانوية العامة يؤدون امتحان مادة اللغة الثانية دور ثان.. فيديو    مصر تحصد ذهبية تتابع المختلط في بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 سنة    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    الخارجية الروسية: نأمل أن يكون المرشح المصري المدير العام الجديد لليونسكو    "لا يصلح".. نجم الأهلي السابق يكشف خطأ الزمالك في استخدام ناصر ماهر    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    الأنبا مقار يترأس القداس الإلهي بكنيسة البابا أثناسيوس بالعاشر    فتنة إسرائيلية    إصلاح الإعلام    صفقات الأهلى الجديدة قنبلة موقوتة    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأحد 17 أغسطس 2025    "زيزر صنع فارق وتريزيجيه لم يقدم المنتظر"..نجم الزمالك السابق يعلق على أداء الأهلي ضد فاركو    نتنياهو: لا اتفاق مع حماس دون إطلاق الأسرى دفعة واحدة ووقف الحرب بشروطنا    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    وكيل صحة سوهاج يصرف مكافأة تميز لطبيب وممرضة بوحدة طب الأسرة بروافع القصير    رابط نتيجة تقليل الاغتراب.. موعد بدء تنسيق المرحلة الثالثة 2025 والكليات والمعاهد المتاحة فور اعتمادها    الداخلية تكشف حقيقة مشاجرة أمام قرية سياحية بمطروح    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    عمرو حسن: وسائل منع الحمل متوفرة فى الوحدات الصحية مجانا وآمنة وفعالة    خطأ أمريكي هدد سلامة ترامب وبوتين خلال لقائهما.. ماذا حدث؟    يسري جبر يوضح ضوابط أكل الصيد في ضوء حديث النبي صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الوهاب بدرخان يكتب :انتعاش «الخط الإخواني» السوري ترقّباً للانتخابات الأميركية
نشر في الوفد يوم 04 - 10 - 2012

أظهرت معركة حلب، عملياً، عجز النظام عن الحسم، بل غيّرت طبيعة الأزمة. صحيح أن لديه تفوّقاً نارياً على قوات المعارضة، لكن الخسائر المتوقعة تجبره على تجنيب القوات التي يستطيع الوثوق بها حرب شوارع مكلفة. والحسم في حلب يتطلّب بالضرورة أن يُستَبق بتأمين دمشق وريفها، وهو الآخر صعب المنال.
فبعد شهرين من القتال في حلب، وما تخلله من اقتحامات وقصف مدفعي وصاروخي وغارات جوية، ظلّت خطوط التماس كما كانت متصَوّرة مسبقاً، أي أن قوات النظام توجد واقعياً في الجانب الجنوبي - الغربي للمدينة حول المواقع العسكرية وفي ما يتاخمها من أحياء غير سُنّية وأخرى سكنية للبورجوازية الحلبية غير المنخرطة في المعارضة. أما الجزء الأكبر من المدينة فيقع تحت سيطرة قوات «الجيش الحر» والمجموعات المناصرة لها. وثمة سجال بين الطرفين يتبادلان فيه شوارع وأبنية ومواقع لا تغيّر مسار المعركة.
تبدو حلب سورية في 2012 كما لو أنها بيروت أواخر 1975، تحديداً مع استهداف الأسواق، عصب التجارة والاقتصاد، مع فارق الميزة التاريخية الفريدة لأسواق حلب التي أحجم حتى المغول عن التعرّض لها. من الواضح أن النظام لم يعد يعتبر حلب «عاصمته» الاقتصادية. فعلى رغم تأخرها أكثر من عام في الثورة عليه، إلا أن انقلابها ضدّه أفقده اليد العليا في المواجهة، وأسقط عنه غطاء «الدولة» الوهمي ليظهره بوجهه الميليشيوي الحقيقي. انتظرته المدينة طويلاً علّه يفلح في الخروج من النفق الذي اندفع ودفع البلاد اليه، ولم تتخيّل أنه سيكون على هذا القدر من التهور والغباء واللامسؤولية وحتى اللاوطنية، وكان أن راح يقفل تباعاً شوارعها فمدارسها وجامعاتها فمصانعها وشركاتها الى أن أقفل أسواقها، وها هو يحرقها ويدمّر آثارها وسياحتها. كان النظام جرّب كل أنواع الإجرام في مختلف المدن والمناطق قبل أن تبدأ معارك دمشق ثم حلب. كان خرّب درعا وحمص وحماه وإدلب ودير الزور وأريافها. كان تحسّب منذ زمن لدمشق وخصّص مدفعية الحرس الجمهوري في قاسيون لدكّها متى حانت لحظته، فالعاصمة كانت دائماً في وعيه ولا وعيه مدينة مفقودة. ومع ذلك، تبقى حلب الأكثر ايلاماً، فهي التي تصنع الفارق في مصيره وتقرّب لحظة الوداع بينه وبين السلطة. لذا فهو لم يكتفِ بما أنزله بها من خسائر، وإنما يريد لعقابه لها أن يكون منهجياً مديداً.
وطالما أن الأزمة صارت دولية والقوى الخارجية تمنحه الفرص والترخيص فلماذا لا يمعن في القتل والتخريب. لم يعد ممكناً حصر الأحياء التي سوّاها بالأرض في الكثير من المدن والبلدات، بما في ذلك بعض دمشق، ويسعى الى تكرار ذلك في حلب، على سبيل الوداع والطلاق البائن. فسورية لم تعد بلده ولم يعد رئيسها أو مسؤولاً عنها. انه مكلّف فقط بتدميرها وإعادتها عقوداً كثيرة الى الوراء. انه يقاتل في انتظار أن تنجلي المساومة الخارجية لتحين لحظة المساومة الداخلية. فكلّ ما يعنيه من الاستمرار في القتال هو هذه المساومة لتحسين شروط الرحيل وتأمين حصة لأنصاره ومعارضيه الموالين في أي صيغة سياسية مستقبلية، وعدا أنه وضع هؤلاء في بؤرة النار فإنه لم يدرك أن كل يوم زائد يمضيه في السلطة يقوده الى أسوأ السيناريوات، وسيكون محظوظاً اذا تُرك وأعوانه المجرمون يتوارون بدل أن يمثُلوا أمام المحكمة الجنائية الدولية لتقتصّ منهم لقاء ما ارتكبوا من جرائم ضد الانسانية.
ولأن لحظة حلب - دمشق تقترب، حتى لو طال انتظارها وثقلت كلفتها الدموية، فإنها تؤشر الى مرحلة تنقضي لتبدأ ما يفترض أن تكون المرحلة النهائية، وهي الأصعب على الاطلاق، وربما الأكثر كلفة بشرية وإنسانية. ويبدو أن العرض الذي قدّمه المجتمع الدولي، بمناسبة الجمعية العامة للأمم المتحدة، لأسوأ ما يمكن أن يكون عليه العجز وخيبة الأمل، قد أطلق حراكاً اقليمياً في اتجاه خطوات حاسمة لحصر خريطة المعارضة سياسياً وبالأخص عسكرياً. وبما أن السر الشائع هو أن الجميع، الروس مثل العرب والاوروبيين، ينتظرون ما بعد الانتخابات الاميركية، فإن زائري نيويورك لم يسمعوا من الاميركيين ما يفيد بأن «ما بعد» الانتخابات سيختلف جذرياً وفعلياً عمّا قبلها. والسبب أن معطيات الأزمة لم تتغير على النحو الذي يتيح تدخلاً مجدياً ومتسارعاً. اذ إن مندوبي الاستخبارات على الأرض نقلوا صورة مثيرة للاهتمام عن تقدّم القدرات القتالية لدى مجموعات المعارضة والوضع العسكري في مختلف المناطق، لكنهم سجّلوا مخاوف من التشرذم وتعدد «الجيوش الحرّة» وضعف التنسيق أو انعدامه في ما بينها، وكذلك إحباطها مشاريع توحيدها، فضلاً عن فوضى التسليح وتهريبه وخطوط الإمداد وتنافس المصادر التي توفر الأسلحة وإيثارها جهات أو مناطق بعينها. وفي المقابل، استنتج الاستخباريون أن الخريطة السياسية للمعارضة لا تقلّ اضطراباً وتشتتاً، وأعطوا تقويماً سلبياً ل «المجلس الوطني السوري» وصلاته الضعيفة بالداخل، لكنهم أوصوا بالحفاظ عليه باعتباره إطاراً يتمتع بشيء من التعددية وقد راكم خبرة يمكن تطويرها، بشرط مواصلة الجهد الذي بدأ في كنف الجامعة العربية أوائل تموز (يوليو) الماضي لبلورة معارضة ذات رؤية موحدة. أكثر من ذلك، أشعل الاستخباريون الضوء الأحمر في ما يتعلّق بنشاط الجماعات الجهادية التي يصنّفونها ارهابية وتبين لهم أنها استقرّت في بعض القرى ولا صلة بينها وبين «تنسيقيات الثورة» التي ترتاب بأن النظام تعمّد نشرها لتكون «دليله» في وصم معارضيه ب «الارهابيين».
ليس مؤكداً بعد اذا كان هذا المزاج الاميركي المتغامض هو ما ترجمته القاهرة «الإخوانية» باستضافة لقاء هو الأول من نوعه وضمّ خمساً وعشرين حزباً وجماعة، بينها «اخوان» سورية في طبيعة الحال، توحّدت للمرة الأولى في تاريخها في ما سمّي «التجمع السوري للإصلاح». وعلى رغم التنوع الفكري لهذه الهيئات، إلا أن الخبراء يعتبرون خطّها العام «إخوانياً»، ولذا لم يكن السلفيون في عدادها، لكن غيابهم عُزي الى عدم وجود جماعات منظمة ومعروفة للسلف في سورية. تزامن ذلك مع الاعلان عن تأسيس «القيادة المشتركة للمجالس العسكرية في سورية»، وما أمكن فهمه أن الاثنين يتحركان على خط اسلامي، ففي حين كانت المباركة المصرية - التركية ل «التجمع» بادية، ظلت الرعاية التي تحظى بها «القيادة» غير واضحة وإنْ نُسبت الى دول خليجية. وتأتي ولادة «التجمع للإصلاح» عشية المؤتمر الموسع ل «المجلس الوطني» في الدوحة الذي سيشهد توسيعاً لعضوية هيئته العامة من 250 الى نحو 450 عضواً. أما «القيادة المشتركة» فتبدو نائية بنفسها عن القيادة الحالية ل «الجيش الحر» (العقيد رياض الاسعد)، ولعلها أُنشئت بعد تباطؤ جهود قيادة «الجيش الوطني» (العميد محمد الحاج علي) في توحيد القوى العسكرية للمعارضة.
الأكيد أن الملاحظات الاميركية واستحقاق ما بعد الانتخابات دقّ ما يشبه النفير لدى مجموعة «أصدقاء شعب سورية» التي أدركت أن واشنطن لا تزال تعمل على «القناة الروسية» لبناء خطة تنحية لبشار الأسد، لكنها لا تستطيع تسريع جهودها ما لم يكن هناك «بديل» متكامل وموثوق بالتزاماته لدى المعارضة، عسكرياً وسياسياً. فهل دارت الأحداث دورتها في الأزمة السورية لتعود الى الخط «الإخواني»، كما في تونس ومصر والى حدٍ ما في ليبيا من خلال انتخاب رئيس الوزراء الجديد؟ وهل كان شرط «إخوان» مصر للتدخل أن يقبل «اخوان» سورية بهذه الصيغة التوحيدية في «التجمع السوري للاصلاح»؟ وهل جرى تلزيم توحيد العسكر وتسليحهم للخليجيين بالتنسيق مع تركيا (والاردن) وبإشراف اميركي وأوروبي سيتضح لاحقاً؟ أسئلة يثيرها توزيع الأدوار في الحراك الاقليمي الراهن مع ما يرافقه من امتعاض هنا واستياء هناك ورضا هنالك.
نفلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.