لم يتخيل وهو يشد رحاله إلي الدار الآخرة في مثل هذا اليوم من العام 1970 أن سنوات عمره ال 52 ستحدث جدلاً كبيراً يستمر بين أجيال مختلفة، ولعقود، بل لم يكن يتصور أن ينسب لاسمه تيار سياسي كامل مازال يناضل من أجل كرامة للأمة العربية. الشاب "جمال عبد الناصر حسين سلطان" أبرز قيادات ثورة يوليو 1952.. حكم الدولة المصرية باتساعها المديد وهو في ال36 فقط من عمره، ليكون رجل الحرب والسلام الأول، رجل السياسة والاقتصاد.. فرغم أن اثنين لا يجتمعان عليه، لكن الجميع يشهد بأنه العربي الأشهر والأكثر جدلاً للعالم الخارجي في القرن الماضى، بل والحاضر. تأتي ذكري رحيل الزعيم عبد الناصر هذا العام مختلفة عن الأعوام السابقة، ربما لأن الرئيس مرسي الذي يتربع علي كرسي حكم مصر- الذي اعتلاه "ناصر" لمدة 16 عاماً- هو أبرز قيادات الجماعة التي حاربها "ناصر"، ولم يكن يأتى بخيال الأخير أن يرأس أحد أبنائها مصر. الرئيس المصري الحالي "محمد مرسي" لم ينس عبد الناصر وذكره في مناسبتين مختلفتين الأولي بشكل غير مباشر في خطابه الأول بميدان التحرير حين قال الرئيس القادم من مدرسة الإخوان جملته الشهيرة: "الستينيات وما أدراك ما الستينيات"- في اشارة فسرها البعض بأنها تحمل كراهية من مرسي لهذه الحقبة التي عانت فيها جماعته.. وبشكل مباشر حيث صحح "مرسي" الالتباس عند البعض حين أشاد بعبد الناصر خلال مؤتمر دول عدم الانحياز بطهران، مذٌكراً زعماء العالم بأن عبد الناصر كان من مؤسسي هذه الحركة. لكن موقف الرئيس مرسي من ناصر لم يحتمل غموضاً طويلاً حيث تأكد موقف مرسي قبل يومين من الآن، حين أوفد وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى، نائباً عنه لحضور ذكري رحيل عبد الناصر، لوجوده بالجمعية العامة للأمم المتحدة، والذى جنبه موقفا عقائديًا محرجًا قد يضطره لوضع إكليل من الزهور علي قبر رجل اختلف مع الاخوان بل وحاربهم كثيرا. كما غاب عن الذكرى الثانية والأربعين لرحيل "ناصر" جماعة الإخوان المسلمين بكل قياداتها وتشكيلاتها وشبابها، بل وتجاهلها السلفيون ورفقاؤهم، بحجة الانشغال بالصراعات الداخلية والاستعداد للانتخابات البرلمانية. إلا أن ردة الفعل الشعبية ورغبة التيارات المضادة للإخوان فى الاحتفال أجبرت الرئيس وجماعته على الاحتفال بذكرى عبد الناصر، خاصة أن الذكرى تزامنت مع إطلاق "التيار الشعبي" للمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحى، كما وجدتها الأحزاب الناصرية فرصة سانحة لإعلان الاندماج فى حزب "التيار الناصري" ضد ما سموها "القوى المضادة للثورة". وبذلك يخالف مرسي ما فعله المشير حسين طنطاوي العام الماضي، باعتباره الرجل الأول في السلطة، حيث حضر بنفسه ذكري عبد الناصر، فضلا عن الاهتمام الإعلامي الكبير بالذكرى، لدرجة جعلت نجل عبد الناصر يصف طنطاوى بأنه "ناصري" الهوى. وشارك المئات من مريدي الرئيس الراحل عبد الناصر، أسرته في إحياء ذكرى رحيله الثانية والأربعين صباح اليوم الجمعة، بحضور عدد من الشخصيات العامة والقيادات الحزبية، أبرزهم مصطفى بكري، وحمدي الفخراني، عضوا مجلس الشعب السابق، ومحمد سامي، رئيس حزب الكرامة. كما شارك اليوم أيضاً المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، نقيب المحامين سامح عاشور في احياء ذكري الرئيس الراحل، وقراءة الفاتحة علي قبره. وفي الذكري ال 42 لرحيله طالب مؤيدو عبد الناصر الرئيس مرسي بأن يسعي لوضع مصر علي مكانة عالمية وإعادة هيبتها مثلما كانت في "عهد ناصر"، كما طالبوه بتحقيق العدالة الاجتماعية التي حققها ناصر ولم ينسها الشعب المصري حتي اليوم.