أثارت انتخابات الكنيسة الأرثوذكسية لاختيار البطريرك القادم الذي سوف يحمل اسم بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الكثير من الأقاويل واللغط حول كيفية اختياره ومكانة المرشحين للكنيسة التي يجب أن يشغلوها قبل التقدم للترشح علي الكرسى البابوى. "بوابة الوفد" التقت الدكتور مينا بديع عبدالملك.. الباحث في الدراسات القبطية وعضو المجمع المصرى والأستاذ بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية والجامعة الأمريكية لكشف غموض تطبيق لائحة الكنيسة عند اختيار البطريرك الجديد فكان هذا الحوار الذي طالب خلاله الباحث القبطي بضرورة استبعاد «7» مرشحين من المطارنة والأساقفة من جملة ال «17» مرشحاً للمنصب على الكرسى البابوى بعد أن وصف تطبيق لائحة «57» ب «المشبوهة» مطالباً البابا القادم بالتمسك بتعاليم الصلاة فقط والابتعاد عن السياسة..!! لماذا تطالب باستبعاد «7» من المرشحين لانتخابات البابا القادم؟ - في البداية.. أؤكد أن جميع المرشحين محترمون ولكني أطالب بتطبيق نص وروح اللائحة الكنسية وتقاليدها فقط وليس لإقصاء مرشحين بعينهم، حيث إن اللائحة تؤكد نقطتين وهما: أن البطريرك لقب كنسي وليس بترقية بمعني أن الأسقف لا يرقي إلي بطريرك والمطران أيضاً لا يرقى إلى بطريرك، كما أن البطريرك هو أسقف الإسكندرية، لذلك يتم اختياره من بين الرهبان ليقام أسقفاً للإسكندرية وفي نفس اللحظة يأخذ لقب بابا بطريرك وعليه لكي يكون البطريك القادم بابا للإسكندرية لابد أن يختار من بين الرهبان ليقام أسقفاً علي الإسكندرية وليس أسقفاً أو مطراناً. هل تخص بطلبك استبعاد الأساقفة والمطارنة ال «7» المرشحين؟ - نعم وهذا أمر طبيعي بأن يقتصر المرشحون للكرسي البابوي على 10 مرشحين وهم الرهبان فقط، وهذه المطالبة لا تعد إهانة للمرشحين ولا تقليلاً من شأنهم بالعكس هم نجحوا في أماكن خدمتهم وكلنا نسعي إلي المحافظة علي تقاليد الكنيسة المتبعة من القرن الأول الميلادى. نفهم من ذلك أنه لو أجريت الانتخابات البابوية علي صورتها الحالية بالمرشحين «17» سندخل في مرحلة طعون علي النتيجة؟ - أنا لا أميل إلي الطعون ضد الكنيسة ولكنني أميل بحماس إلي الالتزام بالقوانين حتي لا ندخل في مثل هذه الأشياء التي تعرقل سير العمل الكنسي. لماذا لم تتقدم إلي الأنبا باخوميوس القائم مقام البابا بتلك الملاحظات؟ - بالتحديد في يوم الأحد 11 مارس 2012 قبل وفاة البابا شنودة بأسبوع توجهت إلي مقر الأنبا باخوميوس بدمنهور حيث كان ولازال مطران البحيرة وقدمت له جميع القوانين الكنسية والمقالات التي سبق وكتبها الأستاذ نظير جيد «البابا شنودة فيما بعد» حيث نشرها في مجلة مدارس الأحد في هذا الصدد فترة الخمسينيات قبل رهبنته وجلوسه علي الكرسي البابوي وقداسته يعلم كل شيء. أليس غريبا أنك اتجهت إلي الأنبا باخوميوس بالتحديد لعرض الأمر عليه قبل وفاة البابا واختياره كقائم مقام؟ - صحيح.. ولكن من المتبع في الكنيسة القبطية في فترة خلو الكرسي البابوي يتم اختيار القائم مقام من أقدم المطارنة الأساقفة في الكنيسة وهذا ينطبق علي الأنبا ميخائيل مطران أسيوط ونظراً لاعتلال صحته، فالتالي له الأنبا باخوميوس وهو ما حدث بالفعل. ألم تستطع إقناع الأنبا باخوميوس بتطبيق فكرتك حول الالتزام بقوانين الكنيسة علي حد وصفكم؟ - طلبت من نيافته أن يسلك نفس منهج الأنبا أثانسيوس مطران بني سويف الذي كان قائم مقام عام 1959 والذي اتخذ قراراً حاسماً بمنع المطارنة والأساقفة من الترشح للكرسي البابوي وتم إجراء الانتخابات على «5» رهبان وأفرزت الانتخابات «3» رهبان وفي القرعة الهيكلية كان الراهب مينا البراموسي المتوحد هو المختار ومن ثم أقيم أسقف للإسكندرية باسم البابا كيرلس السادس وكان تبرير نيافته عام 1959 أن عدد المطارنة والأساقفة كان قليلاً لذلك من السهل توجيههم إلي قرار أو مبدأ معين وأعتقد أنه اقتنع وقتها بدليل أنه أشار إلى أن البابا كيرلس شنودة مما يشير إلي أن المختار سيكون من الرهبان لأن لو كان المختار أسقفا لم يتم تغيير اسمه. ما سر تمسك الكنيسة بعدم استبعاد المطارنة والأساقفة السبعة من الترشح للكرسي البابوي وعدم تطبيق قوانين الكنيسة المعروفة من القرون الأولى؟ - هناك حديث عن التمسك بلائحة عام 1957 ومن العار التمسك لأن لها قصة معروفة عام 1956 عندما تنيح البابا يوساب الثاني في 13 نوفمبر 1956 وتقدم للترشح علي الكرسي البابوي «3» رهبان جامعيون هم: الراهب أنطونيوس السورياني الذي ترهبن في عام 1954 وعمره كان 23 سنة، الذي أصبح فيما بعد البابا شنودة الثاني والراهب مقار السرياني والذي ترهبن في عام 1948 وعمره كان 36 سنة، أصبح فيما بعد الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والاجتماعية والراهب «متى» المسكين الذي ترهبن في عام 1948 وكان عمره 37 سنة.. فالمطارنة في ذلك الوقت كانوا متخوفين من الرهبان الجامعيين وعليها توجه وفد من المطارنة عام 1957 إلي زكريا محيي الدين وزير الداخلية وقتها وأخبروه بأن هؤلاء الرهبان ال «3» ينتمون إلى تنظيم داخل الكنيسة يسمى تنظيم الإخوان المسيحيين، وهذا التنظيم مكافئ لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين وفكان يجب إقصاء الرهبان ال «3» فوضعوا شرط «15» سنة كحد أدني للرهبنة و«40» سنة كحد أدني لسن المرشح، وبالتالي خرج المرشحون ولكن القائم مقام وقتها لم يعترف بهذه الشروط ولكن اللائحة أجيزت في عام 1957 بترشيح المطارنة والأساقفة فقام القائم مقام وقتها بعدم الالتزام باللائحة المشبوهة ولذلك فهذه اللائحة غير مقدسة لأنها مليئة بالمخالفات. هل ستشارك الكنيسة الأثيوبية في اختيار البابا القادم رغم انفصالها عن الكنيسة المصرية منذ أكثر من 40 عاماً؟ - هذه معضلة لأن هذا الأمر له بعد سياسي دولي فبعد انفصال الكنيسة الأثيوبية عن كنيستنا لا يجب أن تشارك في اختيار البطريرك الخاص بالكنيسة المصرية الأرثوذكسية ولكن إذا طبقنا هذا الأمر في هذا التوقيت بلا شك سيؤثر علي العلاقات بين البلدين، خاصة أن مصر بصدد تحسين العلاقات مع أثيوبيا ودول حوض النيل.. في المقابل أن الكرسي البابوي في أثيوبيا الآن خال فهل ستشارك الكنيسة المصرية في اختيار بابا أثيوبيا؟ ولكننا إذا رجعنا إلي الأصل سنجد أن الكنيسة الأثيوبية قد انفصلت عن كنيستنا عام 1971 لأنهم وجدوا أن الكنيسة المصرية لم تلتزم بنص الاتفاقية التي تجمعهما بشأن اختيار البابا من المطارنة والأساقفة وهو ما أطالب به الآن. بماذا تنصح البابا القادم سواء أجريت الانتخابات بنفس المرشحين أو تم استبعاد المرشحين ال «7» من المطارنة والأساقفة؟ - أطالبه بأن يلتزم بالصلاة فقط وأن يبتعد عن السياسة الكنسية لأنه لن يأتي في موهبة البابا شنودة الثالث بالنسبة للتحدث في السياسة.