أحلام وردية دائما ما تداعب عقول الشباب، بالسفر خارج البلاد من أجل تحقيق، حياة كريمة وعيشة رغدة بها كافة الكماليات، سافر إسحاق وحزم حقيبته بعد انهاء مراحل تعليمه الجامعى، متوجها إلى أمريكا، كل هدفه هو تحقيق حلمه فى الحياة وهو الزواج من حبيبة قلبه وعمره وحياته «أميرة»، وكانت موافقة أمريكا بمنح تأشيرة السفر لابن مركز ملوى جنوب محافظة المنيا، بمثابة طوق الياسمين، الذى طالما كان يحلم به، فى تحقيق حلم عمره وتأمين مستقبله من خلال العمل فى بلاد الغربة. سنوات مرت كالدهر على إسحاق المشتاق لحبيبة قلبه، يشتاق إلى إكليل يجمعهما سويا روحين فى جسد واحد، كان يواصل العمل ليل نهار، بغية أن يجمع ما يستطيع من المال، ويكون فارس أحلام حبيبة القلب، ويساعد والده ووالدته وإخوته، والذين تعلقت أحلامهم البسيطة، على نجاح إسحاق فى الغربة، وأن يجلب لهم فرص عمل لكافة افراد الاسرة من أشقائه، ويحمل بدلا منهم اعباء مالية كثيرة أصبحت ترهق كاهلهم. إسحاق يعلن فجأة عن عودته من الغربة، ليتم زفافه على «أميرة» فهى أميرة قلبه، ومفتاحه السحرى، الاهل اطلقوا الزغاريد، الام كانت تزغرد وهى غير مصدقة، أنها سترى ابنها إسحاق وسط الشباب، يزف الى الكنيسة، ويكون بجوار عروسة فى إكليل الزفاف، ويردد وراء القس صلوات الزفاف على من اختارها ان يكونا سويا روحين فى جسد واحد فى الحياة والممات. حبيبته «أميرة»، طار قلبها من الفرحة، كانت ابتسامتها تطوى المسافات، بعدما حدثها فارس أحلامها «إسحاق»، بأنه الآن فى الطائرة عائد لإتمام زفافه، غلبت الدموع فى عيونها فرحتها الكبيرة، كل املها ان يجمعها سقف واحد وإكليل واحد وحياة واحدة، وصل إسحاق الى قريته، أصدقاؤه علموا بمجيئه، الكل يهنئ ويبارك، حمد لله على السلامة يا عريس، وصل إلى أهل عروسه واتم شراء كافة مستلزمات عش الزوجية، والمصوغات الذهبية، «أميرة» اختارت فستانها، وحددوا موعد فرقة الزفة من أمام الكنيسة، وأفراح ليلة الحنة. دخل إسحاق حاملا بدلة عرسه وملابسه الجديدة الى الحمام، قبل الخروج لأهله وأصدقائه للفرح فى ليلة الحنة، فتح سخان المياه، لكنه نسى أن يفتح إحدى نوافذ الحمام، عزرائيل يقف حائلا دون أن يخرج إسحاق للاحتفال بليلة الحنة والزفاف، يختنق إسحاق وسط الدخان ويلفظ أنفاسه الأخيرة وهو ملقى داخل الحمام، ودع الدنيا، لقد حانت ساعة رحيله عن الدنيا، ليزف عريسا للسماء. الأشقاء والأصدقاء ذهبوا للحمام، ظلوا دقائق أمام الباب بعد أن تأخر كثيرًا، دون فتح حتى كسروا الباب ليجدوا العريس ملقى على الأرض، جثة هامدة دون حراك، الصدمة أخرس الألسن، الأم تصرخ والشقيقات يصرخن من صميم القلب على الابن، الذى فارق الحياة فى ليلة زفافه، لحظات، ويصل الخبر لحبيبته «أميرة»، عروسه تدخل فى غيبوبة غير مصدقة من شدة الصدمة، حالة انهيار، وهلع تصيب الجميع، البكاء وحدة لا يكفى على رحيل إسحاق بعد سنوات غربة طويلة، جاء بعدها، لتقتطف روحة البريئة فى ليلة زفافه. يصل الأمر للواء محمود خليل مدير أمن المنيا، لينتقل على رأس قوة أمنية لمكان الواقعة، وليجىء تقرير الطب الشرعى بأن الموت، جاء اختناق داخل الحمام، حمل جثمان إسحاق لمدافن العائلة، بعد صلوات داخل الكنيسة، والتى كانت ستشهد إكليل زواجه، أعمار وأنفاس معدودة، جاء من بلاد الغربة، ليموت فى أحضان الأسرة فى ليلة زفافه، هيستريا البكاء ما زالت مستمرة، وحزن عميق ألجم الألسن عن الصراخ، وتحجرت الأعين عن الدموع، صدمة عنيفة. «أميرة» احتضنت فستان عرسها واختفى صوتها ولكن دموعها بللت الفستان الأبيض.. دموعها حولتها إلى بركة للحزن.. هذا الفستان الذى حلمت بارتدائه سنوات.. وبقيت تنتظر حبيبها ساعات وأياماً وليالى كم جالت بخيالها فى هذه الليلة وهى ترتدى ذاك الفستان ولكن لم تمنحها الدنيا هذه الفرصة.. نعم اشترت الفستان رفضت أن يراها عريسها حتى يكون مفاجأة له.. ولكن لم يره أبدًا.. أحضرت من خزانتها صرخت هذا هو فستانى يا إسحاق.. لابد أن تراه ولكن لا حياة لمن تنادى.. حاول الأهل والأسرة أخذ الفستان من أحضان «أميرة» ولكنها رفضت وأصرت على احتضانه ودموعها تجرى فوقه وكأنها تقول أنه لم يعد فستان فرح بل أصبح فستان الأحزان.. فستان الألم.. وبين الحين والآخر تصرخ.. هذا هو الفستان يا حبيبى.. ولكن هيهات فقد مات العريس.. دون أن يرى الفستان.