انطلقت صباح اليوم في مدينة شفشاون، شمال المملكة المغربية، الندوة الدولية حول (الإيسيسكو والمسلمون في الغرب)، التي تعقدها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة – إيسيسكو- بالتنسيق مع جمعية الدعوة الإسلامية في شفشاون. وألقى الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للإيسيسكو، كلمة في افتتاح الندوة، قال فيها: "إنه في الوقت الذي يتيسر فيه التواصلُ العالميُّ بفضل التقدم المطرد في وسائل الاتصال والتنقل، ويصبح فيه العالم بمثابة قرية صغيرة، كان ينبغي لأصوات التقريب بين الأفكار والآراء والمذاهب والسياسات أن تعلو، ولمؤتمرات التصالح والحوار أن تنعقد، ولقيم العدل وحقوق الإنسان أن تصان، وكان ينبغي للمنظمات الدولية أن تكون الضميرَ المعبّرَ عن كلِّ هذه المعاني والقيم السامية، والوسيط المنصف بينهم وبين صانعي القرار، وأن يجد الناس في هذه المنظمات منابر للإنصاف وصدى لأصوات الحق والفضيلة." وأشار إلى أن هناك تحديات تحول أحياناً دون تحقيق هذه الأهداف السامية وتعزيز القيم النبيلة، كاغتصاب الحقوق في فلسطين وتضييق الحياة على المواطنين الفلسطينيين، اللذين لم ينتهيا رغم قرارات المنظمات الدولية على مدى أكثر من ستين سنة على احتلالها. كما أن حملات الإساءة إلى الإسلام والتخويف منه تجد من يؤيدها بدعاوى غير منطقية تحت مسمّى الدفاع عن حرية التعبير. المطالبة ببذل الجهد وقال إن مجموع هذه العقبات يجعل الإيسيسكو وغيرها من المنظمات الدولية الداعية إلى التضامن والتعايش السلمي بين الشعوب واحترام الثقافات والحريات العامة والخاصة، أمام تحديات جمة تستوجب بذل جهودٍ أكثرَ اتساعاً، وتآزراً أوثق من أجل تحقيق أهدافها الداعية إلى تحقيق حياة كريمة للإنسانية جمعاء، يغيب عنها شبح الإقصاء والتهميش وهضم الحقوق، والاستقواء بالباطل ضد الحق. وأشار التويجري إلى أن المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة قد أسهمت في تعزيز الحوار بين الثقافات إسهامًا فاعلا ً على مدى السنوات العشر الماضية، بعد أن كلفها المؤتمر الإسلامي الثامن والعشرون لوزراء الخارجية المنعقد في باكو عاصمة آذربيجان سنة 2001، بتنفيذ البرامج الخاصة بالحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، واعتمد برامجها التنفيذية في هذا الشأن. وكان من ذلك عقد العديد من الندوات والمؤتمرات الدولية التي تعنى بهذا الموضوع، أو بالمشاركة في نظائرها التي تعقد في مناطق شتى من العالم، وكانت العلاقة مع الغرب هي الظاهرة الأبرز في أغلب تلك الأنشطة، كما كان للمسلمين في الغرب إسهامٌ مشهودٌ فيها. آفاق الحوار مع الغرب واستعرض المدير العام في كلمته آفاق الحوار مع الغرب، مشيراً إلى أن الوقت قد حان للبحث عن آفاق ثقافية جديدة لم يستهلكها النقاش، ومنها قضية التأثير والتأثر في تاريخ العلوم وانتقالها من حضارة إلى أخرى. وهو مجال يتناول بالدراسة الجادة ذلك التفاعلَ بين حضارتين أو أكثر في نقل المعرفة بروح منصفة، ليس فيها طرفان متحاوران، بل فريق مشترك يسعى إلى إبراز الحقائق العلمية من خلال الآثار والمخطوطات الباقية، وإبراز إسهام الحضارات جميعها في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة التي تشكل النسيج المتكامل لجهود الإنسانية المتراكمة عبر التاريخ. وهو ما سيفيد في مواجهة الأفكار المتطرّفة والمواقف المتعصّبة التي تبخس المبدعين والرواد حقهم وتتجاهل فضلهم وسبقهم. وسيتم عقد جلسات عمل اليوم وغداً، حول موضوع الندوة، وذلك من خلال أربعة محاور، يُلقي أولها إطلالة على استراتيجيات الإيسيسكو في المجالات الثقافية داخل العالم الإسلامي وخارجه. ويستعرض المحوران الثاني والثالث أنشطة الإيسيسكو في أوروبا والأمريكتين، وذلك من خلال أوراق علمية يقدمها أساتذة أسهموا عمليًا في عقد تلك الأنشطة. ويتطرق المحور الرابع إلى أثر المنظمة في مجال حوار الثقافات وتحالف الحضارات. وستعقد اليوم بالموازاة مع أعمال الندوة، مائدة مستديرة لمناقشة موضوع " الإساءة إلى الرسول الكريم في فيلم براءة المسلمين: الخلفيات والدواعي وسبل المعالجة الحكيمة "، وسيناقش المشاركون في المائدة المستديرة، الصور النمطية عن الإسلام في الصناعة الإعلامية في الغرب: الخلفيات والدواعي والمخاطر، ومتطلبات تفعيل قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة رقم 65 / 224 حول مناهضة تشويه صورة الأديان، ودور القيادات الإسلامية خارج العالم الإسلامي في تفعيل الآليات القانونية والأكاديمية والحقوقية للحد من الصور النمطية عن الإسلام ورموزه في الصناعات الإعلامية الغربية وترسيخ قيم العيش المشترك والحوار بين الثقافات والتعايش بين الأديان