كتمان الغيظ من الاعمال التى يحبها الله سبحانه وتعالى ومن رسائل ابن حزم فى موضوع كتمان الغيظ فقال انبعض الناس إن نُصحوا بتغيير عادة، تحجّج أحدهم بكلمة: (الطبع يغلب التطبع) أو ( أنا هكذا خلقني ربي). وقد يُعيّر أحدهم فيُقال له: ( أبو طبيع عن طبعه ما بتغير). والحق أنّ المرء قادر على أن يتغير فقد قال ﷺ :"إنما الحلم بالتحلُّم،ومن يتحرَّ الخير يُعطَهْ،ومن يتقِ الشرَّ يُوَقَّه". وقالﷺ:"ومنْ يتصبر يصبرهُ الله". وقالﷺ:"ليس الشديد بالصُّرَعَةِ،إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". ومن النماذج التي تحدثت عن نفسها في إصلاح عيوبها؛ ما قاله الإمام ابن حزمٍ رحمه الله في رسائله : " كانت فيَّ عيوب ، فلم أزل بالرياضة ( يعني : ترويض النفس ) واطلاعي على ما قالت الأنبياء صلوات الله عليهم ، والأفاضل من الحكماء المُتأخرين والمُتقدمين في الأخلاق وفي آداب النفس أعاني مُداواتها ، حتى أعانني الله عز وجل على أكثر ذلك بتوفيقه ومَنّه ، وتمام العدل ورياضة النفس والتصرف بأزمّة الحقائق هو الإقرار بها ، ليتعظ بذلك مُتعظ يوماً إن شاء الله". ثم ساق الإمام ابن حزم جملة من العيوب التي كانت فيه ، فقال: فمنها كلف في الرضا, وإفراط في الغضب, فلم أزل أُداوي ذلك...وتحملت من ذلك ثقلاً شديداً, وصبرت على مضض مؤلم كان ربما أمرضني. ومنها: دعابة غالبة, فالذي قدرت عليه فيها إمساكي عمَّا يُغضب الممازح, وسامحت نفسي فيها, إذ رأيت تركها من الانغلاق ومضاهياً للكبر. ومنها: عُجب شديد, فناظر عقلي نفسي بما يعرفه من عيوبها حتى ذهب كله, ولم يبق له والحمد لله أثر. ومنها: حركات كانت تولدها غرارة الصبا [أي:حداثة السن]...فقسرت نفسي على تركها فذهبت. ومنها: محبة في بُعد الصيت والغلبة, فالذي وقفت عليه من معاناة هذا الداء الإمساك فيه عما لا يحل في الديانة, والله المستعان على الباقي. ومنها : إفراط في الأنفة. ومنها: عيبان قد سترهما اللهُ تعالى, وأعان على مقاومتهما, وأعان بلطفه عليهما, فذهب أحدهما البتة ولله الحمد....وطاولني الثاني منهما...ثم يسَّر الله قدعهُ بضروبٍ من لطفه حتى أخلد. ومنها: حقد مفرط, قدرتُ بعون الله تعالى على طيه وستره, وغلبتُهُ على إظهار جميع نتائجه, وأما قطعُهُ البتة فلم أقدر عليه".