المفتي: نكثف وجود «الإفتاء» على مواقع التواصل.. ونصل عن طريقها للشباب    روسيا تبدأ تدريبات لزيادة جاهزية الأسلحة النووية التكتيكية في الجنوب    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    أول تعليق من تعليم الجيزة على تسريب امتحان العلوم قبل بدء اللجان    توافد طلاب أولى ثانوى بالجيزة على اللجان لأداء الكيمياء في آخر أيام الامتحانات    طالب إعدادي يصيب 4 أشخاص بطلقات نارية أمام مدرسة في قنا    ما حكم ذبح الأضحية في البلاد الفقيرة بدلا من وطن المضحي؟    النشرة الصباحية من «المصري اليوم».. أيرلندا تعتزم الاعتراف بفلسطين.. وإطلاله زوجة محمد صلاح    استشهاد 10 فلسطينيين جراء قصف إسرائيلي على غزة    نتنياهو: لا نخطط لبناء مستوطنات إسرائيلية في غزة    «ما فعلته مع دونجا واجب يمليه الضمير والإنسانية».. أول رد من ياسين البحيري على رسالة الزمالك    بورصة الدواجن اليوم بعد آخر انخفاض.. أسعار الفراخ والبيض الأربعاء 22مايو 2024 بالأسواق    حركة القطارات| 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. الأربعاء 22 مايو 2024    بالصور.. معايشة «البوابة نيوز» في حصاد اللؤلؤ الذهبي.. 500 فدان بقرية العمار الكبرى بالقليوبية يتلألأون بثمار المشمش    الأزهر ينشئ صفحة خاصة على «فيسبوك» لمواجهة الإلحاد    فضل يوم النحر وسبب تسميته بيوم الحج الأكبر    سيارة انفينيتي Infiniti QX55.. الفخامة الأوروبية والتقنية اليابانية    إبراهيم عيسى: التفكير العربي في حل القضية الفلسطينية منهج "فاشل"    أرقام تاريخية.. كبير محللي أسواق المال يكشف توقعاته للذهب هذا العام    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    اليوم.. ختام مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة بحضور إلهام شاهين وفتحي عبد الوهاب    أترك مصيري لحكم القضاء.. أول تعليق من عباس أبو الحسن على اصطدام سيارته بسيدتين    عاجل.. حلمي طولان يصب غضبه على مسؤولي الزمالك بسبب نهائي الكونفدرالية    سفير تركيا بالقاهرة: مصر صاحبة تاريخ وحضارة وندعم موقفها في غزة    تحرك برلماني بشأن حادث معدية أبو غالب: لن نصمت على الأخطاء    افتتاح أول مسجد ذكي في الأردن.. بداية التعميم    تصل إلى 50%، تخفيضات على سعر تكييف صحراوي وقائمة كاملة بأحدث أسعار التكييفات    دراسة: 10 دقائق يوميا من التمارين تُحسن الذاكرة وتزيد نسبة الذكاء    «أعسل من العسل».. ويزو برفقة محمد إمام من كواليس فيلم «اللعب مع العيال»    نشرة التوك شو| تفاصيل جديدة عن حادث معدية أبو غالب.. وموعد انكسار الموجة الحارة    جوميز: لاعبو الزمالك الأفضل في العالم    بينهم طفل.. مصرع وإصابة 3 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بأسوان    "رايح يشتري ديكورات من تركيا".. مصدر يكشف تفاصيل ضبط مصمم أزياء شهير شهير حاول تهريب 55 ألف دولار    أهالي سنتريس يحتشدون لتشييع جثامين 5 من ضحايا معدية أبو غالب    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    إيرلندا تعلن اعترافها بدولة فلسطين اليوم    دبلوماسي سابق: ما يحدث في غزة مرتبط بالأمن القومي المصري    عاجل.. مسؤول يكشف: الكاف يتحمل المسؤولية الكاملة عن تنظيم الكونفدرالية    جوميز: عبدالله السعيد مثل بيرلو.. وشيكابالا يحتاج وقتا طويلا لاسترجاع قوته    حظك اليوم برج العقرب الأربعاء 22-5-2024 مهنيا وعاطفيا    «الثقافة» تعلن القوائم القصيرة للمرشحين لجوائز الدولة لعام 2024    ب1450 جنيهًا بعد الزيادة.. أسعار استخراج جواز السفر الجديدة من البيت (عادي ومستعجل)    وثيقة التأمين ضد مخاطر الطلاق.. مقترح يثير الجدل في برنامج «كلمة أخيرة» (فيديو)    الإفتاء توضح أوقات الكراهة في الصلاة.. وحكم الاستخارة فيها    نائب روماني يعض زميله في أنفه تحت قبة البرلمان، وهذه العقوبة الموقعة عليه (فيديو)    النائب عاطف المغاوري يدافع عن تعديلات قانون فصل الموظف المتعاطي: معالجة لا تدمير    طريقة عمل فطائر الطاسة بحشوة البطاطس.. «وصفة اقتصادية سهلة»    بالصور.. البحث عن المفقودين في حادث معدية أبو غالب    أبرزهم «الفيشاوي ومحمد محمود».. أبطال «بنقدر ظروفك» يتوافدون على العرض الخاص للفيلم.. فيديو    موعد مباراة أتالانتا وليفركوزن والقنوات الناقلة في نهائي الدوري الأوروبي.. معلق وتشكيل اليوم    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    شارك صحافة من وإلى المواطن    إزاى تفرق بين البيض البلدى والمزارع.. وأفضل الأنواع فى الأسواق.. فيديو    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    قبل قدوم عيد الأضحى.. أبرز 11 فتوى عن الأضحية    المتحدث باسم مكافحة وعلاج الإدمان: نسبة تعاطي المخدرات لموظفي الحكومة انخفضت إلى 1 %    خبير تغذية: الشاي به مادة تُوسع الشعب الهوائية ورغوته مضادة للأورام (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالمنعم فؤاد : لا نحتاج استيراد «التنوير» من أوروبا
أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر:
نشر في الوفد يوم 16 - 10 - 2019


أروقة الأزهر منصات فكرية لمواجهة الأفكار المتطرفة
التراث الإسلامى يقبل الرأى الآخر ولا يقر التصادم
موقفنا من «النجارى» هو التقدير لا التقديس
نؤمن بالدولة المدنية التى لا تتعارض مع الشريعة
خطة لنشر فروع جديدة للأروقة فى المحافظات
الأستاذ الدكتور عبدالمنعم فؤاد أستاذ العقيدة والفلسفة، المشرف العام على أروقة الأزهر الشريف قامة علمية كبرى وعالم أزهرى النشأة له باع طويل فى مجال الفكر الإسلامى ومساجلات كبرى دفاعا عن الإسلام ضد خصومه؛ تولى عمادة كلية الوافدين بالأزهر الشريف حتى أصدر فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر قرارا بتوليه مهمة الإشراف على أروقة الأزهر الشريف.
الدكتور«فؤاد» أكد أن أروقة الأزهر الشريف منارة علمية مضيئة فى سماء الأزهر؛ مشيرا إلى أن شيخ الأزهر أعاد بعثا من جديد وبث فيها الروح بشكل عصرى يروى ظمأ الناس الشرعية، وأن «الطيب» وجه بافتتاح أروقة جديدة فى كافة المحافظات والقرى والنجوع؛ وأضاف المشرف العام على الأروقة أنها تحارب الفكر المتطرف وتصحح المفاهيم المغلوطة حول الإسلام؛ العالم الكبير أكد أن الأزهر الشريف لم ولن يغلق أبوابه أمام من يريد أن يتعلم العلوم الشرعية بمنهج وسطى رصين.
وقال أستاذ العقيدة والفلسفة فى حوار مع «الوفد» إن مصر بلد عظيم وواجب على شبابها أن يحافظوا عليها وعلى ترابها وأرضها ومكانتها؛ مشيرا إلى أن ما يسعد مصر يسعد الأزهر وما يؤلمها يؤلمه؛ مؤكدا أن المحافظة على الوطن جانب عقدى لا تفريط فيه.
بداية.. نود إعطاءنا نبذة عن أروقة الأزهر الشريف والرسالة التى تقدمها وماذا عن نسبة الإقبال عليها؟
أروقة الأزهر الشريف منصات فكرية مهمة جدا تصحح المفاهيم وتبين عوار الفكر المخالف للشريعة الإسلامية ولديننا السمح؛ وأروقة الأزهر ليست وليدة الساعة بل هى قديمة حديثة وستظل مستقبلا إن شاء الله؛ أنشئت هذه الأروقة منذ إنشاء الأزهر وكانت تضم مسميات متنوعة فترى أروقة الشاميين؛ أروقة الأتراك؛ المغاربة؛ الصينيين؛ البرابرة؛ الأحباش؛ أروقة شمال إفريقيا كلها؛ بالإضافة إلى الأروقة المصرية التى كانت توجد مثل أروقة الصعايدة؛ أروقة الفيومية؛ المنايفة؛ الفشنية؛ وكان هذا الجامع العتيق بمثابة هيئة الأمم الإسلامية؛ فكل من يأتى من دولة ما له مكان يبقى فيه؛ لأن الرواق عبارة عن مكان يجتمع فيه طلاب العلم والأساتذة الذين يدرسون لهم سواء من مصر أو خارجها؛ وفى هذا المكان كان يوزع الطعام والشراب والجرايا وتعطى لهم مرتبات ولهم الإقامة دائمة ومن هذه الأروقة رأينا أساتذة يدرسون فيها من أكابر العلماء قديما والذين لهم بصمات واضحة فى التاريخ الإسلامى ويعتبرون علامات مضيئة فى الحياة العلمية الإسلامية من أمثال الإمام النووى وابن حجر العسقلانى الذى كان يدرس فى الجامع الأزهر وابن خلدون المؤرخ المعروف كان يدرس فى الأزهر أيضا؛ الإمام السيوطى؛ الإمام السخاوى؛ وغيرهم كثير؛ أما فى العصر الحديث فقد تخرج فى هذه الأروقة الإمام الشعراوى ومن قبله عمر مكرم ورواد النهضة فى مصر والعالم الإسلامى رفاعة رافع الطهطاوى؛ وغيرهم من التلاميذ الذين اختارهم محمد على ليأتوا بالنهضة من أوروبا وينشروها فى مصر؛ والشيخ جاد الحق والشيخ عبدالحليم محمود والشيخ محمد الغزالى وإمامنا الطيب والعلماء الأكابر الذين تتحدث عنهم مجلدات العلوم الإسلامية تخرجوا فى هذه الأروقة؛ فهذه الأروقة كانت حارسة للفكر الإسلامى قديما؛ وحاليا أعاد مولانا فضيلة الإمام الأكبر نشاطها مرة أخرى لدرجة أنه يوجد فى الجامع الأزهر أسبوعيا أكثر من 130 محاضرة عن التراث الإسلامى فى العقيدة والشريعة والتفسير والحديث.
إذن نستطيع أن نقول إن هذه الأروقة تسهم فى استعادة دور الأزهر الحضارى وهل من الممكن أن تلعب دورا فى تصحيح الفكر الإسلامى المتطرف؟
أرفض كلمة استعادة لأن معناها أن الأزهر لم يكن موجودا من قبل إنما الأزهر كان موجودا لكن البعض هو الذى كان يغفل دور الأزهر؛ فالأزهر لم يغفل عن المسلمين؛ إنما بعض المسلمين هم الذين كانوا يغفلون عن الأزهر لأوقات معينة أو لأسباب يعلمها الجميع؛ أما الأزهر فهو يفتح أبوابه دائما وأروقته وجامعته لمن يريد أن يطلب العلم الشرعى؛ أضف إلى ذلك أن الأروقة اهتمت بواقع المصريين والمسلمين فبدأت تشتبك بأفكارها مع الواقع فتختار القضايا التى تهم المجتمع مثل الشائعات التى تضرب فى ربوع المجتمع والإرهاب والتطرف وغيره وتعقد الأروقة منتديات أو برامج علمية مثل برنامج «شبهات وردود»، ويحضره مئات من الشباب عبارة عن أسئلة تطرح على الأساتذة ويدور نقاش مفتوح مع الشباب عن قضايا كبرى مثل الشائعات؛ التطرف؛ الإرهاب؛ مثل قضية الجهاد؛ الخلافة؛ الإمامة؛ القضايا التى تشغل أذهان الشباب؛ وهناك برنامج للنساء تحت عنوان «فقه النساء» أساتذته من النساء وهن أستاذات بالجامعة يقمن حوارا مع النساء والفتيات فى القضايا التى تشغل أذهانهن فى المجتمع؛ حوار مفتوح لا مصادرة فيه لرأى، ونراعى فى هذا البرنامج التخصص فى كل مجال يحتاج إلى جواب؛ فالأروقة تهتم بمشاكل المجتمع؛ وهناك بشارة بأننا سنفتتح أروقة للقرآن الكريم بجميع محافظات مصر «فروع» تحت اسم الأروقة؛ بالإضافة إلى أروقة الإسكندرية وأسيوط والأقصر ودمياط وثمانية فروع داخل القاهرة بجوار الجامع الأزهر وضواحيه الهرم والتجمع الخامس؛ القليوبية؛ مصر الجديدة؛ ويشرف عليها الجامع الأزهر الشريف.
ولماذا تفتتحون كل هذه الأروقة؟
لأننا رأينا مدى تفاعل المصريين مع الأروقة؛ فهنا فى الأزهر وحده سبعة آلاف دارس؛ وقد تقدم فى أسبوع واحد لأروقة القرآن أكثر من أربعة آلاف طالب يريدون أن يدرسوا القرآن من مصر والعالم الإسلامى.
ماذا عن رؤيتك لقضية تجديد الخطاب الدينى وهل ما تحدثت عنه بشأن الأروقة المستقبلية يعد خطوة من خطوات التجديد؟
لا نقول تجديد الخطاب الدينى وإنما نقول تجديد الفكر الدينى؛ فالفكر
هو الذى يحتاج إلى تجديد ولذلك نحن نختار الخطيب قبل الخطبة؛ نحن نريد تجديد الخطيب أولا وكيف نسلحه بأسلحة العصر وكيف يعرف القضايا التى تدور فى المجتمع ولا يقف عند قضية معينة للخطابة فيها بل على الخطيب أن ينظر إلى المرض الذى استجد فى المجتمع ويعالجه حسب تيسيرات الشريعة ويبين أن شريعته صالحة لكل زمان ومكان؛ ولذلك لا أقبل بالخطبة المكتوبة والمخططة لأسابيع؛ فهناك مستجدات لا بد من علاجها وتكون الخطبة دواء لأمراض مستجدة فهناك نوازل فقهية تحتاج إلى أجوبة مستمرة ومستجدة تفيد العباد وتحافظ على استقرار البلاد؛ فنحن رأينا إقبال وعشق الناس لأروقة الأزهر، فعلمنا أن هؤلاء يثقون فى الأزهر، وأن الأزهر فى قلب كل مصرى سواء كان مسلما أو غير مسلم؛ حتى الإخوة المسيحيون لا يقبلون أجوبة إلا من علماء الأزهر فأردنا أن نتحرك بأروقة الأزهر فى جميع المحافظات وسينزل علماء الأروقة إلى الجامعات ومراكز الشباب فى القرى والنجوع، ولو نجحت الأروقة فى المحافظات سنتحرك ونفتتح أروقة للقرآن الكريم فى المراكز كما وجه فضيلة الإمام؛ لأن فى خطتنا أن هذه الأروقة بمثابة منصات فكرية تواجه الفكر المتطرف؛ فحينما غيبت الأروقة ظهر الفكر المتطرف ووجد من أراد أن يعطى ظهره للأزهر ويختبئ خلف يافطة الدين؛ فالدين جاء لكى يقودنا إلى السلم والسلام والأمن والاستقرار المجتمعى فما لدين من الأديان يدعو إلى التنابذ وإلى الخلاف والقتل والتدمير؛ الأديان كلها جاءت لوضع خطة لراحة الإنسان وتكريمه فى الأرض.
على الرغم من مجهودات الأزهر الشريف فى قضية تجديد الخطاب الدينى، إلا أن البعض يرى أن الأزهر ما زال متعثرا فيها فما ردكم؟
الأزهر–لاشك- فى المقدمة فى مسألة التجديد؛ هو يقدم الروشتة وعلى الآخرين أن يتابعوا تنفيذها ومن لهم ملحوظات يشارك الأزهر فيها؛ فنحن وضعنا اللمسات الفكرية وبينا أن ديننا الإسلامى يقدم الحلول لكن لا بد من تعاون الجميع فى هذا الحقل؛ فقضية التجديد ليست مقصورة على الأزهر وإن كان هو فى المقدمة لكن لا بد للجميع أن يشترك فى القضية؛ فلا بد للجميع أن يقف فى صف الأزهر فى هذه القضية بل واجب على وزارة الثقافة أن تكون مع الأزهر؛ فأين الكتب التى توجد فى وزارة الثقافة لكى ترتقى بعقل الشباب وتأخذ بيده إلى حب الوطن مع التقدير لجهودها المستمرة؛ إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى جهد أكبر بالتعاون مع الأزهر؛ ووزارة الإعلام أيضًا عليها أن تعطى مساحة لعلماء الأزهر الكبار ولا بد أن يكون لها دور فى مساندة الأزهر لتجديد الخطاب الدينى كذلك وزارة الشباب والرياضة عليها دور فى الارتقاء بالفكر الذى يحمله هؤلاء الشباب ووزارة التربية والتعليم وعليها عبء كبير جدا وعليها التعاون مع الأزهر، إذ لا بد من الاستعانة بكتاب الثقافة الإسلامية الذى يدرس لطلاب المراحل الإعدادية والثانوية بالأزهر لكى يستفيد منه طلاب التعليم ففيه قضايا فكرية مهمة ستساهم فى الاستقرار الفكرى.
من حين لآخر يشتد الهجوم على الأزهر الشريف بسبب تنقية التراث الإسلامى، فهل هذا التراث يحتاج إلى إعادة قراءة وتنقيح خاصة أن هناك من يقول إن التراث الأزهرى به أفكار تدمر مجتمعات وتخرج متطرفين فما ردكم؟
أى تراث له وعليه؛ وأى تراث يجب أن يحترم أيا كان حتى ولو كان سلبيا؛ فنحن لا نستطيع أن نهاجم تراث شكسبير مثلا؛ ولا نستطيع أن نهاجم تراث اليونانيين ولا تراث الأوروبيين؛ نحن ننظر إلى التراث بوجه عام ثم نبدأ لنختار ما يناسب زماننا ووجود التراث فى البلاد الإسلامية يبين أن الأمة الإسلامية قامت على حرية الرأى التى يقول بها المجتمع المعاصر الآن؛ الحرية الفكرية والشخصية؛ الحرية التى ينادى بها الذين يهاجمون الإسلام؛ نقول لهم هذه الحرية توفرت فى التراث الإسلامى؛ فوجدنا فيه الرأى والرأى الآخر؛ رأينا آراء يقبلها علماء الأمة وآراء يستمعون إليها ويرفضونها؛ لكن لايكممون الأفواه بل التراث الإسلامى تراث تحاورى وليس تراثا تصادميا؛ وكل يقبل الرأى والرأى الآخر طالما أننا لا نهاجم أصول الإسلام؛ وأن الأصول التى تجمعنا هى أصول ثابتة اتفقنا عليها؛ يجب علينا أن نشكر الله على مساحة الاجتهاد حول فهم هذه النصوص؛ فهناك أمور ثابتة تسمى الأصول الإيمانية وهناك أمور متغيرة مثل قضية الصفات؛ فكل يؤمن بالصفات لكن كل له فهم معين فلا بد أن نحترم الرأى والرأى الآخر وهناك فى الفقه من سمع قول الله تعالى: «أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا» (المائدة:6) «فالباء فى رؤوسكم هناك من فهم أنها للتبعيض؛ وآخرون قالوا الباء هنا زائدة؛ فالمسح على الرأس كله؛ وكل يحترم الآخر فهناك مساحة للاجتهاد وفهم النصوص.
الدكتور جابر عصفور أحد رموز الثقافة فى مصر قال إن الأزهر يعمل
على تقويض الدولة المدنية ويتصور أنها كلمة تعنى الكفر فماردكم؟
لا أدرى من أين أتى بذلك الدكتور «عصفور» ورددت عليه فى أحد لقاءاتى وقلت إن الدكتور جابر عصفور أخطأ التعبير أو أخطأ الفهم ولا أظن أنه يقصد ذلك إنما أخطأ وعليه أن يصحح الخطأ ويعلن تصحيحه لأن من يقول هذا إما عالم وإما جاهل؛ والدكتور عصفور رجل عالم كبير فى فنه ووجب عليه أن يصحح هذه المعلومة؛ فنحن فى الدراسة المنهجية العلمية نقول دائما معنا برهان سلحنا به الإسلام «قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين» فأين البرهان الذى يحمله الدكتور عصفور فى ذلك؛ هل سمع شيخ الأزهر وهو الرمز الأكبر قال ذلك؛ لم يقل بذلك؛ نحن نؤمن بالدولة المدنية التى لا تتعارض مع شريعتنا ولا مع عاداتنا ولا مع تقاليدنا ولا مع تراثنا ولا ديننا ولا مع مصادرنا؛ نؤمن بل ونحتضن هذه الدولة سموها كما تسمونها تقولون دولة مدنية؛ نحن عندنا دولة مدنية ومدينية التى عاش فيها الرسول صلى الله عليه وسلم فى المدينة وهى عبارة عن تواصل مع الآخر؛ فالنبى كان يتحاور مع الآخرين؛ إن تحدثتم عن المواطنة فى الدول المدنية فأول من أرسى دعائم المواطنة فى الدولة المدنية هو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فهو الذى كتب صحيفة المدينة المشهورة وقال: «اليهود أمة مثل المسلمين لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، وأول من قال «من عادى ذميا فأنا خصيمه يوم القيامة»، وهو أول من دعا إلى الحفاظ على الضيف والسائح الذى يدخل بلادنا؛ فإذا كانت الدولة المدنية تدعى هذا وتنسبون هذه الأقوال إلى أوروبا فالأولى أن تنسبوها إلى من أسسها وهو الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فالدولة المدنية فى أوروبا منذ القرن السابع عشر والثامن عشر ما يسمى «النهضة بعد عصور الظلام عندهم لكن نحن عندنا والحمد لله عصور نور» الله نور السموات والأرض، والقرآن عندنا نور «فآمنوا بالله ورسوله والنور الذى أنزلنا» والرسول عندنا نور «قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين»، والمؤمنون بالرسول وبالقرآن وبتعاليم الإسلام السمحة للتعامل مع الآخرين هم مؤمنون؛ فنحن لسنا فى حاجة إلى استيراد التنوير؛ إنما نحن نصدر النور إلى الدنيا كلها.
القرآنيون يقولون إنه يمكن الاكتفاء بالقرآن فقط دون السنة استنادا لقوله تعالى: «ما فرطنا فى الكتاب من شىء»، وأن الرسول لم يأمر بتدوين الحديث، فماذا تقول؟
من قال إن هؤلاء قرآنيون؛ لو كان هؤلاء قرآنيين لعلموا أن القرآن يقول عليك بالحديث «من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا» فمن الذى قال من يطع الرسول أليس القرآن؛ فلو كان هؤلاء قرآنيين ألم تمر عليهم هذه الآية أم حذفت من المصحف؛ هذه واحدة؛ أما الثانية:فالسنة بينت ما هو مجمل فى القرآن؛ فلا يوجد فى القرآن على سبيل المثال عدد ركعات الصلاة؛ وكثير من القضايا مثل رمى الجمرات وتقبيل الحجر الأسود لكن السنة بينت ذلك.
وما ردكم على الهجوم على صحيح البخارى بحجة أنه عمل بشرى من الممكن أن يحمل بين طياته أحاديث مغلوطة ومدسوسة؟
الإمام البخارى وضع منهجا فى قبول الحديث؛ لا يقبل الحديث إلا من صحابى وله ضوابط احترمها العلماء وأعطوا الإمام البخارى الدرجات فيها فتبين أن الإمام البخارى يأخذ درجة الامتياز؛ فى علوم السنة؛ وهذه الضوابط هى التى جعلته يتقدم على الإمام مسلم؛ فمن يتحدث عن الإمام البخارى لا بد أن يكون مثل الإمام البخارى؛ ونحن لا نقدس البخارى لكننا نقدره؛ وهناك فارق بين التقديس والتقدير؛ فالهجمة على البخارى فى غير موضعها وهؤلاء يتربصون وقصدوا الإمام البخارى لأنه فى مقدمة علماء الحديث؛ فالأمة كلها تحترم البخارى وتعتبره أمير المؤمنين فى علم الحديث.
مصر ترأس حاليا الاتحاد الإفريقى فما دور الأزهر الشريف فى تعميق اللحمة بين مصر والدول الإفريقية خاصة أن هناك طلابا يدرسون فى شتى دول القارة السمراء؟
فضيلة الإمام الأكبر يعتنى بالطلاب الأفارقة عناية كبيرة لعلمه أن هؤلاء فى أشد الحاجة إلى العلم الشرعى وإلى الدين الإسلامى ودفع الشبهات التى تروج من خلال التيارات والمذاهب التى تجوب بلادهم من البلاد الأخرى وتبشر بأفكار أخرى؛ ولذلك نحن فى الأزهر الشريف بتوجيهات الإمام الطيب وانطلاقا من المسئولية التى يتحملها الأزهر لدينا مايقرب من 4000 إلى 5000 الآف طالب إفريقى وتوجد لهم منح من الأزهر الشريف ويقطن بعض منهم فى مدينة البعوث الإسلامية؛ ويتكفل الأزهر بهم حتى لو كان معهم أبناؤهم وزوجاتهم؛ فالأزهر يعلم أن مصر لها مكانة فى إفريقيا؛ والأزهر جزء من مصر وما يسعد مصر يسعد الأزهر وما يؤلم مصر يؤلم الأزهر ويعلم أن مصر تواجه تحديات كبيرة؛ هذه التحديات لا بد للجميع أن يقف بجوار بلده؛ لأن المحافظة على الوطن جانب عقدى عندنا؛ والإمام الأكبر يعقد برلمانا شبه نصف شهرى للطلاب الوافدين ومنهم طلاب إفريقيا؛ بالإضافة إلى إرسال وفود إلى إفريقيا من الوعاظ والباحثين؛ فنحن لاننفصل عن إفريقيا فهى جزء منا ونحن جزء منها.
كيف ترى الحوار الإسلامى المسيحى ولقاء شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان من وجهة نظركم حول وثيقة الأخوة الإنسانية؟
شرفت بأن كنت مع فضيلة الإمام الطيب فى الإمارات لحضور توقيع هذه الوثيقة بين بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر ورأيت الشعور العفوى بين الطرفين بغض النظر عن العقائد؛ فهناك أمور كثيرة تجمع بين الإسلام والمسيحية؛ فالمسيحيون فى عيون المسلمين هم أقرب الناس مودة إلينا وهذا مذكور فى القرآن فلا بد من الإقرار بذلك واحترام المسلمين للرهبان «ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لايستكبرون»، فهل هناك دين من الأديان يتكلم عن مخالفيه فى عقيدة بأنهم قوم لايستكبرون مثل الإسلام؛ إن الإسلام ينصف ويضع النقاط على الحروف ويبين للمسلم أن هؤلاء قوم أقرب الناس إلى المسلمين؛ والرسول تزوج من مارية القبطية ويبقى اسمها كما هو حتى بعد إسلامها؛ ونحن نحب المسيح ونقدر أمه وعائلته؛ فالمسيحيون أقرب الناس مودة لنا؛ أما وثيقة الأخوة فهى شهادة من الأزهر الشريف بأننا لا نغلق الأبواب أمام أحد بل أبوابنا مفتوحة ونلتقى مع الجميع.
زيارات فضيلة الإمام الأكبر الخارجية هل تراها أتت بثمارها المرجوة منها فى تصحيح صورة الإسلام المغلوطة حول العالم؟
نطق بذلك وأقر به كبريات الصحف الأوروبية؛ فإحدى الصحف الفرنسية قالت عن الإمام الطيب إنه بعدما دفع الشبهات فى البرلمان الألمانى وجاوب عن الأسئلة والشبهات التى كانت تعلق بأذهانهم لم يكن هناك رد إلا بالتصفيق للإمام؛ وكبريات الصحف الفرنسية شهدت بذلك وقالت إن شيخ الأزهر هو المتحدث الرسمى عندنا باسم الإسلام.
أخيرا.. رسالة توجهها فإلى من؟
إلى شباب مصر؛ إن مصر بلد عظيم؛ لفظ قرآنى مكون من ثلاثة أحرف؛ فمصر لها مساحة كبيرة بين سور القرآن ويذكر المسلمون اسمها فى شتى أنحاء العالم وليس فى مصر وحدها؛ فإذا كانت مصر بهذه المكانة فواجب على شباب مصر أن يحافظوا عليها؛ وعلى ترابها وعلى أرضها ومكانتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.