فى كل زمان ومكان.. يتواجد مشايخ السلطان.. أناس يرتدون زى الشيوخ وما هم بشيوخ، ويكثرون من ترديد سور القرآن وأحاديث السلف وهم أبعد ما يكونون عن ذلك، يتمسحون بالسلطان.. أى سلطان، ويغترفون من نعيمه وذهبه يفتون بما يحب أن يسمع، يحبون ما يحب، ويخاصمون ما يكره فتواهم سياط تلهب ظهر المعارضين وكل من يجرؤ على أن يقول كلاماً مخالفاً لكلامه. والآن كثر هؤلاء حول الرئيس محمد مرسى يدعون له على المنابر، ويكفرون خصومه، وينافقونه ويتمسحون به، وقد يصل بهم الأمر لحد تقبيل يديه على الهواء وأمام أجهزة التلفاز. وبالأمس القريب حل عيد الفطر المبارك، فاستغله هؤلاء الأفاقون أبشع استغلال، دعوات على المنابر لمرسى وإشادات بعبقريته وعظمة قراراته، وحكم خطواته تماماً تماماً كما كان يفعل أحد رؤساء اتحاد عمال مصر مع مبارك فى كل عيد عمال فيسمعه خطبة عصماء ينطق كل حرف فيها بالنفاق والرياء والتزلف بشكل واضح حتى أضحى الأمر مثيراً للضحك من قبل الديكتاتور المخلوع وحاضرى الاحتفال، ولما قابله زميلنا محمد عبدالعليم، صحفى الوفد، وكيل مجلس الشعب المنحل، سأله ضاحكاً «بس يا حاج الكلام بتاعك فيه كلام مدهون حبتين» رد عليه المسئول العمالى: «اسمع يا محمد.. والله أنا باستنى هذه الفرصة من السنة للسنة حتى أسمع الرئيس البقين دول، وأنا لا أبقى فى منصبى هذا إلا بسبب البقين اللى مش عاجبينك دول!!». وصدق الرجل فالسلطان.. أى سلطان لا يحب أن يسمع كلام المعارضين، ويعتبرهم خصوماً يريدون زحزحة سلطانه، وإزالة ملكه، أما المنافقون وأصحاب الغرض فيفتح لهم كل حواسه حتى يدغدغوا مشاعره، ويعظموا سيرته، ورغم أنه يدرك نفاقهم إلا أن كلامهم يسعده وينفخ أوداجه، شيوخ عدة صعدوا على المنابر، وأخذوا يدعون للرئيس بطول العمر والسعادة فى الدنيا والآخرة، وفى الوقت نفسه يصبون جام غضبهم ولعناتهم على الداعين لمظاهرات ثورة الغضب الجديدة، ويتهمون أصحابها بالكفر والإلحاد والخروج عن ملة الإسلام ومن ثم وجب قتالهم وحرقهم وكل خوفى أن يسمع لهؤلاء نفر من المهووسين فيقدم على ارتكاب عمل إجرامى ضد الداعين للمظاهرات أو المشاركين فيها فمن حاول اغتيال الأديب العالمى نجيب محفوظ لم يقرأ سطراً واحداً مما كتب، لكن سمع لأحد المشايخ من هؤلاء المجانين يكفر أديباً ويهدر دمه، كما فعل مشايخ مرسى بالأمس فقد كفروا المتظاهرين وأهدروا دماءهم متهمين إياهم بالخروج على الحاكم المؤمن. يا سادة لا تسخروا الدين لخدمة أهدافكم وأغراضكم فى التقرب والتزلف من السلطان، فوالله لن يشفع لكم يوم القيامة إلا العمل الصالح والدين الصحيح، أما النفاق فقد يصلح مع حاكم الأرض ويكون جزاؤه الذهب والفضة لكنه أبداً لن يصلح مع حاكم السماء والأرض فاحذروا غضب الله، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.