لو كنت من قادة الإخوان لما دخلت غمار لعبة الحكم, وفي الظروف التي تعيشها مصر في هذه الفترة بالذات.. فالمناخ غير مهيأ والطريق وعر وملىء بالوحوش والذئاب.. العيب ليس في الإخوان أو في غيرهم وإنما في طبيعة المرحلة التي نعيشها.. في بداية حياتي الصحفية عملت في جريدة كان رئيس التحرير يؤكد صعوبة نجاحها قائلا إنه لو أتيت لها بالمسيح الذي يحيي الموتى ما نجح في مهمة إحيائها من مواتها.. استدعى هذا التشبيه وأقول إننا في وضع من الصعوبة بمكان إلى الدرجة التي لو أتيت معها برسول من الرسل ما عبر بنا إلى بر الأمان. لقد تفرق المصريون شيعاً وأحزاباً وتفرقت كلمتهم حتى لم تعد لهم كلمة من الأصل. من الصعب الآن أن تحدد إلى من تتحدث عندما تريد.. فالرئيس لم يعد الوجهة الحاسمة والنهائية رغم قراراته التي اتخذها الأسبوع الماضي وحسمت ما يسمى بحكم الرأسين. ورئيس الوزراء لا حول له ولا قوة، وحملات التندر على التصريحات التي تحمل البراءة في ممارسة السلطة لم تكف بداع وبدون داع. ومن اصطلح على وصفهم بالنخبة.. متشرذمون يكيّفون ما يقولون وفق أهوائهم ومصالحهم الخاصة وتلك كارثة الكوارث. وأما المواطنون ففي حالة تيه أشبه بتيه بني إسرائيل. وسط كل ذلك فإن أي خطوة من قبل القائمين على الأمر يتم تفسيرها على نحو يتضمن لي عنق الحقيقة، دون أن يكون هناك حمرة للخجل .. فوزير الدفاع الجديد السيسي إخواني ومقدمة لأخونة الجيش في تمهيد لخطوة أخونة الدولة وأخونة الإعلام .. إلى غير ذلك من قاموس الأخونة الجديد علينا في مصر.. وإقالة طنطاوي التي كانت مطلباً شعبياً يتردد صداه بقواه في كافة جنبات ميدان التحرير وميادين مصر بكاملها أصبحت نوعا من الخيانة والتمرد وعدم الوفاء بالعهد.. وفي أقرب التوصيفات حيادا تعبير عن صفقة بين العسكر والإخوان. وسط هذا المناخ من حال الاستقطاب الذي يشتبك فيه الكل مع الكل لا ينبغي لنا أن ننتظر نجاحاً أو خروجاً من النفق المظلم الذي دخلنا فيه بعد الثورة التي كنا ننتظر أن تقودنا إلى النور. انظر حولك .. أو لا تنظر فالأمر قد لا يستدعي ذلك.. سوف يذهلك كم التربص الذي نمارسه مع ذواتنا.. كل خطوة وراءها ما وراءها .. حتى أزمة الكهرباء وبدلا من السير في حزمة حلول متكاملة لمواجتهها اكتفينا بإلقاء التبعة على السلطة .. رغم أن الترشيد لاستخداماتنا بالغة السفه قد يمثل مدخلا أساسيا لحل الأزمة. مؤدى ذلك أن النجاح قد لا يكون حليفنا وعلى يد الإخوان الذين حرصوا على تصدر مشهد الحكم في لحظة من أكثر اللحظات صعوبة في تاريخ مصر. هل طمع الإخوان في السلطة وسيقودهم طمعهم إلى أن يكونوا ضحيتها على مذبح صراعات ما بعد الثورة؟ هل استخسروا أن يضيّعوا فرصة لاحت لهم للمرة الأولى منذ نشأة الجماعة قبل اكثر من 82 عاما؟ يذكرني وضع الإخوان في مصر، بوضع حماس في غزة – فلسطين، مع الفارق طبعاً. فقد وصلت الحركة للحكم وسط حالة من التربص استدعت وضع العديد من العصي في تروس عجلات إدارتها للأمور من قبل واشنطن وتل أبيب وحركة فتح، فكان ما كان من تحولها إلى مسخ.. فلا هي حررت فلسطين ولا هي احتفظت بصورتها المهيبة لدى المواطن الفلسطيني. هل تضمحل صورة الإخوان على النحو ذاته.. فيصبحون كتنظيم خيال مآتة؟ هل ينزلون ميادين المعارك التي يسعى البعض لجرهم لها فتتحقق الصورة التي يتم صناعتها بشأنهم من أنهم ديكتاتوريون فاشيون لا يقبلون بحرية الرأى؟ هل يتمكنون من الالتفاف على محاولات إفشالهم ويعبرون بنا إلى النهضة التي لوح لنا بها مرسي؟ أيا ما كان فالصورة للأسف مظلمة.. وبيد الإخوان لا بيد مبارك.