أيام ترحل وماضٍ يبتعد.. وتظل الذكريات قصصًا صامتة.. وأحداثًا تنطوى.. وحوادث تمضى.. إلا أنها تترك فينا أثرًا لا يزول.. ففى حياتنا ذكريات لا تُنسى مهما مر عليها الزمان. تبحث «الوفد» فى ذكريات رجال القضاء والشرطة جرائم تركت بصمات بارزة فى سجل الماضى.. وفى كل أسبوع نسرد جريمة من ذكرياتهم. الزمان – 2015 المكان – مركز دار السلام بسوهاج الجريمة - قتل «القتيل الدجال» العميد أحمد الراوى رئيس المباحث الجنائية بأسيوط، يحكى لنا جريمة فى ذاكرته وقعت أحداثها منذ حوالى أربع سنوات، وما زالت عالقة فى ذاكرته، لأنها راح ضحيتها مزارع على يد عامل بسبب اعتقاده بأنه تسبب فى موت نجله من خلال أعمال السحر والدجل فقام بطعنه طعنات نافذة أودت بحياته، ولقد توافقت هذه الواقعة مع المقولة الشهيرة بأن «الجريمة لا تفيد»، وتطابقت نهايتها مع قول الله عز وجل «إن ربك لبالمرصاد». يقول العميد أحمد الراوى: فى شهر فبراير من عام 2015م عندما كنت أعمل رئيساً لفرع الشرق بسوهاج، ورد لنا بلاغ من أهالى قرية الخيام التابعة لمركز دار السلام بعثورهم على جثة وصفى عبدالله، 55 سنة مزارع، وبها طعنات نافذة فى البطن والصدر أمام منزله منزله، فانتقلنا إلى مكان البلاغ لفحص الجثة ومسرح الجريمة، فعثرنا على الجثة وبها طعنات نافذة وبجوارها سكين كبير، كما تبين لنا أثناء المعاينة المبدئية عدم وجود كسر فى الأبواب والنوافذ وكذلك عدم سرقة نقود أو ممتلكات للمجنى عليه، كما أن زوجته أخبرت رجال المباحث أن مجهولا قام بطعنه عدة مرات ليلاً أمام المنزل ولاذ بالفرار دون أن تتبين شخصيته فقمنا بنقل الجثة إلى المستشفى المركزى وأخطرنا النيابة العامة فأمرت بتشريحها لبيان سبب الوفاة وكلفتنا بالتحرى عن الواقعة. تم تشكيل فريق بحث برئاسة اللواء خالد الشاذلى، مدير مباحث سوهاج.. آنذاك.. وقمنا بتتبع الاتصالات التى تمت على تليفون المجنى عليه إرسالاً واستقبالاً فى خلال تلك الفترة السابقة للجريمة، وبدأنا العمل لأكثر من أسبوعين متتاليين ولم نتوصل إلى شىء، نظراً لكثرة المترددين على منزل المجنى عليه لأنه يقوم بأعمال السحر والشعوذة والدجل ونظراً لكثرة الاتصالات التى تمت على جهاز التليفون، مما جعل عملية البحث مضنية، كما أن أسرة المجنى عليه لم تتهم أحداً بارتكاب الواقعة وليس لهم خلافات مع أهل القرية أو القرى المجاورة، وكادت القضية أن تقيد ضد مجهول لولا عناية الله التى شاءت ألا تضيع دماء ذلك الرجل هدراً، وأن ينال المجرم عقابه على أيدى العدالة، فقد أبلغنى أحد مصادرى السرية بأن المجنى عليه كان يتحدث غاضبا مع شخص يدعى أحمد ولفت انتباهى أن اسم أحمد المسجل على تليفون المجنى عليه كان متعددا مما جعل عملية البحث شاقة، فقمنا بمحاولة التعرف على كل شخص مسجل على الهاتف يحمل اسم أحمد حتى توصلنا إلى أن الجانى الفعلى، وتبين أنه يدعى أحمد حسن، 33 سنة عامل، حضر للمجنى عليه للاستعانة به فى أعمال الشعوذة عن طريق فتح المندل وخلافه للاطمئنان على صحة طفله الرضيع، ولكن عندما مات الطفل ظن والده أن الدجال من وراء عملية موته بإيعاز من بعض أقاربه، فقام بالذهاب إليه ليلاً وطلب منه الخروج معه لأمر ضرورى ثم قام بقتله بسكين اشتراها خصيصاً لتنفيذ جريمته. قمنا باستئذان النيابة العامة وألقينا القبض عليه، وبتضييق الخناق عليه ومواجهته بما توصلت إليه التحريات، اعترف بجريمته تفصيليا وبررها بأن الدجال قام بعمل سحر لأبنه مما أدى إلى وفاته، وبعرضه على النيابة العامة قام بتمثيل جريمته، فأمرت بحبسه على ذمة التحقيقات وإحالته محبوساً إلى محكمة جنايات سوهاج، فقضت عليه بالسجن المؤبد.