لا وساطات بين السماء والأرض. لا حبال واصلة بين الناس ورب الناس . كلنا عبيده ولنا القربى منه دون سفراء أو مبعوثين . لا كهنوت فى الاسلام، وليس لكائن أن يتحدث باسم الله ، أو باسم دينه العظيم ، لذا فقد خشيت أن يمر كلام الدكتور طارق الزمر فى لقائه مع طونى خليفة قبل أيام دون رد او تعليق . قال الرجل ان الرئيس السادات ليس شهيدا ، وإن قاتله خالد الاسلامبولى هو الشهيد! لو كان رأيا أو موقفا من الرئيس الاسبق ما التفتنا، لكنه موقف من العنف السياسى يمنح الشرف للقاتل وينزعه عن القتيل. موقف ضد الدولة والقانون والدستور والتحضر والحوار . كان من الاولى بالسجين المحرر أن يعتذر عن العنف من الدولة والمجتمع بدلا من أن يبرره، وأن يعترف بخطايا فكر ساهم فى صناعة الاستبداد من قبل النظام المباركى. لقد قتلوا السادات غدرا وسط أبنائه .كان يحتفل بنصر مصر، وعبورها نحو الكرامة عندما أصدر الشيخ محمد عبد السلام فرج حكم الاعدام عليه تكفيرا وتخوينا، وقام خالد الاسلامبولى الضابط بالقوات المسلحة بتنفيذ الحكم. لم تكن المحاكمة عادلة ولم يسمح للمتهم بدفاع، ولم يمنح حق الاستئناف، ولم ينذر أو يحذر. يومها زرع الغدر شروره فى جسد مصر ليصعد الى سدة الحكم رجل بلا مواقف، أو توجهات أو سياسات واضحة هو حسنى مبارك. ما قاله طارق الزمر يسىء اليه والى التيار الذى ينتمى اليه ، والى فكرة التحضر والحوار والعمل السلمى. ليس من حق طارق الزمر أن يمنح صكوك الشهادة لمن يرى ويمنعها عمن لا يرغب، فالاسلام لا يفوض أشخاصا يتكلمون باسمه ، والا فليرنا أحدهم تفويضا بتمثيل الله. لا أبرر الظلم وأعلم أن كثيرا من نشطاء الاسلام السياسى تعرضوا لمحن قاسية، لكننى أصر أن الصراع السياسى لا يجب أن ينسحب على الدين، وأن يبقى تقييم الزعماء والساسة بين الاصابة والخطأ لا بين الايمان والكفر . كان السادات وطنيا فريدا، ربما أصاب فى بعض الاحيان، وأخطأ فى غيرها ، لكنه لم يكن يستحق أن يقتل ، ولا يجوز أن نطلق صفة الشهيد على قاتله ، لأنه لم يقتل دون ماله أو وطنه أو دينه، وإنما قتل قصاصا لانه قتل نفسا بغير حق، والله اعلم .