منذ عام 2011 تحديدا 28 من يوليو، يتم الاحتفاء باليوم العالمي لالتهاب الكبدي سنوياً ، ويقدم اليوم العالمي لالتهاب الكبد فرصة فريدة للمجتمعات في جميع أرجاء العالم للانضمام إلى بعضها البعض في يوم واحد، وتركيز الاهتمام على ما يمثله الاتهاب الكبدي من تهديد للصحة على الصعيد العالمي، وعلى تعزيز إجراءات مواجهته. فمع تراجع عدد من الأوبئة كفيروس العوز المناعي البشري، والملاريا، والسل، ازداد بروز التهاب الكبد الفيروسي كسبب رئيسي للوفاة في العالم، وطبقا للدروس المستخلصة من تجربة فيروس العوز المناعي البشري أعطى ميزة السبق لوضع نهج محدد ازاء أوضاع مرضية مماثلة للسنوات الأولى لفيروس العوز المناعي البشري. والجدير بالذكر أن منظمة الصحة العالمية احتفلت باليوم العالمي للالتهاب الكبدي الوبائي اليوم الأحد تحت الاستثمار في الصحة ونشر عدد من المعلومات والأرقام المهمة. ويعتبر التهاب الكبد مرض تسبّبه عدوى فيروسية في غالب الأحيان. وهناك خمسة فيروسات رئيسية تسبّب ذلك الالتهاب ويُشار إليها بالأنماط A" و B و C و D و "E، وتثير تلك الأنماط قلقاً كبيراً نظراً لعبء المراضة والوفاة الذي تسبّبه وقدرتها على إحداث فاشيات وأوبئة، ومن الملاحظ، بوجه خاص، أنّ النمطين B و C يؤديان إلى إصابة مئات الملايين من الناس بمرض مزمن ويشكّلان، مجتمعين، أشيع أسباب تشمّع الكبد وسرطان الكبد. ويحدث التهابا الكبد A و E، في غالب الأحيان، نتيجة تناول أغذية أو مياه ملوّثة. أمّا التهابات الكبد B و C و D فتحدث، عادة، نتيجة اتصال مع سوائل الجسم الملوّثة عن طريق الحقن. ومن الطرق الشائعة لانتقال تلك الفيروسات تلقي دم ملوّث أو منتجات دموية ملوّثة، والإجراءات الطبية الجائرة التي تستخدم معدات ملوّثة، وفيما يخص التهاب الكبد B انتقال العدوى من الأم إلى طفلها أثناء الولادة، ومن أحد أفراد الأسرة إلى الطفل، وكذلك عن طريق الاتصال الجنسي. ومن أشهر أعراض هذا المرض:- 1-الحمى (ارتفاع درجة حرارة الجسم) 2-الضعف 3-فقدان الشهية 4-الغثيان والقيء 5-الألم في القسم الأيمن العلوي من البطن 6-آلام المفاصل والعضلات 7-اليرقان 8-البول الداكن اللون وعلى الصعيد الآخر فإن هناك العديد من الملوثات التي قد تؤدي إلى الإصابة بالتهاب الكبد، لكن التلوث يكون، في معظم الأحيان، فيروسيا، وفي الغالب من فيروسات التهاب الكبد: أ، ب، ج، د، ه (A، B، C، D، E). بقية التلوثات الفيروسية هي أقل شيوعا، وكذلك الملوثات الجرثومية، الملوثات الفطرية والملوثات الطفيلية، هي أقل شيوعا بكثير. من الممكن أن يؤدي الضرر السميّ للكبد، أيضا، إلى تطور التهاب الكبد. والكحول هي الأكثر شيوعا في هذه المجموعة، والتهاب الكبد الكحولي هو جزء من المرض الكحولي الذي يصيب الكبد. العديد من الأدوية قد تؤدي، هي أيضا، إلى الإصابة بالتهاب الكبد، مثل: الباراسيتامول (Paracetamol) والإيزونيازيد (Isoniazide). كما يمكن أن يتضرر الكبد من جراء التعرض لذيفانات مختلفة، مثل المذيبات العضوية (رباعي كلوريد الكربون - carbon tetrachloride) والفطريات السامة. من الممكن ظهور التهاب الكبد بعد عملية زراعة كبد، وذلك كتعبير عن رفض الجسم للكبد المزروع، أو من خلال معاودة المرض الأولي. ومن الممكن أن تشمل أمراض قنوات المرارة التي تسبب، بشكل عام، اليرقان الانسدادي (Obstructive jaundice)، التهاب في الكبد، أيضا. أحيانا، يكون التهاب الكبد مصحوبا بأمراض معوية التهابية، بالإضافة إلى الداء البطنيّ (السيلياك - Celiac). يتأثر سير المرض واحتمالات الشفاء منه بالعامل الممرض (المسبب للمرض) وبحالة المريض الأساسية: 1- عمره 2- حالته المناعية 3-الحمل وأمراض مرافقة. فمثلا، يتم الشفاء التام، دون علاج، لدى معظم المرضى المصابين بالتهاب الكبد بسبب فيروس التهاب الكبد من نوع أ (Hepatitis A)، وقد يموت نحو 0.4% بسبب الفشل الكبدي (وخاصة من بين المسنين)، ولكن هذا المرض لا يظهر صورة مزمنة. في المقابل، يصاب بين 50% - 90% من المرضى المصابين بفيروس إلتهاب الكبد من نوع ج (Hepatitis C) بالتهاب الكبد المزمن، إذا لم تتم معالجتهم. يتقرر علاج التهاب الكبد المناسب وفقا للعامل المسبب للالتهاب، يتركز علاج التهاب الكبد الناجم عن الأدوية على التوقف عن تناول الأدوية المُمرضة، وفي التهاب الكبد الكحولي يكون العلاج ب"الكورتيكوستيرويدات" (corticosteroids). فيما يخص التهاب الكبد الثانوي لالتهاب الكبد نوع (ج C) يكون العلاج بواسطة "إنترفيرون ألفا" (Alpha - interferon) و"ريبافيرين" (Ribavirin)، وفي مرض و"يلسون" يكون العلاج بواسطة "بنسيلامين" (D - penicillamine). وفي عام 2016، اعتمدت جمعية الصحة العالمية أول استراتيجية عالمية لقطاع الصحة على الإطلاق بشأن التهاب الكبد الفيروسي، وقد غطتت السنوات الخمس من عام 2016 إلى عام 2021. ولأول مرة أيضاً، حددت الاستراتيجية غايات عالمية للحد من حالات التهاب الكبد والوفيات الناجمة عنه والتوسع في التغطية بخدمات الوقاية والاختبار والعلاج. وكما كان الحال في الاستجابة لوباء فيروس العوز المناعي البشري اعتمدت الاستراتيجية نهجاً للصحة العمومية يعطي الأولوية للوقاية من العدوى والمرض ولتعزيز الصحة وإطالة العمر بين السكان بأكملهم. وتهدف الاستراتيجية إلى ضمان أكبر إتاحة ممكنة للخدمات العالية الجودة على صعيد السكان، بالاستناد إلى تدخلات وخدمات مبسّطة وموحّدة يسهل التوسّع فيها وتقديمها بطريقة لامركزية، بما في ذلك في البيئات المحدودة الموارد. تواجه الجهود المبذولة للوقاية من التهاب الكبد الفيروسي ومكافحته تحديات تتطابق في العديد من النواحي مع السنوات الأولى من وباء الأيدز، عندما كان الوعي العام والإصرار على العمل قد بدأا لتوهما يتولدان، ويرتبط قدر كبير من الوصم والتمييز بالتهاب الكبد، وينزع المرض إلى التأثير على نحو غير متناسب على المجموعات السكانية المهمشة.