يرحم زمان وأيام زمان وقت أن كان تغيير الحكومات من الأمور السهلة التى تتم فى أيام قليلة بمجرد تحديد شخصية رئيس الوزراء.. حدث ذلك أيام الرئيس المخلوع حسنى مبارك وقبله الرئيس السادات ومن قبله الرئيس جمال عبدالناصر.. وحدث بعد ثورة 25 يناير فقد عين الرئيس المخلوع حكومة برئاسة الفريق أحمد شفيق، وتحت ضغط الثوار تقدم شفيق باستقالته إلى المجلس العسكرى وتم تعيين الدكتور عصام شرف رئيساً للوزراء، فتم تعيين رئيس الوزراء وأعضاء حكومته فى سهولة ويسر لأن الدكتور شرف جاء من رحم الثورة ومن داخل ميدان التحرير، ولكن سرعان ما دبت الخلافات داخل مجلس الوزراء بين وزير التموين جودة عبدالخالق الذى جاء ممثلاً لليسار وبين د. حازم الببلاوى وزير المالية الذى يؤمن بالاقتصاد الحر.. وأصبح عدم التجانس هو سمة حكومة شرف.. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث تدهورت الحالة الأمنية وتدهور الاقتصاد الوطنى بشكل مخيف وتراجعت الاحتياطات النقدية فى البنك المركزى من العملات الأجنبية إلى أقل حد ممكن.. لدرجة أن الاحتياطى النقدى لا يكفى لتغطية استيراد السلع الاستراتيجية كالقمح والوقود إلى عدة شهور قادمة. وبسبب الفشل الذريع مع حكومة الدكتور شرف التى تم إجراء عدة تعديلات عليها وجاءت حكومة الدكتور كمال الجنزورى وسط تحديات كبيرة وانقسامات عدة فى ميدان التحرير بين مؤيد ومعارض.. واستطاع الدكتور الجنزورى إيقاف نزيف الاحتياطى النقدى وبدأ يرتفع تدريجياً وتحسنت الحالة الأمنية نسبياً مع اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، تم خلالها ضبط آلاف القطع من الأسلحة المهربة والصواريخ والذخائر المهربة عبر حدود ليبيا والسودان، وكان الانفلات الأمنى لايزال مستمراً بسبب توحش وتغول البلطجية والباعة الجائلين الذين سيطروا على الشارع المصرى. رغم المعارك الطاحنة التى دارت وسقوط عشرات الشهداء من رجال الأمن فى تصديهم للبلطجية والخارجين على القانون. الإخوان المسلمون أيدوا حكومة الدكتور الجنزورى فى البداية وبعد سيطرتهم والسلفيون ممثلين فى حزبى «الحرية والعدالة» و«النور» على أغلبية مجلس الشعب بدأوا منذ فبراير الماضى معركة إسقاط حكومة الجنزورى، وفشلوا فشلاً ذريعاً فى تحقيق هدفهم إسقاط الجنزورى للسيطرة على الحكومة لأن الإعلان الدستورى لم يمنح مجلس الشعب سلطة سحب الثقة من الحكومة.. ظل الإخوان متربصين بحكومة الجنزورى، بل قام د. سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب، المنعدم دستورياً بتعليق جلسات المجلس أسبوعاً كاملاً احتجاجاً على عدم استجابة المجلس العسكرى لطلب البرلمان بإقالة الحكومة!! فشل الإخوان فى سحب الثقة من الحكومة وتمسك المجلس العسكرى بالدكتور الجنزورى وحكومته وبمبدأ «سيب وانا اسيب» تم إقالة وزراء الثقافة والتعليم العالى والقوى العاملة ترضية للإخوان واستمرت الحكومة مع الرئيس، رغم إجراء الانتخابات الرئاسية والإعادة فيها ليتم إعلان فوز الرئيس محمد مرسى رئيساً للجمهورية، وقبل إعلان فوزه تقدم الدكتور الجنزورى باستقالته إلى المجلس العسكرى الذى طالبه بالاستمرار فى تسيير الأعمال منذ أكثر من شهر مضى، وتوقفت الأعمال وتوقف الحال وزادت المطالب الفئوية، كل هذا والرئيس فى قصره محاصراً بالمئات من المواطنين والآلاف من الشكاوى.. غرق الرئيس فى المطالب ولم يتم حل المشاكل الفئوية وازداد الأمر سوءاً بسبب العجز عن تشكيل الحكومة الجديدة كل يوم تصريحات بشأن شخص رئيس الحكومة سرعان ما يتم نفيها من المتحدث الرسمى باسم الرئاسة.. الكل يضرب «أخماساً فى أسداس»، وهناك من بدأ يضرب الودع ويفتح المندل ويقرأ الفنجان للوصول إلى شخص رئيس الوزراء وأعضاء حكومته.. لا الرئيس قرر من هو رئيس الوزراء ولا مكتب الإرشاد بالجماعة حدد هوية رئيس الوزراء القادم.. فإلى متى تستمر هذه الحالة السلبية فى تاريخ الوطن بسبب عجز الجماعة والرئيس فى تشكيل الحكومة الجديدة. من الأفضل أن يتم اختيار رئيس الوزراء الجديد من حزب الحرية والعدالة يكون مسئولاً أمام الشعب والرئيس عن الفترة التى سيدير فيها شئون البلاد.. أما التمسح فى تشكيل حكومة وحدة وطنية فهى تجربة فاشلة للهروب من المسئولية والفشل.. جربنا حكومات الوحدة فى حكومتى شرف والجنزورى وظروف البلاد لا تسمح بأى حال من الأحوال تجارب وفشلاً جديداً.. كفانا ما ضاع من وقت ويجب الإعلان فوراً عن الحكومة الجديدة لتبدأ العمل لانتشال البلاد من الفوضى والخراب والانهيار الاقتصادى، لماذا لا يشكل الدكتور محمد مرسى الحكومة ويصبح هو رئيسها وهو رئيس السلطة التنفيذية؟ ماذا ينتظر حتى يعلن تشكيل الحكومة ستحسم أموراً كثيرة تأخر اتخاذ قرارات حاسمة فيها، لقد اختار الرئيس مرسى الدكتور هشام قنديل ليكون رئيساً للوزراء فهل هذا يعنى انحيازه لعلاج ملفات الزراعة والرى حسب تخصص د. قنديل الذى كان وزيراً للرى ولم يظهر أى كرامات فى حل مشاكل الرى فلايزال الفلاحون يعانون عدم وصول المياه فى نهايات الترع.. هل رئيس الوزراء الجديد قادر مع أعضاء حكومته على انتشال البلاد من الأزمات الاقتصادية والأمنية؟ هل سينجح الدكتور «قنديل» فى تنفيذ برنامج المائة يوم وتنفيذ مشروع النهضة، نتمنى وكفانا ما أهدر من عمر الوطن والمواطنين، فلنتحرك جميعاً وبسرعة دون انتظار قرارات مكتب الإرشاد، فمصر هبة المصريين وليس فضيلة المرشد.