بغداد: (شينخوا) يستقبل العراقيون شهر رمضان وسط ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية وطقس شديد الحرارة لم تشهده البلاد منذ أكثر من 30 عاما زاد من معاناة المواطنين الذين يقضون ساعات طويلة بلا كهرباء. ووصلت درجة الحرارة اليوم الى أكثر من 50 درجة في بغداد، بحسب مصدر في هيئة الارصاد الجوية العراقية توقع أن تستمر موجة الحر هذه لعدة أيام. وقال المصدر لوكالة أنباء ((شينخوا)) ان شهر رمضان الكريم جاء هذا العام وسط موجة حر شديدة لم تشهد لها البلاد مثيلا منذ نحو 33 عاما. وقررت الحكومة العراقية تقليص الدوام في دوائرها ساعة واحدة بسبب الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، كما خولت عددا من المحافظات وخصوصا في جنوبي البلاد،تقليص الدوام بمقدار ساعتين في حال ارتفاع درجات الحرارة الى أكثر من 50. ولم تمنع موجة الحر، العراقيين من الاقبال وبشكل كبير على الأسواق خلال الأيام الماضية لشراء المواد التي يحتاجونها في تحضير وجبات الافطار والسحور رغم الارتفاع الواضح في أسعار السلع بمختلف أنواعها. وقال شاكر محمود (50 عاما) صاحب متجر كبير لبيع المواد الغذائية في حي المنصور غربي بغداد "على الرغم من الارتفاع الواضح في الأسعار، الا أن اقبال المواطنين على الشراء يعتبر جيدا الى حد ما". وأرجع محمود ارتفاع الاسعار لعدة أسباب منها زيادة الطلب على بعض المواد وقلة المعروض منها، ولجوء بعض التجار الى تخزين المواد الغذائية بهدف رفع اسعارها مستغلين اقبال الناس على الشراء بمناسبة حلول شهر رمضان، خصوصا وان الدور الحكومي في السيطرة على الاسعار يكاد يكون معدوما. وأضاف أن هناك عاملين اخرين اسهما في رفع الاسعار، الاول هو تأخر اجراءات فحص البضائع في المعابر الحدودية مع دول الجوار ، مبينا ان هذا الاجراء تقوم به شركات متعاقدة مع الحكومة وهو ما ادى الى تكدس مئات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية في هذه المنافذ. أما العامل الثاني، بحسب محمود، فهو تطبيق قرار اصدرته وزارة التجارة مؤخرا وبدأ تطبيقه قبل شهر رمضان بأيام قليلة، بضرورة حصول التاجر على اجازة الاستيراد للسماح له لادخال البضائع الى البلاد. ولفت الى ان سعر مادة مثل العدس الذي يستخدم في صنع الحساء (الشوربة) بالمفهوم العراقي، وهو طبق اساسي في افطار رمضان ارتفع الى الضعف، حيث كان يباع قبل نحو اسبوع ب 1250 دينارا للكيلو جرام الواحد، اما في اليومين الماضيين فقد ارتفع سعره الى 2500 دينار (الدولار يساوي 1250 دينارا)، كما ارتفعت اسعار بقية المواد بنسب تتراوح ما بين 20 - 35 بالمائة من سعرها الحقيقي. ورأى حازم عبدالسلام (45 عاما)، موظف حكومي، ان ارتفاع الأسعار أثر كثيرا على مشتريات العوائل العراقية وخفضها بمقدار النصف، خصوصا لأصحاب الدخل المحدود مثل الموظفين وعمال الاجر اليومي. وأضاف انه أجرى مقارنة بسيطة بين راتبه الشهري والقائمة الطويلة التي قدمتها له زوجته لشرائها من السوق، ووجد نفسه في حيرة كبيرة واضطر للاكتفاء بشراء نصف ما مطلوب منه. وقال حازم ان كان عليه ان يضع في حسابه ترك مبلغ لايجار المنزل الذي يقيم فيه مع عائلته ومبلغ آخر لدفع الاشتراك في مولد الكهرباء. ورددت ام فاطمة (57 عاما) وهي تحمل في يدها عددا من الاكياس بلغة محلية "كل شي غلا والسوق نار" في اشارة الى أن الاسعار ارتفعت بشكل كبير، مضيفة " كأن التجار ينتظرون هذا الشهر الفضيل لكي ينتقموا منا". وتساءلت "اين الحكومة، الا تضع حدا لجشع التجار، وهل ستتركنا لعبة بين ايديهم؟ الا يكفينا هذا الحر القاتل وقلة الكهرباء وارتفاع اسعار المولدات وطمع اصحابها الذي لاينتهي". وتشكل مشكلة الكهرباء في العراق، اليوم احدى المعضلات التي لم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 وحتى الان من ايجاد حل لها، على الرغم من المبالغ الكبيرة التي صرفت على هذا القطاع، ومحاولات الحكومة لايجاد بدائل مثل استيراد الطاقة من دول الجوار وتوزيع الوقود مجانا على اصحاب المولدات الاهلية وبشكل خاص في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة. ووفقا للمتحدث باسم وزارة الكهرباء مصعب المدرس، فان "انتاج العراق من الطاقة الكهربائية يبلغ حاليا 8000 ميجاواط ، ونأمل خلال مطلع شهر رمضان رفع الإنتاج إلى 9000 ميجاواط، وهو ما سينعكس بالتالي على تحسن ساعات تجهيز المواطنين بالطاقة لتصل إلى 12 ساعة يوميا". ويحتاج العراق وفقا لتقديرات وزارة الكهرباء الى أكثر من 16 ألف ميجاواط لتغطية الطلب المتزايد على الطاقة خلال هذه الفترة من السنة ، علما أن معدل التجهيز الحالي للكهرباء في اليوم الواحد يتراوح ما بين ست الى تسع ساعات فقط، ويختلف من محافظة الى اخرى. والعراق يتميز كغيره من الدول العربية والاسلامية بعادات وتقاليد منذ القدم تتمثل بكثرة الزيارات بين الاقارب والجيران وتبادل الدعوات على وجبة الافطار، وتقديم وجبات الافطار للعوائل الفقيرة خلال رمضان. وتبقى لعبة (المحيبس) احدى العلامات المميزة لهذا الشهر في العراق حيث تنتشر هذه اللعبة التراثية في الشارع الشعبي بشكل لافت للنظر وتستهوي العراقيين من لاعبين ومشجعين. وتتكون اللعبة من فريقين كل فريق يتكون من عدد من الأشخاص قد يتجاوز العشرين ويجلس الفريقان بصورة متقابلة وبشكل صفوف ويقوم احد أعضاء الفريق الأول بوضع خاتم (محبس) بيد أحد اعضاء فريقه، فيما يختار الفريق الثاني شخصا يتميز بخبرته في هذه اللعبة للعثور على (المحبس) ويتم تسجيل النقاط لكلا الفريقين حسب عدد المرات التي تمكن خلالها من معرفة مكان الخاتم، والفريق الذي يحقق الحد الأعلى من النقاط هو الفائز. ومن الطقوس المرافقة لهذه اللعبة، أن يتناول الفريقان والجمهور بعد انتهائها بعض الحلويات المعروفة (بالزلابية والبقلاوة) التي يتحمل ثمنها الفريق الخاسر. واعلنت وزارة الداخلية العراقية، إعداد خطة أمنية متكاملة لحماية المساجد والمراقد المقدسة والكنائس والأديرة الخاصة بالديانات الأخرى في عموم مدن العراق استعدادا لشهر رمضان المبارك. وقال عدنان الاسدي وكيل وزارة الداخلية العراقية، في تصريح صحفي ان "الخطة الأمنية تأتي تحسبا لهجمات إرهابية قد تشنها القاعدة أو الجماعات المسلحة الأخرى". وأضاف ان الخطة "تشمل نشر قوات الأمن على أبواب المساجد وحولها وتفتيش الاشخاص المشكوك فيهم لمنع وقوع الاعتداءات على المصلين الداخلين والخارجين منها وعلى مدار الساعة طيلة أيام الشهر الفضيل". وكان ديوان الوقف السني (هيئة حكومية مسؤولة عن ادارة الجوامع والمساجد والاموال التابعة للوقف في عموم العراق) قد اعلن امس ان يوم غد السبت، سيكون اول ايام شهر رمضان، فيما لم يعلن الوقف الشيعي حتى الان عن بداية الشهر الفضيل.