مساء ليلة عيد الميلاد المجيد فى السادس من يناير- قبل الماضي- إبان افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، كشف قداسة البابا تواضروس الثاني-بابا الإسكندرية - بطريرك الكرازة المرقسية- عن تفاؤله بمستقبل البلاد، واصفًا مصر ما بعد 30 يونيه بأنها تحمل تجديدًا، وتطويرًا فى الحياة، مؤكدًا أن الثورة مهدت الطريق أمام تفاعل الأقباط، وانفتاحهم على الحياة السياسية، وكسرت العزلة المفروضة عليهم منذ سنوات. تفاؤل البطريرك صاحبه ما يدعمه فى الواقع على الصعيد المصرى، والقبطى بشكل خاص، حيث أنجزت العديد من القوانين العالقة منذ فترة الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك أبرزها قانون «تنظيم بناء الكنائس»، وفتح الملف المسكوت عنه منذ عقود وهو «ملف الكنائس المغلقة-غير المرخصة»-بتكليف من مجلس الوزراء-تمهيدًا لتقنينها على دفعات متعاقبة. وفيما يعتبره الأقباط أكبر الإنجازات، والتحولات فيما بعد 30 يونيه تأتى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وكاتدرائية ميلاد المسيح فيما بعد لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد، كأول رئيس مصرى يفعل هذه الخطوة، ويلقى حجرًا كبيرًا فى مياه المواطنة الراكدة. ومع حلول الذكرى السادسة ل«30 يونيه» يتذكر الأقباط ما أنجز خلال السنوات الماضية، عطفًا على سعى الدولة لإلغاء التمييز، وتسمية ما يأتى دائمًا فى خطاب الرئيس «السيسي» من إطلاق مصطلح المصريين دون إشارة للتصنيف الدينى على أنه جانب مهم فى فتح أفق جديد ل«المواطنة العملية». ويعتبر مفكرون وقيادات قبطية تراجع حالات الاعتداء الطائفى، وسرعة الفصل فى مثل هذه النزاعات الفردية تطور إيجابى صحب مرحلة ما بعد 30 يونيه، وثمرة جيدة لما يجرى من تقنين دورى للكنائس غير المرخصة بالمحافظات المختلفة. وحسب القمص عبد المسيح بسيط كاهن كنيسة السيدة العذراء بمسطرد-فإن أبرز الإنجازات التى تضمنتها مرحلة ما بعد 30 يونيو هى فتح ملف الكنائس المغلقة، وفحصها، وتقنين أوضاعها، لأن ذلك لم يكن مطروحًا من قبل، وكان سببًا رئيسيًا فى الأحداث الطائفية المتكررة. وقال: إن أحدًا لا يستطيع إغفال تسمية زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى ل«الكاتدرائية» فى أعياد الميلاد ب«الإنجاز»، لافتًا إلى أنه خطوة نحو تعزيز المواطنة، والتأكيد على كونه رئيسًا لكل المصريين. وأضاف بسيط فى تصريح ل«الوفد» أن قانون تنظيم بناء الكنائس يأتى على رأس مكاسب الأقباط فى فترة ما بعد «30 يونيو»، مشيرًا إلى أن أعمال البناء فى قرى الصعيد كانت نواة لإزكاء»الطائفية» نظير أفكار متطرفة، وعادات انتشرت، واستقرت هناك، وكونه لم يفعل بالشكل المطلوب فى بعض المحافظات، فإن إقراره رسميًا من مجلس النواب حدثًا تاريخيًا، على أمل تعديل بعض بنوده متى أتيحت الفرصة. كاهن كنيسة العذراء بمسطرد أعرب عن أمله فى تفعيل أكثر للمواطنة خلال الفترة المقبلة، ومراعاة تمثيل الأقباط بالوزارات المختلفة، بما يتسق مع دعم الرئيس للمساواة بين المصريين. فى سياق متصل قال كمال زاخر مؤسس التيار العلمانى القبطي: إنه لا يمكن فصل الأقباط عن السياق المصرى فيما حدث ويحدث من تداعيات، ولم يكن الأمر احترابا دينيا انما صراع بين توجهات سياسية متباينة تولدت عقب نجاح الاخوان فى الوصول للحكم وما استتبعه من تعجل فى جنى الثمار، وإقصاء بقية الفصائل عن الساحة حتى الفصائل السياسية الاسلامية الأخرى، لافتًا إلى أن الأقباط نالوا النصيب الأوفر من الإقصاء، وتحملوا تبعات ما جرى بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، وتأكدت هواجسهم الدافعة للانحياز إلى ثورة الثلاثين من يونيه. وأضاف زاخر فى تصريح ل«الوفد» أنه من التبسيط المخل توقع انحسار استهداف الاقباط بشكل مباغت فأزمتهم صارت مع بعض الأقطار السائدة خارج مجتمع العاصمة، والتى تم تشكيلها بامتداد نصف قرن، وقد سيطر هذا التيار على آليات تشكيلها - التعليم والاعلام والثقافة - لكن بالرغم من ذلك فثمة انفراجة فى وضعية الاقباط فيما يرتبط بمشاركتهم المجتمعية، والخروج من الكنيسة للوطن والقفز بقضاياهم إلى دائرة الاهتمام، وتطور العلاقة بين مؤسسة الرئاسة والكنيسة، والمتمثلة فى حضور الرئيس احتفالاتها الدينية، واعتماد بناء كنيسة فى كل تجمع عمرانى جديد. وأشار مؤسس التيار العلمانى القبطى إلى أن كاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة تعكس تطورًا إيجابيًا ضمن نسق بناء كنيسة رئيسية فى المجتمعات العمرانية الجديدة، إلى جانب حلحلة مشكلة الكنائس المغلقة، و يأتى فى سياق اصدار قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس. وأردف قائلًا: «هناك تغير ملحوظ فى قضية المواطنة، وتقدم إيجابى بها رغم مقاومة القوى التى تسعى للإرتداد إلى ما قبل 30 يونيه». واستطرد: زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للكاتدرائية، وكاتدرائية ميلاد المسيح تعكس توجه التعامل مع الأقباط باعتبارهم مواطنين مصريين، قبل الصفة الدينية. على الصعيد ذاته قال د.إيهاب رمزى عضو مجلس الشعب السابق: إن الذكرى السادسة لثورة «30 يونيو» تأتى محملة بمكاسب وإنجازات للأقباط على وجه الخصوص، أبرزها على الإطلاق إنهاء ملف الكنائس المغلقة، وحل كثير من المشاكل العالقة فى محافظات مصر، مؤكدًا أن قانون بناء الكنائس على رأس المنجزات، مع الاحتفاظ بمطلب مراجعة بعض بنوده. وأضاف ل«الوفد» أن السنوات الست الأخيرة حققت تراجعًا ملحوظًا فى معدلات الأحداث الطائفية فى مصر، واصفًا الخطاب الرئاسى بأنه أبرز أسباب التهدئة بين المسلمين، والأقباط. لفت رمزى إلى أن الأقباط حققوا تمثيلًا برلمانيًا غير مسبوق فى الحياة السياسية المصرية ، وهو ما يعكس سعى الدولة إلى إقرار المواطنة، والمساواة بين الجميع على معيار الكفاءة، مشيرًا إلى أن غياب التمثيل فى مناصب المحافظين، والوزراء يعد أملًا مشروعًا فى الفترة المقبلة، فى ضوء رغبة الدولة فى تأكيد المواطنة بين المصريين. واستطرد قائلًا: ( نأمل فى الاهتمام بمشاركة الأقباط فى الأندية الرياضية، والسعى إلى تغيير طريقة التعامل مع القضايا العالقة بالعقلية القديمة، خلال الفترة المقبلة). وجدد عضو مجلس الشعب السابق تأكيده على مكاسب الأقباط، مطالبًا بإقرار قانون الأحوال الشخصية الموحد، وطرح حلول عاجلة ل«اختفاء القاصرات»، كأزمتين تؤرقان الأسر القبطية فى الفترة الأخيرة. من جانبه رفض الأب رفيق جريش المتحدث السابق باسم الكنيسة الكاثوليكية تصنيف المجتمع إلى «مسلمين ومسيحيين» فى سياق الحديث عن مكتسبات ثورة «30 يونيو»، لافتًا إلى أن المكاسب للشعب والوطن بأكمله. وقال: إن أبرز مكاسب المسيحيين بشكل خاص هو تراجع نسب الأحداث الطائفية فى المحافظات، وميل الدولة الواضح إلى تطبيق المواطنة، وتفعيل خطاب التعايش، والمساواة. وأضاف فى تصريح ل«الوفد» أن المواطنة فى طريقها للتحقق كأحد أبرز منطلقات البناء فى «مصر الجديدة بعد 30 يونيو»، معرجًا على أن تطبيقها لم يكتمل بعد، لكن هناك سعيًا ملحوظًا لتفعيلها منذ وصول الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكم. المتحدث السابق باسم الكاثوليكية أعرب عن رغبته فى الاهتمام بالتعليم، والصحة، والثقافة، وبناء الإنسان خلال الفترة المقبلة، واستغلال القوة الناعمة، على وقع تصريحات «السيسي» المطالبة بتعزيز الثقافة، واستطرد قائلًا: ( نحتاج إلى وقت طويل لتغيير ذهنية البعض فى ضرورة التعايش). وجدد جريش تقديره للدولة فى حرصها على إقرار قانون ل«تنظيم بناء الكنائس»، وتقنين أوضاع الكنائس المغلقة. إلى ذلك جدد فادى يوسف مؤسس ائتلاف أقباط مصر تمسكه بثوابت ثورة الثلاثين من يونيه، لافتًا إلى أن الزمن إذا عاد سيختار الأقباط الانحياز لها على أرضية وطنية. وقال: إن مكاسب الأقباط بعد مرور 6 سنوات على 30 يونيه تتبلور فى زيادة عدد النواب الأقباط بالبرلمان، وتضاعف التمثيل النيابى. وأضاف ل«الوفد» يمكننا أن نعتبر تحسن العلاقة بين الدولة، والكنيسة، بعد مراحل من الجفاء فى العهود السابقة ملمحًا بارزًا فى إنجازات المرحلة، وتداعيات ذلك على طمأنة الأقباط، وخروجهم للمشاركة فى العمل السياسى، والشعبى. وأشار مؤسس ائتلاف أقباط مصر إلى أن ثمة طفرة ملحوظة، ومكتسبات قبطية على الصعيد التشريعى لعل أبرزها إقرار قانون تنظيم بناء الكنائس، وصياغة قانون الأحوال الشخصية الجديد المعروف بقانون«الأسرة المسيحية»، وتأسيس لجنة مواجهة الفتن الطائفية، ولجنة تقنين أوضاع الكنائس غير المرخصة. واستطرد قائلًا: «على المستوى الكنسى يأتى بناء كاتدرائية ميلاد المسيح، إلى جانب إقامة كنيسة فى كل مدينة جديدة، وهو إنجاز غير مسبوق، ويحسب لمرحلة ما بعد 30 يونيه». الصور: 1-الرئيس عبدالفتاح السيسى لدى تهنئته البابا تواضروس والأقباط بعيد الميلاد المجيد بكاتدرائية ميلاد المسيح 2-الرئيس عبدالفتاح السيسى والبابا تواضروس بكاتدرائية ميلاد المسيح أثناء احتفالات عيد الميلاد 3-الرئيس عبدالفتاح السيسى يصافح الأقباط أثناء دخوله كاتدرائية ميلاد المسيح لتهنئتهم بعيد الميلاد 4-الكاتدرائية المرقسية بالعباسية بعد ترميمها 5-الكاتدرائية المرقسية بالعباسية تتزين أثناء احتفالات عيد القيامة الماضى بعد انتهاء ترميمها