تحت شعار الألم النفسانى زى أى مرض له علاج.. أطلق الدكتور أحمد عكاشة أستاذ الطب النفسى، كلية طب جامعة عين شمس ومستشار رئيس جمهورية مصر العربية للصحة النفسانية والتوافق المجتمعى، الحملة الوطنية لإزالة وصمة المرض النفسانى تحت رعاية الجمعية المصرية للطب النفسانى برئاسة الدكتور ممتاز عبدالوهاب، واتحاد الاطباء النفسانيين العرب، والدكتور على جمعة مفتى الجمهورية السابق ورئيس مجلس أمناء مؤسسة مصر الخير، وكل رؤساء اقسام الطب النفسى، وتحمست شركة جانسن فى مصر لرعاية هذه الحملة، نظرا لاهتمامها الخاص بزيادة الوعى بالمرض النفسانى، وإزالة الوصمة ومحاولة العلاج المبكر ويمثلها الدكتور رامز محسن فوزى المدير التنفيذى لشمال إفريقيا. وتشير الإحصاءات الدولية إلى ازدياد نسب انتشار الاضطرابات النفسانية فى جميع أنحاء العالم، حيث ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب والقلق من 416 مليونا إلى 615 مليون نسمة أى بنسبة 50% تقريباً، وتمثل الاضطرابات النفسانية 38% من العبء العالمى للأمراض. بينما يشكل المرض النفسانى واحدا من كل أربعة اشخاص، فيما بلغ عدد الاضطرابات النفسانية طبقا لآخر مسح قامت به الأمانة العامة للصحة النفسانية فى مصر أن المرض يصيب 24٪ من السكان بما يعادل ربعهم تقريبا. كما أشارت الدراسات إلى أن عدد المنتحرين فى العالم حوالى مليون نسمة، 70% منهم يعانون من الاكتئاب، وان علاج الاكتئاب والمرض النفسانى هو استثمار لاقتصاد الأمة، وفى دراسة حديثة فى لندن من كلية الاقتصاد البريطانية، ثبت أن علاج الاكتئاب وعودة المرضى للعمل والمشاركة تزيد من الناتج القومى بنسبة 3%. وأشار إلى أن وصمة المرض النفسانى، بدأت عندما تم فصل الجسد عن النفس، فقدماء المصريين كان عندهم المرض النفسانى مكانه فى القلب أو الرحم (الهستيريا) وذكرت كل الامراض النفسانية فى بردية «إبر» المخصصة لأمراض القلب أو بردية كاهون عن امراض الرحم (الهستيريا)، ومن ثم كانوا يعالجون على انهم مرضى بالقلب أو بالرحم، وبالطبع لا توجد وصمة لأنه كان يعالج كمريض قلب. وكلمة الطب النفسانى بدأت فى عام 1808 ومعناها الحرفى «العلاج الطبى للروح» الآن العلوم العصبية (سواء السلوكية أو العضوية)، وفى القرون الوسطى كان المرض النفسانى يؤول على انه مس من الجن، أو الشياطين أو أرواح شريرة أو أسياد وكانوا يعذبون ويحرقون فى أوروبا. وأضاف الدكتور عكاشة: أن الغرض من المستشفى العقلى فى هذا الوقت كان إيداع المريض لحماية المجتمع من خطورته حيث لا يوجد أى علاج، ولكن العلاج لمعظم الامراض النفسانية قد تم اكتشافه بالفعل، وأصبحت كل المستشفيات العامة والمستشفيات الجامعية بها اقسام للطب النفسانى، بالإضافة إلى مستشفيات وزارة الصحة (18 مستشفى)، والان تتجه معظم بلاد العالم إلى بناء مستشفيات أو اقسام للطب النفسانى مثل باقى التخصصات داخل المدينة وليست على أطرافها، وأصبح المريض النفسانى يعامل مثل مريض القلب، السكر والسرطان وله كل حقوق المريض. ومع ذلك، فإن الاستثمار الحالى فى خدمات الصحة النفسانية، يقل بكثير عن اللازم. فوفقاً لمسح عام 2014 لأطلس الصحة النفسانية التابع للمنظمة العالمية للصحة، تنفق الحكومات 3% فى المتوسط من ميزانيات الصحة الخاصة بها على الصحة النفسانية، وتتراوح النسبة من 1% فى البلدان المنخفضة الدخل إلى 5% فى البلدان المرتفعة الدخل. إن وصمة المرض النفسانى وتهميش المريض النفسانى والابتعاد عنه ونبذه من الجيران، ونظرة الأطفال له على انه مجنون ويجب الحذر والابتعاد عنه والخوف من التقرب اليه، تؤثر فى المريض بطريقة سلبية وتجعله يفقد ثقته بنفسه، ويصاب بانخفاض فى الروح المعنوية وعدم قدرته على الاختلاط والعمل مما يشكل العجز فى التكافل الأسرى وزيادة حالات الطلاق والامتناع عن العمل بل إن اللجوء للمخدرات منتشر بينهم للهروب من الوصمة (حوالى 30-40%) وكذلك قد ينتشر الانتحار بنسبة تتراوح من 12-15%. إن المريض النفسانى لا يحظى بالعناية إذا اصيب بأمراض فى القلب، الضغط، السكر أو السرطان لأنه مريض نفسانيا. مما جعل المرض النفسانى يقلل من عمر الانسان حوالى 15 عاما. وقال عكاشه إنه لا يوجد فى الطب النفسانى اضطراب أو مرض يسمى بالجنون، وأساء الاعلام المرئى والمقروء لصورة المريض النفسانى، وما كانت تراه الناس فى السينما والمسلسلات، لا يعبر عن حقيقة المريض النفسانى بل معظمها تصورات خاطئة، وكلنا مرضى عقليون لمدة ساعتين يوميا فالأحلام عبارة عن هلاوس وخيالات وضلالات، 90 دقيقة من النوم الحالم تتناوب مع ساعتين من النوم غير الحالم، فالمرض النفسى الذهانى ما هو إلا زحف الاحلام والخيالات إلى اليقظة. كما أن هناك بعض الاعتقادات الخاطئة من بينها «إن المريض النفسانى لا يشفى»، إن الفصام اشد الامراض ويعنى اضطرابات التفكير (الشكل، والمحتوى، والتحكم، والتأثير، والعواطف، والادراك، والحواس)، وقد يؤدى عدم العلاج إلى تدهور فى الشخصية. لافتا إلى أن الدماغ هى اساس كل الاضطرابات النفسانية، وأن هناك نسبة كبيرة تشفى منه مع العلاج، كما أن الاعتقاد «إن فشل الأهل فى التربية والتنشئة يسبب المرض النفسانى». وأخيرا أكد الدكتور أحمد عكاشة أن نصفا فى المائة فقط من المرضى النفسانيين هم من يحتاجون الدخول إلى المستشفيات لتلقى العلاج، بينما 99,5٪ يمكن علاجهم من خلال العيادات الخارجية، فيما لا يذهب من المرضى النفسانيين إلى الطبيب النفسانى سوى 3٪ فقط، حيث يتجه الباقون إلى الممارس العام نظرا لان 60-70% من الامراض النفسانية تبدأ بآلام واعراض عضوية، بينما يتجه المرضى النفسانيون فى البلاد العربية إلى العلاج التقليدى، أو الشعبى، أو الدينى. وأوضح الدكتور ممتاز عبدالوهاب أستاذ الطب النفسانى ورئيس الجمعية المصرية للطب النفسانى، أن من أكبر المشكلات التى تواجه الطب النفسانى فى المجتمعات العربية حاليا هو انتشار المفاهيم الخاطئة عن الطب النفسانى وعن طبيعة المرض النفسانى. وهو ما يسمى بال«ستيجما» أو وصمة العار التى ترتبط بالمرض النفسانى أو الطبيب النفسانى، وتمتد إلى المستشفيات النفسانية والمرضى واقاربهم وأساليب العلاج النفسانى. والمقصود بالوصمة هو الشعور بالخجل والنقص والرفض، وعدم الاهتمام من قبل الآخرين. وأوضح الدكتور رامز محسن، المدير التنفيذى لشركة جانسن شمال إفريقيا أن نجاح الحملة الوطنية لإزالة وصمة المرض النفسى، يعتمد على توفر العلاجات المناسبة للمرضى فى الوقت المناسب، وأن الشركة تعمل فى مجال الصحة النفسية على مدار 50 عاماً.