مرت جماعة الإخوان المسلمين فى مصر بسلسة طويلة من القهر والتعذيب، منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر نتيجة لمطالبة الإخوان لضباط الثورة العودة للثكنات وإعادة الحياة النيابية للبلاد ومرورا بعصر الرئيس الراحل أنور السادات الذي شهدت الجماعة خلاله مساحة من الحرية لم تستمر طويلاً ، حتى تم إبرام معاهدة السلام مع إسرائيل فى عام 1977 .. بعدها شهدت مصر حركات معارضة شديدة لسياسات السادات مما أدى لاعتقال عدد كبير من الإخوان والقوى السياسية الأخرى فيما سمي إجراءات التحفظ في سبتمبر 1981. و نهاية بعصر الرئيس المخلوع " حسنى مبارك " حيث تبلورت سيناريوهات التعذيب والتنكيل وفقاً لقانون الطوارئ الذي تم العمل به منذ تولي مبارك السلطة في 1981، وتعرضهم لمحاربات عنيفة بعد حصولهم على 88 مقعدا في مجلس الشعب في الانتخابات النيابية التي جرت في ديسمبر من عام 2005 . والآن وبعد قيام ثورة يناير ، وإجراء انتخابات رئاسية نزيهة وصل من من خلالها د. محمد مرسى أبرز قيادات الإخوان للحكم ، ما هو المتوقع من الشخصية الإخوانية التى تعرضت للقهر والظلم على مر العصور ، وعاشت طوال حياتها فى السجون لتجد نفسها فى مركز صناعة القرار وفى يديها مستقبل وطن ؟! ردود الأفعال تختلف تقول" د. فاطمة الشناوى" – خبيرة الطب النفسى – أنه فى الطب النفسى لا يمكن أن نعمم ظاهرة معينة على كل الحالات ، فمثلا حالة مثل شخصية الإخوانى الذى تعرض للقهر والظلم طوال حياته ، لا يمكن أن نتوقع منه البدء فى مسيرة الإنتقام ولا يمكن أيضاً أن نطمئن إلى سيره فى مسلك التعاطف والرحمة تعويضاً لما حدث له ، فلكل شخصية تكوينها النفسى الذى يجعلنا نتوقع حدوث اختلافات فى ردود الأفعال. فنجد بعض القيادات الإخوانية التى تلجأ لكسب ثقة الشعب ومحاولة التوصل إلى التفاهم التام والبعد عن أى صدام ، وفى جانب آخر نتوقع مجموعة أخرى منهم يعوضون ذلك القهر بالتعامل القاسى مع من حولهم بعدما وجدوا أنفسهم ينتقلون من العمل السياسي المحظور إلى أكبر المراكز فى الدولة ، مضيفة أنه علينا ألا نتسرع فى الحكم عليهم الآن وأن نعطى لهم الفرصة ، وإذا بدر منهم أى نوع من كبت الحريات أو ممارسة الظلم فهنا يأتى دور الشعب مرة ثانية . فكرة الإنتقام بعيدة .. ويؤكد "د. عمرو أبو خليل "- أخصائى الطب النفسى – أن جماعة الإخوان المسلمين وعلى رأسهم د. محمد مرسى سلميين بطبيعتهم ولا يمكن أن يعيدوا إنتاج الظلم والقهر ثانية، فهم على مدار الزمن فى تفاعل مع الشعب وإحتكاك دائم بالشارع ، وسوف تكون قرارتهم نابعة من الناس وقناعة أنفسهم التى تؤمن بالإصلاح والتسامح والدعوة المعتدلة . ويضيف أن المسؤلية الملقاة الآن على عاتقهم ستجعلهم بعيدين عن فكرة الانتقام فالنية غير موجودة بالمرة ، ويدلل على كلامه بأنه لم تظهر أى مبادرات لتنظيم عدوانى وهم فى أحلك أوقات القهر والظلم.. فكيف يمكن أن يحدث ذلك فى فترة رخائهم ؟ تحدى متوقع .. وعلى جانب آخر ترى د. عزة هاشم – باحثة فى علم النفس السياسى - أنه يمكن تقسيم دور الشخصية الإخوانية فى المرحلة القادمة لنوعين ؛ القيادات الكبرى بجماعة الإخوان.. والأعضاء بجماعة الإخوان والحزب . وتتوقع أن تكون القيادات الكبرى فى غاية التسامح وفي محاولة دائمة لكسب ثقة الناس لصفهم لترسيخ أقدامهم ، بالإضافة لترويج صورة مثالية حتى مع أعدائهم، وأن ذلك برز بوضوح فى خطاب د. مرسى عندما حاول طمأنة العاملين بقطاع الإعلام والسياحة والمبدعين. وتتابع: أما بالنسبة لأعضاء الجماعة فهنا تتبلور نقطة الخطر ، فمن الممكن أن يلجأوا لتصفية الحسابات ، ويأتى فى مقدمة تلك الحسابات علاقتهم بجهاز الشرطة . ولذا فمن المتوقع أن يحدث بينهم نوعا من التحدى ، بالإضافة إلى التمرد ورفض تنفيذ الأوامر من قبل جهاز الشرطة الذين وجدوا أنفسهم فجأة تحت سلطة مسجونيهم .