لم «أهضم» تبرير الدكتور جودة عبدالخالق لسكوته - وهو الوزير المسئول عن التموين والتجارة الداخلية في حكومة المرحلة الانتقالية - عن إثارة متاجرة نائبين من حزب النور السلفي في تهريب البنزين والسولار، وهي الواقعة التي ضبطتها مباحث التموين في شهر أبريل الماضي وأبلغت بها النيابة العامة، لقد برر الوزير سكوته عن إثارة الموضوع في تصريح خاص ل «الوفد» بأن مباحث التموين حررت عدة محاضر ضد نواب في البرلمان «الثوري المنحل» بعد ضبطهم يتاجرون في البنزين والسولار، وأنه يبقي علي الجميع أن يعلم أن بعض نواب البرلمان قد برعوا في مص دم الغلابة، في الوقت الذي كانوا فيه يتهمون الحكومة بافتعال الأزمات، وأنها تصدر الأزمات، ولكن جاء الوقت لتظهر الحقيقة كاملة أمام الرأي العام، وأضاف د. جودة في تصريحه الخاص ل «الوفد»: «بأنه لم يعلن عن الموضوع وقتها لأن العلاقة كانت متوترة بين الحكومة ومجلس الشعب، وأن نواب المجلس كانوا يعقدون الاجتماعات للهجوم علي بعض الوزراء وأنا منهم، لمجرد الاعتراض علي سيطرة الإخوان علي جميع السلطات». قد يكون سكوت د. جودة عبدالخالق من باب «المواءمة» وحسن تقدير الأمور، والحكمة إلي آخر ما يراه كثيرون في موقف الوزير، ولكنني لا أجد للأمر وجهاً آخر ربما فات علي الوزير، فمباحث التموين قد ضبطت بالفعل الوقائع التي تخص النواب، وأرسلتها إلي النيابة التي ربما أرجأت التصرف هي الأخري «مواءمة» أو من باب حسن تقدير للموقف، ولكن هذه الواقعة التي عاشت في طي الكتمان فلم يعلنها الوزير وقتها قد جعل نواب المجلس يشددون الهجوم علي وزارة د. كمال الجنزوري والدكتور جودة عبدالخالق أحد وزرائها، وهو الوزير المسئول عن أقوات الشعب والسلع الاستراتيجية التي من أهمها الوقود، وقد عانت الوزارة - هذه الوزارة تحديداً - من ظلم بين جعل من اختفاء أنواع الوقود - السولار والبنزين أهمها - فضيحة متجددة يومياً تتناقلها كل وسائل الإعلام، التي كانت تنشر باستمرار عن ضبط كميات من هذه الأنواع المختفية من الأسواق مهربة ومخبأة لبيعها في السوق السوداء، وكانت هذه الوقائع تؤكد أنها مهما بالغت الحكومة في تدبير هذه المواد بكميات تزيد علي حاجة السوق الفعلية، فإن التهريب والاتجار في السوق السوداء كان يبتلع ما تضخه الحكومة لتدارك الأزمة المفتعلة التي كان وراءها هؤلاء النواب المهربون وأشباههم من مجرمي التهريب والسوق السوداء، مما يجعل المداراة والسكوت علي هذه الوقائع ضرباً من المشاركة فيها، ومهما كانت الأسباب وراء ذلك، وكان الكشف عنها من أوجب الواجبات.