مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 في بورسعيد    الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تستعد لاستضافة اجتماع لجنة الإيمان غدا الخميس.. صور    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025    الطماطم ب 20 جنيه.. أسعار الخضار والفاكهة الأربعاء 22 أكتوبر 2025 في أسواق الشرقية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025    بكام الطن النهارده؟.. أسعار الأرز الشعير والأبيض الأربعاء 22-10-2025 بأسواق الشرقية    طبول الحرب تدق مجددًا| كوريا الشمالية تطلق صاروخًا باليستيًا باتجاه البحر الشرقي    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر والقنوات الناقلة    اليوم.. الأهلي يبحث عن صدارة الدوري من بوابة الاتحاد السكندري    العظمى 28.. تعرف على حالة الطقس اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025 في بورسعيد    مصرع شقيقين في حادث تصادم بالمنيا    خبير: تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني يعكس عبقرية الإنسان المصري    رابط مباشر ل حجز تذاكر المتحف المصري الكبير 2025.. احصل على تذكرتك الآن    القوات الروسية تقضي على مرتزقة بولنديين وتكشف محاولات تسلل أوكرانية    ألمانيا والنرويج تناقشان بناء غواصات بالاشتراك مع كندا    السوداني: الحكومة العراقية حريصة على مواصلة زخم التعاون الثنائي مع أمريكا    اليوم.. نظر محاكمة البلوجر أكرم سلام لاتهامه بتهديد سيدة أجنبية    هجوم غامض بأجسام مجهولة على القطار المعلق في ألمانيا    بعد الإكوادور، زلزال بقوة 6 درجات يهز كوستاريكا    أسعار الدواجن والبيض اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025    تعليم المنوفية تحسم قرار غلق مدرسة بالباجور بعد ارتفاع إصابات الجدري المائي    حسين فهمي: الدفاع عن الوطن في غزة ليس إرهابًا.. واستقالتي من الأمم المتحدة جاءت بعد هجوم قانا    ترامب: لن ألتقي بوتين إلا إذا كانت القمة مثمرة    عبد الله جورج: الجمعية العمومية للزمالك شهدت أجواء هادئة.. وواثقون في قدرة الفريق على حصد لقب الكونفدرالية    طالب يطعن زميله بسلاح أبيض في قرية كفور النيل بالفيوم.. والضحية في حالة حرجة    مهرجان القاهرة الدولي لموسيقى الجاز يهدي دورته ال17 ل زياد الرحباني    سعر الذهب اليوم الأربعاء 22-10-2025 بعد انخفاضه في الصاغة.. وعيار 21 الآن بالمصنعية    عاجل- بدء التقديم لحج الجمعيات الأهلية اليوم.. 12 ألف تأشيرة وتيسيرات جديدة في الخدمات    تعليمات جديدة من التعليم للمعلمين ومديري المدارس 2025-2026 (تفاصيل)    أكثر من 40 عضوًا ديمقراطيًا يطالبون ترامب بمعارضة خطة ضم الضفة الغربية    وزير الزراعة: تحديد مساحات البنجر لحماية الفلاحين وصادراتنا الزراعية تسجل 7.5 مليون طن    عاجل- الحكومة: لا تهاون في ضبط الأسعار.. ورئيس الوزراء يشدد على توافر السلع ومنع أي زيادات غير مبررة    جداول امتحانات شهر أكتوبر 2025 بالجيزة لجميع المراحل التعليمية (ابتدائي – إعدادي – ثانوي)    موعد مباريات اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025.. إنفوجراف    أرتيتا: مواجهة أتلتيكو مدريد كانت صعبة.. وجيوكيريس استحق التسجيل    اعترافات المتهم بمحاولة سرقة مكتب بريد العوايد في الإسكندرية: من قنا وجاء لزيارة شقيقته    وفاة شاب ابتلع لسانه أثناء مباراة كرة قدم في الدقهلية    ريكو لويس: سيطرنا على مباراة فياريال.. وجوارديولا يعلم مركزي المفضل    ياسر عبدالحافظ يكتب: هدم العالم عبر اللغة    د. محمد العربي يكتب: دور الأزهر في التصدي للفكر الإرهابي    باريس سان جيرمان يكتسح ليفركوزن بسباعية في دوري الأبطال    رومانسي وحساس.. 4 أبراج بتحب بكل جوارحها    تكريم ياسر جلال فى مهرجان وهران للفيلم العربى بالجزائر    فعاليات للتوعية ضد الإدمان وزواج القاصرات بعدد من المواقع الثقافية بالغربية    جامعة طنطا تحتفي بإنجاز دولي للدكتورة فتحية الفرارجي بنشر كتابها في المكتبة القومية بفرنسا    مواقيت الصلاة فى أسيوط الاربعاء 22102025    إمام مسجد الحسين: المصريون يجددون العهد مع سيدنا النبي وآل البيت    «تقريره للاتحاد يدينه.. واختياراته مجاملات».. ميدو يفتح النار على أسامة نبيه    مجلس كلية طب طنطا يناقش مخطط تدشين مبنى الكلية الجديد    استشاري مناعة: الخريف أخطر فصول العام من حيث العدوى الفيروسية.. واللقاحات خط الدفاع الأول    خطر يتكرر يوميًا.. 7 أطعمة شائعة تتلف الكبد    تخلصك من الروائح الكريهة وتقلل استهلاك الكهرباء.. خطوات تنظيف غسالة الأطباق    وزير الخارجية: نشأت فى أسرة شديدة البساطة.. وأسيوط زرعت الوطنية فى داخلى    الصليب الأحمر في طريقه لتسلم جثماني محتجزين اثنين جنوب غزة    هل يجوز تهذيب الحواجب للمرأة إذا سبّب شكلها حرجًا نفسيًا؟.. أمين الفتوى يجيب    المصري الديمقراطي يدفع ب30 مرشحًا فرديًا ويشارك في «القائمة الوطنية»    رمضان عبد المعز: "ازرع جميلًا ولو في غير موضعه".. فالله لا يضيع إحسان المحسنين    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وكيل كلية الإعلام بجامعة الأزهر فى حوار ل«الوفد»:الأزهر لا يعادى الإبداع
نشر في الوفد يوم 17 - 04 - 2019

تركيبة المصريين تتماشى مع الفطرة السليمة التى تصون الحرمات
يجب تطوير المنظومة التعليمية بالتوازى مع تجديد الخطاب الدينى
الإعلام الذى يستهدف الربح المادى يؤدى إلى نتائج وخيمة
الشيخ أحمد الشرباصى كان يقول: إذا تفنن رجل الدين وتدين رجل الفن سيلتقيان فى منتصف الطريق لخدمة العقيدة السليمة
بعض الفضائيات تروج للشباب بأن العلم طريق بلا جدوى
الدكتور محمود الصاوى واحد من أهم أساتذة الثقافة الإسلامية بالجامعات المصرية؛ فمؤلفاته تزين المكتبات ومساعيه لإصلاح الرسالة الإعلامية لا يمكن إنكارها. لعب دورًا محوريًا فى الدفاع عن الأزهر فى مواجهة حملات تشويهه المتعددة.
ولأنه أزهرى حتى النخاع، ظل الرجل غيورًا على دينه ووطنه شاهرًا قلمه فى مواجهة التيارات الفكرية التى تسعى لتقويض ثوابت الدين.
أشرف على عشرات الرسائل بالعديد من الجامعات المصرية ومؤلفاته الكثيرة والمتنوعة شملت معظم ما يهم المسلم المعاصر ليكون واعيا بدروه متكاملا مع مجتمعه ناهضا بوطنه.. محطات كثيرة وأسئلة عديدة طرحناها فى حوارنا مع الدكتور «الصاوى» أجاب عنها فى هذا الحوار:
* البعض يتهم الليبرالية بأنها توجه العداء إلى الفكر الإسلامى.. كيف ترى هذا الأمر؟
أود فى البداية أن أحرر المصطلحات لأن كثيرًا من الناس يلتبس عليه الأمر نتيجة هذا التشعب الموجود فى واقعنا المعاصر. لدرجة أن المسلم البسيط قد يقول هذا ويدعى أن فكره صحيح وغيره خطأ والعكس.. فما هى «الليبرالية» وما هو الفكر الإسلامي؟.. الليبرالية فكرة تقوم على أساس الحرية والمساواة وكلاهما غاية يأملها كل إنسان.. الليبرالية تنادى بفصل الدين عن الحياة وتدعى أن الدين ليس له علاقة باتخاذ القرارات المصيرية وتنادى بالحرية المطلقة بعيدًا عن أى قيود، وبعبارة أخرى لا تمانع الليبرالية أن تكون فاسدًا فى نفسك أخلاقيًا، لكن لا تؤذى الآخرين بفسادك، وهذا المفهوم هو نفسه مبدأ العداء بين الليبرالية والإسلام.
هذا عن الليبرالية.. فماذا عن الفكر الإسلامى؟
حينما نسمع كلمة الفكر الإسلامى فأى فكر نقصد؟ لأن الفكر الإسلامى هناك من يدعى الانتساب إليه بتطرفه عن الدين ويدعى أن فكره هو الفكر الإسلامى الرشيد ك«داعش» وجماعات التكفير وغيرها، وهؤلاء بلا شك نبرأ إلى الله من أفعالهم، وأما الفكر الإسلامى الرشيد الذى ننشده فلا شك أن له مؤسسات كبرى تقوم عليه على رأسها الأزهر الشريف، وهذا ليس تعصبًا بل ذلك ثابت بالأدلة والبراهين.
* فى هذا السياق حاول بعض الليبراليين تكريس قناعة بوجود قطيعة بين الإسلام والإبداع، فكيف نرد عليهم؟
- رأيهم غير صحيح، ونستطيع أن نبرهن على ذلك بأن القراءة هى أول رافد من روافد المعرفة وأول دعوة فى الإسلام أمر بها الله «اقرأ باسم ربك الذى خلق»، ومن خلال هذا الأمر تكونت حضارة إسلامية عملاقة شهد لها القاصى والدانى، ومن أراد الدلالة على ذلك فليطالع كتاب «شمس العرب تسطع على أوروبا» للمفكرة الألمانية زيجرد هونكه. فالفكر الإسلامى هو الذى أنتج عملاق الجرح والتعديل الإمام البخارى وسائر أئمة الحديث، وهو الذى أنتج عملاق الطب ابن سينا وغيره، وهو الذى أنتج عملاق الكيمياء جابر وغيره، وفى علم الاجتماع ابن خلدون وغيره. وفى العهد القريب أثمر عملاق التفسير محمد عبده والشعراوى، وعملاق الدعوة الغزالى وغيرهم، وعلى صعيد مختلف هو ما أنجب عملاق السياسة سعد زغلول وغيره؛ وأخيرا وليس آخرًا هو الذى أنتج عملاق الثقافة الطالب الصيدلى شريف سيد مصطفى الثانى فى مسابقة تحدى القراءة والقائمة تطول.
* بعد هذه القائمة، هل يحق لأى إنسان أن يدعى أن الفكر الإسلامى لا يستطيع إخراج مثقفين؟
- المكتبة الأزهرية تعج بآلاف الرسائل العلمية الدينية والأدبية والمجتمعية والتى تحوى مئات المقترحات التى تبنى أمة ولا تهدم، وتعمر ولا تخرب، فإن قلت وأين نتائج تلك التوصيات والمقترحات؟ فالجواب أن الأزهر وظيفته البلاغ وليس جهة تنفيذية «هذا بيان للناس»، «إن عليك إلا البلاغ»؛ فجهود الأزهر على هذا الصعيد تشرف أى مؤسسة دينية.
* هل من تجارب عملية قام بها الأزهر ترد على مزاعم المشككين؟
الفكر الإسلامى الرشيد الذى يعد الأزهر أهم معاقله هو الذى طلب أن تكون مادة التربية العسكرية مادة أساسية فى جميع مراحل التعليم الأزهرى؛ بحيث يتعلم النشء حب الوطن وبذل المال والنفس دفاعًا عنه، بل أن الأزهر هو من تبنى هذا الفكر الرشيد لدعم الدولة المصرية بعد 1967 فهو الذى صحح المفاهيم لدى الجندى المصرى، إضافة لحسن الإعداد والتدريب والخداع الاستراتيجى فكان النصر من عند الله يوم العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 1973.
* إذا كان الفكر الإسلامى ومؤسساته وفى مقدمتها الأزهر قادرة على إنجاب عمالقة، فما البيئة المناسبة لإخراج مثقف مسلم قادر على التعامل مع متغيرات العصر الحديث؟
- إخراج مثقف مسلم قادر على مواكبة متغيرات العصر يتطلب عددًا من المحددات منها توفير البيئة التعليمية المناسبة للطالب واستخدام التقنيات الحديثة فى التدريب والتأهيل والاعتناء بسيرة السابقين من العلماء العاملين، ليتعلم المنهج الأزهرى الصحيح الذى يقوم على حرية الفكر والتعبير فى الإطار الصحيح.
* هل هناك مثل عملى لتحقيق هذا المنتج عبر المنهج الرباني؟
الشيخ محمد أحمد عرفة من كبار علماء الأزهر فى القرن العشرين قام بنقد كتاب إحياء النحو للأستاذ إبراهيم مصطفى وأثنى عليه الدكتور طه حسين، فقال الشيخ محمد: لا أكتم القارئ أننى كتبت هذا النقد مرتين وخلاصة قوله: أنه رأى المؤلف يتطاول على النحاة الأقدمين عن علم فجاء نقده فى المرة الأولى لاذعًا قاسيا على المؤلف والدكتور طه. قال: أطلعت الإمام الأكبر المراغى على شىء من ذلك.
* وماذا كان رد الإمام المراغى على الشيخ عرفة؟
قال الإمام الأكبر الراحل للشيخ عرفة: وهذا موطن الشاهد.. انقد الفكرة ودع صاحب الفكرة وليكن نقدك عفيف اللفظ نقى الأسلوب وإذا كان الناس قد اعتادوا سماع الهجر والفحش فى المساجلات العلمية فما أحراك أن تسمع الناس نوعا آخر من النقد تتجلى فيه نزاهة العلماء عن ساقط القول ويتجلى فيه صدق اللهجة وقوة الحجة وعفة الأسلوب والعدل فى الحكم والإنصاف فى الموازنة.
* لهذه القضية قيم تربوية وثقافية متعددة.. فهل ترصدها للقارئ؟
- القيم التى عكستها معالجة شيخ الأزهر المراغى تؤكد الكثير من القيم منها عدم تصور المخالفين كما تصورهم الشيخ عرفة؛ فمن الأفضل النظر إليهم كما قال الشيخ المراغى كرفقة فى سفر انقطع بهم الطريق واعتسفوا طرقا مهلكة فرأيتهم وأنت على الجادة يتخبطون فى ليل دامس وصحراء مهلكة فيجب أن يأخذك من الشفقة والرحمة عليهم ما يأخذ هذا المسافر الذى على الطريق من الرحمة والشفقة على هؤلاء المتعسفين.. فهذا هو الفكر الإسلامى الذى أنتج أمثال هؤلاء الأفذاذ والذين نأمل أن يكون شباب العلم اليوم على دربهم سائرين.
* نجاح الفكر الإسلامى فى إخراج الأفذاذ على الصعيد الثقافى يتناقض مع الوعى الثقافى لمعظم الشباب اليوم.. ما السبب؟
- الوعى الثقافى لدى الشباب ليس على القدر المأمول ولذلك عوامل كثيرة منها الفضائيات والمواقع المروجة للعنف وإثارة الشهوة. وانتشار ألعاب الكمبيوتر والبلاى ستيشن مما ألهى كثيرين عن المهم فى حياته، فضلا عن الوهم الذى تسرب لنفوس كثير من الشباب بأن العلم طريق لا ينفع ولا يمكن فى هذا السياق تجاهل انتشار المواقع والفضائيات التى تنفر من الثقافة الإسلامية وتأخر المؤسسة الدينية فى استخدام التقنيات الحديثة حتى جاء سماحة الشيخ على جمعة وبدأ فى تدشين موقع لدار الإفتاء ناهيك عن عدم وجود الخطيب الكفء فى بعض الأحياء والقرى فتركت الساحة لجماعات الظلام وكل هذه أسباب أدت لتردى مستوى الوعى الثقافى لدى الشباب.
* ارتبطت الثقافة الإسلامية منذ قرون خلت بالفنون والآداب، ومع هذا اتهم البعض الأزهر بهذا العداء؟
- هذا خطأ فادح، وأستطيع أن أقول: هل يعلم القارئ الكريم أن من الأزاهرة من كانوا يؤلفون المسرحيات. وتعالوا بنا للشيخ أحمد الشرباصى الذى قال جملة عجيبة جدا ياليت الكل يطبقها على أرض الواقع «إذا تفنن رجل الدين وتدين رجل الفن أمكن أن يلتقيا فى منتصف الطريق لخدمة الدين والعقيدة السليمة». وقال الشرباصى أيضاً: نحن فى أشد الحاجة إلى الانتفاع من السينما فى شرق الأرض ومغربها فأكثروا من الأفلام الجادة القوية العفيفة النظيفة التى تقوى جانب الخير والفضيلة فى الإنسان.
* بين الحين والآخر تتردد دعوات لإلغاء مادة التربية الدينية كيف تنظر لمثل هذه الدعوات؟
- هذه الدعوة قديمة وليست حديثة، والتاريخ يكرر نفسه.. وهنا السؤال مادة الأخلاق التى تنادون بها من أين سيكون مصدرها؟ وما الموضوعات التى تريدون طرحها، فالصدق والوطنية والشجاعة وعدم الكذب إلخ كل هذا موجود فى الدين؛ لذا فمن يطلقون مثل هذه الدعوات ويعانون الفوبيا من الدين هم المسئولون عنها والواقع التاريخى يشهد أنه كلما تمسك المسلمون بدينهم كان النصر والتمكين لهم. كما أن علينا أن ندرك أن العقل البشرى مهما بلغ من الكمال فهو ناقص، أما الوحى الإلهى فله الكمال.
* شهدت الساحة المصرية خلال الفترة الأخيرة دعوات تحاول النيل من الحجاب وتشجع على خلعه؟
- إن الهوية التى تنطلق منها مصر هى أنها بلد مسلم عربى شرقى أفريقى.. هى هوية تغار على الدين والعرض والأرض ولذلك قالوا: المصرى لا يثور إلا إذا انتهك دينه أو عرضه أو حورب فى رزقه ولو نزلت إلى الشارع وعملت استبيانا لوجدت النسبة الكاسحة تؤيد الحجاب. هل تعرفون لماذا؟ لأننا منذ القدم نحب الدين وتكويننا كمصريين يتماشى مع الفطرة السليمة التى تصون الحرمات وأنا أتساءل ما معنى قول الله «وليضربن بخمرهن» والأحاديث الكثيرة فى
شأن الحجاب لذا أقول: إن الحجاب من الثوابت التى لا تقبل نقاشًا ولا جدالا لأننا صنعة الله، والله الصانع هو الذى شرع الحجاب للمرأة صيانة لعفتها وحفاظا عليها من أصحاب الشهوات الجائعة وصدق الله «ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يؤذين».
* فى ظل هذا المناخ المضطرب شهدت مصر ارتفاعًا فى نسبة الطلاق بالتزامن مع تفشى وباء العنوسة.. برأيك ما السبب؟
- لقد تفشى الطلاق والعنوسة فى مجتمعنا المصرى للعديد من الأسباب، منها المغالاة فى المهور والاعتماد على العاطفة فى الاختيار دون العقل والتحلل من القيم الدينية فى فترة الخطوبة بين الشاب والفتاة عند الكثيرين إلا من رحم الله، حيث يكون كل طرف أنهى ما عنده من تعبيرات الحب والشوق، وليس ببعيد عن هذه الأسباب التدخل من قبل الأمهات والآباء فى حياة الزوجين فضلا عن انتشار مواقع الشات والتواصل والمواقع الإباحية وهو ما جعل كلا الطرفين يعزف عن الآخر ويحاول البحث عن الحياة المثالية كما شاهدها عبر تلك الوسائل والمواقع.
* إذن.. كيف نواجه هذه المعضلة التى تؤرق المجتمع المصرى؟
- الحل يكمن فى العودة إلى الدين والقيم الأخلاقية والمجتمعية التى هى سمة أصيلة فى الشخصية المصرية حتى عهد قريب.
* بذلت محاولات عديدة لإيجاد إعلام إسلامى غير أن المحاولة لم تحقق الكثير، فلماذا هذا الإخفاق، وكيف نتغلب عليه؟
- الإعلام الإسلامى يتمثل فى الهدف النبيل والخبر الصادق والمشهد النظيف، والواقع يقول إن أرباب المال الذى يستثمرون فى الإعلام يكون هدفهم الربح وهذا النوع من الإعلام على حسب معتقدهم لا يحقق لهم ذلك! ويوم أن أدخل الخاص فى الإعلام أفسد أكثر مما أصلح. فالإعلام القائم على الربح المادى يضر ولا ينفع ونتائجه وخيمة على صاحبه ومشاهده. أما الإعلام القائم على نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة فينفع ولا يضر ونتائجه مفيدة للجميع دنيا وآخرة، ولابد من تفعيل دور الرقابة على المحتوى الإعلامى بشتى أنواعه، ولن يتم النجاح للإعلام إلا بوجود رؤية شاملة تحدد ما يحتاجه المشاهد والمستمع وتهدف للصالح العام وتقوى روابط المجتمع وتبعد عن الإثارة والفتنة.
* هل ترى تعامل الفضائيات الدينية مع قضايا وهموم الشباب ليس جيداً؟
- على العكس، فتعامل الفضائيات الدينية مع قضايا الشباب جيد لكنه يحتاج لمزيد من الجهد؛ والعقبة الكبرى التى تواجهها هى وجود إعلام مثير للغرائز ومعلوم أن النفس تشتهى الغرائز إلا من عصم الله، ومن هنا فأنا أجدد الدعوة بالسماح للأزهر الشريف ببث قناته التى كثيرا ما دعا لها وعندئذ سترون علماء أبراراً ما سمعتم عنهم من قبل يجددون الفكر ويحيون الأمل وينشرون السنة.
* بين الحين والآخر تشعل قضية تجديد الخطاب الدينى حالة من الجدل فى المشهد العام إلا أنها فى النهاية لا تحقق الكثير ولا تؤتى ثمارها المرجوة؟
- رغم محورية ومركزية الخطاب الدينى فى حياتنا الاجتماعية والروحية والثقافية فإننى أؤكد أنه لا يمكن بحال من الأحوال تجديد الخطاب الدينى بمعزل عن بقية الخطابات الأخرى وفى القلب منها وفى صدارتها الخطاب الإعلامي. باعتباره الموجه للقطاع الأكبر والأوسع من الرأى العام خصوصًا فى ظل انتشار الأمية فى الوقع العربى والإسلامى بنسبة لا يستهان بها، فالناس تلجأ إلى وسائل الإعلام كوسيط ثقافى وتربوى وقيمى تتلقى منه القيم والمبادئ وموجهات السلوك عبر القدوة التى يقدمها والمفاهيم والنظريات التى يضخها يليه أو بالتوازى معه وعلى نفس القدر من الأهمية الخطاب التربوى والتعليمى باعتباره الوعاء الكبير الذى يتم من خلاله تربية المحتمع.
* من المسئول هنا عن تربية المجتمع فى ظل هذه الفوضى؟
- المؤسسات التعليمية والتربوية هى المسئولة عن العقل الجمعى للأمة والمجتمع بجانب المساجد والكنائس ووسائل الإعلام المتنوعة والتى خطت خطوات كبيرة وجبارة فى تثقيف وبرمجة العقول والأذهان، وفيما يتعلق بالتجديد فنحن مع التجديد فى المتغير مما يناسب الزمان والمكان. أما التجديد فى الثوابت فهو تبديد كما قال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر.
* رغم أهمية الإعلام كرافد من روافد الدعوة فإننا نلحظ نوعًا من الانفصام بينهما.. فمتى تنتهى هذه الحالة؟
- دائمًا ما أردد أن الدعوة والإعلام وجهان لعملة واحدة وكلنا فى سفينة واحدة ولابد أن نحافظ عليها معًا حتى لا تخرق؛ فالإعلام رسالة وليس إثارة، وحقًا صدق رسول الله حين قال: حُفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، وهو ما يعكس رؤية واضحة أتمنى أن تشكل رسالة واضحة وجادة وقوية تنبثق عنها ومنها الاستراتيجية الإعلامية فى بلادى أو ما يطلق عليها صناعة القدوات.
* وهل صناعة القدوات صناعة إعلامية فقط، أم تشارك فيها جميع المؤسسات؟
- صناعة إعلامية بامتياز، ولكن يؤسفنى أن أقول إن القوالب التى تجسد من خلالها هذه القدوات.. بأشكالها المختلفة عبر مسلسلات وأفلام ومسرحيات تبتعد كثيرًا عن احتياجاتنا الحقيقية فتم إعلاء قيم البلطجة وثقافة الجريمة والعشوائيات والجنس والمخدرات ومن ثم انتشرت ظاهرة أطفال الشوارع وجرائم الغصب والاغتصاب وكان الأحرى أن تناقش الأفلام والمسلسلات والدراما مشكلاتنا وتنشر قيمنا وتساعد معنا فى نشر الوعى والارتقاء بالثقافة.
* بوصفكم من أهم المتخصصين فى الثقافة الإسلامية ولك تماس كبير مع الإعلام ما رسالتك للوسائل الإعلامية بجميع أطيافها؟
- رسالتى لهم أن يقدموا لنا فنًا راقيًا بنّاء يبنى ولا يهدم يقدم القدوات الصالحة والصادقة للشباب فى مختلف القطاعات، فالفن ينشر العلم والعمل الخيرى وأتمنى أن أشاهد مسلسلا عن أحمد زويل يحكى قصة كفاحه ومثابرته ليكون قدوة لهذا الجيل والدكتور مصطفى السيد. الدكتور مصطفى محمود. الشيخ محمود شاكر علامة العربية دون منازع والدكتور أحمد حسن الباقورى والدكتور ثروت عكاشة، والدكتور مجدى يعقوب والدكتور أحمد الطيب والشيح إسماعيل صادق العدوي. والدكتور إبراهيم بدران وأعلام كثيرة مصرية مهاجرة صنعت المجد ورفعت اسم مصر عاليا فى العديد من المحافل الدولية.. أدعو الفن والإعلام أن يبرز لنا هؤلاء وأمثالهم كقدوات حقيقية وبناءة تفتح أبواب الأمل وتساعد فى تجسيد القيم ونشر النماذج الناجحة ليحتذى بها الآخرون.
* من الداخل ننطلق للخارج حيث وقّع فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وثيقة التسامح مع بابا الفاتيكان.. كيف تنظر لهذه الوثيقة؟
- وثيقة التسامح تتوافق مع دعوة الإسلام لكن نجاحها يتوقف على مدى تبنى واقتناع أهل السياسة والفكر فى مختلف الأقطار لها وبها، فما دعاة الإصلاح إلا مبلغين لكنهم ليسوا جهة تنفيذ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.