محافظ مطروح يعتمد المرحلة الثانية لتنسيق القبول بمدارس التعليم الثانوي العام    رئيس الوزراء يتفقد محطة التجارب البحثية لتحلية مياه البحر بمدينة العلمين الجديدة    أسعار الخضار والفاكهة اليوم السبت 26-7-2025 بمنافذ المجمعات الاستهلاكية    40 ندوة إرشادية لمزارعى 13 محافظة على مواجهة التأثيرات السلبية لتغيرات المناخ    مصلحة الضرائب تصدر قرار مرحلة جديدة من منظومة الإيصال الإلكتروني    مصر تشارك في صياغة الإعلان الوزاري لمجموعة عمل التنمية التابعة لمجموعة العشرين    زلزال بقوة 4.9 درجة يضرب بحر أندامان في الهند    122 شهيدا جراء المجاعة وسوء التغذية بقطاع غزة من بينهم 83 طفلا    "المصرى الديمقراطى" يرفض تحميل الدولة المصرية مسؤولية جرائم الاحتلال فى غزة    كمبوديا تغلق المجال الجوي فوق مناطق الاشتباك مع تايلاند    "لوفيجارو": مأساة غزة تختبر إنسانية الغرب وعجزه السياسي    لوموند: قمة بكين تكشف ضعف أوروبا الكبير في مواجهة الصين    الثالث منذ أمس.. وفاة رضيع نتيجة سوء التغذية والمجاعة في غزة    حسام عبد المجيد مستمر مع الزمالك بعد فشل مفاوضات الاحتراف الخارجي    منتخب الطائرة ينتظم فى معسكر سلوفينيا استعدادًا لبطولة العالم بالفلبين    سيراميكا يواجه دكرنس غداً فى رابع ودياته استعداداً للموسم الجديد    إنتر ميامي يتعاقد مع صديق ميسي    بالصور.. وزير الرياضة ومحافظ الجيزة يفتتحان حمام سباحة نزل الشباب الدولي    أخبار مصر.. نتيجة الثانوية الأزهرية 2025.. إعلان الأوائل بعد قليل    طبيب سموم يكشف سبب وفاة الأطفال ال6 ووالدهم بالمنيا.. فيديو    خطوات التعامل مع حساب إنستجرام المزيف الذي ينتحل شخصيتك.. تعرف عليها    زوجة راغب علامة تحسم الجدل بشأن شائعة انفصالهما بصورة وتعليق.. ماذا قالت؟    نقيب الموسيقيين بلبنان ل"اليوم السابع": زياد الرحبانى كان بعيدا وفقدنا فنان عظيم    يوم الخالات والعمات.. أبراج تقدم الدعم والحب غير المشروط لأبناء أشقائها    سميرة عبد العزيز في ضيافة المهرجان القومي للمسرح اليوم.. وتوقيع كتاب يوثق رحلتها المسرحية    الصحة: مصر تستعرض تجربتها في مبادرة «العناية بصحة الأم والجنين» خلال مؤتمر إفريقيا للقضاء على الإيدز والتهاب الكبد B والزهري    "الصحة": دعم المنظومة الصحية بالبحيرة بجهازي قسطرة قلبية بقيمة 46 مليون جنيه    تحتوي على مكونات مفيدة تحفز الطاقة والمناعة.. تعرف على أفضل المشروبات الصحية الصيفية    غينيا تتجاوز 300 إصابة مؤكدة بجدري القرود وسط حالة طوارئ صحية عامة    تنسيق الجامعات 2025.. تسجيل الرغبات بموقع التنسيق الإلكتروني مجانا    وزير الري يتابع مشروع مكافحة الحشائش المائية في البحيرات العظمى    95 جنيهًا لكيلو البلطي.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية في سوق العبور اليوم    بالأرقام.. الحكومة تضخ 742.5 مليار جنيه لدعم المواطن في موازنة 25/26    انخفاض أسعار الدواجن اليوم السبت بالأسواق (موقع رسمي)    ليلة أسطورية..عمرو دياب يشعل حفل الرياض بأغاني ألبومه الجديد (صور)    أسامة قابيل: من يُحلل الحشيش يُخادع الناس.. فهل يرضى أن يشربه أولاده وأحفاده؟    "تأقلمت سريعًا".. صفقة الأهلي الجديدة يتحدث عن فوائد معسكر تونس    "قصص متفوتكش".. محمد صلاح يتسوق في هونج كونج.. نداء عاجل لأفشة.. ورسالة إمام عاشور لزوجته    أعرف التفاصيل .. فرص عمل بالأردن بمرتبات تصل إلى 35 ألف جنيه    القضاء الأمريكى يوقف قيود ترامب على منح الجنسية بالولادة    تشغيل قطارات جديدة على خط مطروح    تعرف على موعد عرض أولى حلقات مسلسل « قهوة 2» ل أحمد فهمي    بعد ظهور نتيجة الثانوية 2025.. وزارة التعليم: لا يوجد تحسين مجموع للناجحين    «موعد أذان المغرب».. مواقيت الصلاة اليوم السبت 26 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    "الحشيش حرام" الأوقاف والإفتاء تحسمان الجدل بعد موجة لغط على السوشيال ميديا    الدفاع الألمانية تستعين بأسراب «صراصير» للتجسس والإستطلاع    بالأسماء.. مصرع طفلة وإصابة 23 شخصًا في انقلاب ميكروباص بطريق "قفط – القصير"    موعد إجازة المولد النبوي 2025 الرسمية في مصر.. كم يومًا إجازة للموظفين؟    وزير الأوقاف يحيل مجموعة من المخالفات إلى التحقيق العاجل    موعد مباراة ليفربول وميلان الودية اليوم والقنوات الناقلة    الأوقاف تعقد 27 ندوة بعنوان "ما عال من اقتصد.. ترشيد الطاقة نموذجًا" الأحد    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    أحمد السقا: «لما الكل بيهاجمني بسكت.. ومبشوفش نفسي بطل أكشن»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.عبدالعزيز بن ندى العتيبي يكتب:لا تكونوا كقوم موسى.. فلا تتّخِذوا عجلاً

الحمد لله القائل: {أفلا يروْن ألاّ يرْجِعُ اليْهِمْ قوْلاً ولا يمْلِكُ لهُمْ ضرًّا ولا نفْعًا}، وأصلي وأسلم على من أرسل رحمة للعالمين، أما بعدُ: ان الله بعث أنبياءه، وأرسل رسله، وأنزل كتبه، لمحاربة الشرك والتحذير من أهله، وقطع العلائق بذات المخلوقات.
والتعلق بذات خالق المخلوقات، الله جل في علاه، تحقيقاً للعبادة له وحده، لا شريك له، قال تعالى: {وما خلقْتُ الجِنّ والانْس الا لِيعْبُدُونِ}[الذاريات: 56]، وقال تعالى: {واعْبُدُوا اللّه ولا تُشْرِكُوا بِهِ شيْئاً}[النساء: 36].فان حق الله على عباده التعلق بذات الله وحده، وألاّ يتعلّقُ أحدٌ بأي ذات، جماد كانت أو فيها حياة، فلا تعلُّق بذات العجول والأبقار، والأشجار والأحجار، ولا تعلق بمخلوق من الأحياء أو الأموات، قال تعالى: {ذلِكُمُ اللّهُ ربُّكُمْ لهُ الْمُلْكُ والّذِين تدْعُون مِنْ دُونِهِ ما يمْلِكُون مِنْ قِطْمِيرٍ ان تدْعُوهُمْ لا يسْمعُوا دُعاءكُمْ ولوْ سمِعُوا ما اسْتجابُوا لكُمْ ويوْم الْقِيامةِ يكْفُرُون بِشِرْكِكُمْ ولا يُنبِّئُك مِثْلُ خبِيرٍ}[فاطر: 13- 14]، فلا يتعلق بالأحياء من المشايخ والعلماء والأولياء، ولا الأموات من الأنبياء، ولا قبور الأموات الصالحين كوُد وسواع ويغوث ويعوق ونسر، قال تعالى: {وقالُوا لا تذرُنّ آلِهتكُمْ ولا تذرُنّ ودّاً ولا سُواعاً ولا يغُوث ويعُوق ونسْراً} [نوح: 23]، حتى ولو ادعوا ان مقصدهم هو التقرب بهذه المخلوقات الى الله، قال تعالى: {والّذِين اتّخذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِياء ما نعْبُدُهُمْ الا لِيُقرِّبُونا الى اللّهِ زُلْفى}[الزمر: 3]، والواجب على الخلق معرفة ان أمر الله عظيم، وعلى العباد الاتيان بعبودية خالصة لله عز وجل، قال تعالى: {هُو الْحيُّ لا اله الا هُو فادْعُوهُ مُخْلِصِين لهُ الدِّين الْحمْدُ لِلّهِ ربِّ الْعالمِين}[ غافر:65].
وقد ذكر الله عز وجل في كتابه العزيز مجملاً ومفصلاً قصص الأنبياء، قال تعالى: {نحْنُ نقُصُّ عليْك أحْسن الْقصصِ} [يوسف: 3]، وبين الدعوة للتوحيد، وصولة الحق وأهله على الباطل وأهله، قال تعالى: {فاذا جاء أمْرُ اللّهِ قُضِي بِالْحقِّ وخسِر هُنالِك الْمُبْطِلُون}، قال تعالى: {انّا أوْحيْنا اليْك كما أوْحيْنا الى نُوحٍ والنّبِيِّين مِنْ بعْدِهِ وأوْحيْنا الى ابْراهِيم واسماعِيل واسْحاق ويعْقُوب والأسْباطِ وعِيسى وأيُّوب ويُونُس وهارُون وسُليْمان وآتيْنا داوُود زبُورًا ورُسُلا قدْ قصصْناهُمْ عليْك مِنْ قبْلُ ورُسُلا لمْ نقْصُصْهُمْ عليْك وكلّم اللّهُ مُوسى تكْلِيمًا رُسُلا مُبشِّرِين ومُنْذِرِين لِئلا يكُون لِلنّاسِ على اللّهِ حُجّةٌ بعْد الرُّسُلِ وكان اللّهُ عزِيزًا حكِيمًا}[ النساء: 165-163].
قصة موسى مع قومه
ومن هذا القصص قصة قوم موسى، فلقد أكرم الله تعالى بني اسرائيل بأنعام كثيرة وعظيمة، وقد كانوا مستضعفين في الأرض، قال تعالى: {انّ فِرْعوْن علا فِي الأرْضِ وجعل أهْلها شِيعًا يسْتضْعِفُ طائِفةً مِنْهُمْ يُذبِّحُ أبْناءهُمْ ويسْتحْيِي نِساءهُمْ انّهُ كان مِن الْمُفْسِدِين ونُرِيدُ ان نمُنّ على الّذِين اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ ونجْعلهُمْ أئِمّةً ونجْعلهُمُ الْوارِثِين}[القصص: 5-4]، فأرسل موسى عليه السلام في قومه بني اسرائيل، فدعا لعبادة الله وحده، لا شريك له، قال تعالى: {وقال مُوسى يا فِرْعوْنُ انِّي رسُولٌ مِنْ ربِّ الْعالمِين حقِيقٌ على ألا أقُول على اللّهِ الا الْحقّ قدْ جِئْتُكُمْ بِبيِّنةٍ مِنْ ربِّكُمْ فأرْسِلْ معِي بنِي اسْرائِيل}[الأعراف: 105-104]، وقال تعالى: {شرع لكُمْ مِن الدِّينِ ما وصّى بِهِ نُوحًا والّذِي أوْحيْنا اليْك وما وصّيْنا بِهِ ابْراهِيم ومُوسى وعِيسى ان أقِيمُوا الدِّين ولا تتفرّقُوا فِيهِ كبُر على الْمُشْرِكِين ما تدْعُوهُمْ اليْهِ اللّهُ يجْتبِي اليْهِ منْ يشاءُ ويهْدِي اليْهِ منْ يُنِيبُ}[الشورى: 13]، وقال: {وآتيْنا مُوسى الْكِتاب وجعلْناهُ هُدًى لِبنِي اسْرائِيل ألا تتّخِذُوا مِنْ دُونِي وكِيلا}[الاسراء: 2]، قال ابن سعدي في تفسيره: {وآتيْنا مُوسى الْكِتاب}: الذي هو التوراة، {وجعلْناهُ هُدًى لِبنِي اسْرائِيل}، يهتدون به في ظلمات الجهل الى العلم بالحق، {ألا تتّخِذُوا مِنْ دُونِي وكِيلا}، أي: وقلنا لهم ذلك، وأنزلنا اليهم الكتاب لذلك، ليعبدوا الله وحده، وينيبوا اليه، ويتخذوه وحده وكيلاً ومدبراً لهم، في أمر دينهم ودنياهم، ولا يتعلقوا بغيره من المخلوقين الذين لا يملكون شيئاً، ولا ينفعونهم بشيء.أ.ه.
الانعام على قوم موسى بالايمان بالله وحده، والقوة بعد الاستضعاف
لقد وجد قوم موسى الأمن بعد الخوف والمنعة بعد الضعف، وجعل الله منهم رسولا يهديهم للتي هي أقوم، قال تعالى: {واذْ قال مُوسى لِقوْمِهِ يا قوْمِ اذْكُرُوا نِعْمة اللّهِ عليْكُمْ اذْ جعل فِيكُمْ أنْبِياء وجعلكُمْ مُلُوكًا وآتاكُمْ ما لمْ يُؤْتِ أحدًا مِن الْعالمِين} - [المائدة: 20]. وقال تعالى: {وأوْرثْنا الْقوْم الّذِين كانُوا يُسْتضْعفُون مشارِق الأرْضِ ومغارِبها الّتِي باركْنا فِيها وتمّتْ كلِمةُ ربِّك الْحُسْنى على بنِي اسْرائِيل بِما صبرُوا ودمّرْنا ما كان يصْنعُ فِرْعوْنُ وقوْمُهُ وما كانُوا يعْرِشُون}[الأعراف: 137]، وفي قوله: {وتمّتْ كلِمةُ ربِّك الْحُسْنى على بنِي اسْرائِيل}، لم يُبيِّن ربنا تبارك وتعالى في هذا السياق من سورة الأعراف، تلك الكلمة الحسنى التي تمت على بني اسرائيل، ولكنه بينها في سورة القصص بقوله: {ونُرِيدُ ان نّمُنّ على الذين استضعفوا فِي الأرض ونجْعلهُمْ أئِمّةً ونجْعلهُمُ الوارثين ونُمكِّن لهُمْ فِي الأرض ونُرِي فِرْعوْن وهامان وجُنُودهُما مِنْهُمْ مّا كانُواْ يحْذرون}[القصص: 6-5].
انحراف القوم بعد نعمة الأمن والايمان
قال تعالى: {وجاوزْنا بِبنِي اسْرائِيل الْبحْر فأتوْا على قوْمٍ يعْكُفُون على أصْنامٍ لهُمْ قالُوا يا مُوسى اجْعلْ لنا الهًا كما لهُمْ آلِهةٌ قال انّكُمْ قوْمٌ تجْهلُون ان هؤُلاءِ مُتبّرٌ ما هُمْ فِيهِ وباطِلٌ ما كانُوا يعْملُون قال أغيْر اللّهِ أبْغِيكُمْ الهًا وهُو فضّلكُمْ على الْعالمِين} [الأعراف:140-138]، قال المفسرون: قال الجهلة وحديثو العهد بالكفر من بني اسرائيل، لموسى عليه السلام، بعد مجاوزة البحر والنجاة، ورؤية عظيم الآيات من رب الأرض والسماوات، ومروا على قومٍ يعبدون أصناماً لهم: {أتوْا على قوْمٍ يعْكُفُون على أصْنامٍ لهُمْ}، قيل: كانت أصناماً تشبه البقر، فمازالت تلك الشبهة عالقة، وصورة قائمة في الأذهان، فكانت هذه الشبهة أول شأن عبادة العجل، وتأثروا بها حتى زُيِّن لهم عبادة العجل.
النجاة في مفارقة أصحاب البدع والشبهات
فالحرص...الحرص عباد الله! من التعرض والقرب من مواقع الفتن، والنأي بالنفس والابتعاد عن أصحاب البدع والشبهات، فان الشبه خطافة فلا تزال بصاحبها حتى تورده المهالك، ولما رآهم بنو اسرائيل على هذا الصنيع، {قالُوا يا مُوسى اجْعلْ لنا الهًا كما لهُمْ آلِهةٌ}، أي: شيئاً نعبده {كما لهُمْ آلِهةٌ}، كالذي يعبد هؤلاء القوم، ولقد طلب بعض الصحابة رضي الله عنهم - ممن كانوا حديثي عهد باسلام- الطلب ذاته، فشابهوا بني اسرائيل، وساروا على اثرهم، لما رواه أحمد في «المسند» واللفظ له {218/5}، والترمذي في «سننه»{2180} من حديث أبي واقدٍ الليثيِّ أنهم خرجوا عن مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى حُنين، قال: وكان للكفار سِدْرةٌ يعْكُفُون عندها، ويُعلِّقون بِها أسلحتهم يقال لها ذاتُ أنْواطٍ، قال: فمررنا بسِدْرةٍ خضراء عظيمة، قال: فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنْواطٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى: {اجْعلْ لنا الهًا كما لهُمْ آلِهةٌ قال انّكُمْ قوْمٌ تجْهلُون}، انها لسُننٌ لتركبُنّ سُنن من كان قبلكم سُنّةً سُنّة».
وقال أبو عيسى: هذا حديث «حسن صحيح»، قلت: وهو كما قال.
قول بني اسرائيل: {اجْعلْ لنا الهًا كما لهُمْ آلِهةٌ} شرك وكفر على الرغم من أنه لم يكن شكاً في وحدانية الله.قال البغوي في تفسيره: ولم يكن ذلك شكاً من بني اسرائيل في وحدانية الله، وانما معناه: اجعل لنا شيئاً نُعظِّمه، ونتقرب بتعظيمه الى الله عز وجل، وظنوا ان ذلك لا يضر الديانة، وكان ذلك لشدة جهلهم.اه وقوله: {قال انّكُمْ قوْمٌ تجْهلُون} وصف لهم بالجهل المطلق مؤكداً بان التوكيد، وقوله: {تجْهلُون}، أي: ان هذا الأمر في حقيقته جهل لعظمة الله، بعدما ظهر لهم من اليقين، ورأوا من آيات الله الكبرى والبينات العظمى مارأوا، بما كان كفيلاً بِكفِّ من لديه مُسْكة من علم عن طلب عبادة غبر الله.{ان هؤُلاءِ مُتبّرٌ} مدمر مهلك، {ما هُمْ فِيهِ} من عبادة محدثة وديانة مبتدعة، {وباطِلٌ ما كانُوا يعْملُون}، أي: المراد بطلان العمل وكل عبادة محدثة، وان قصدوا بذلك التقرب الى وجه الله تعالى، فكل عبادة وعمل ليست على نهج وطريقة الأنبياء والرسل، فلا أصل له في الدين، ولا نفع به.{قال أغيْر اللّهِ أبْغِيكُمْ الهًا}، أي: قال موسى: أبغي لكم وأطلب، {وهُو فضّلكُمْ على الْعالمِين}، أي: على العالمين في زمانكم.[وقال الألوسي في تفسيره: والمعنى: أغير المستحق للعبادة أطلب لكم معبوداً؟!].
قصة العجل... واتخاذهم العجل الهًا يعبدونه لا يملك ضراً ولا نفعاً، ولكل قوم أشركوا عجلاً
بعد ان غاب موسى عليه السلام عن قومه أربعين ليلة بأمر من ربه، بدلوا الديانة وغيروا العبادة التي عهدهم عليها موسى عليه السلام، قال تعالى: {واذْ واعدْنا مُوسى أرْبعِين ليْلةً ثُمّ اتّخذْتُمُ الْعِجْل مِنْ بعْدِهِ وأنْتُمْ ظالِمُون}[البقرة: 51]، وقال تعالى: {ولقدْ جاءكُمْ مُوسى بِالْبيِّناتِ ثُمّ اتّخذْتُمُ الْعِجْل مِنْ بعْدِهِ وأنْتُمْ ظالِمُون واذْ أخذْنا مِيثاقكُمْ ورفعْنا فوْقكُمُ الطُّور خُذُوا ما آتيْناكُمْ بِقُوّةٍ واسمعُوا قالُوا سمِعْنا وعصيْنا وأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْل بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسما يأْمُرُكُمْ بِهِ ايمانُكُمْ ان كُنْتُمْ مُؤْمِنِين}[البقرة: 93-92].وقال تعالى: {ثُمّ اتّخذُوا الْعِجْل مِنْ بعْدِ ما جاءتْهُمُ الْبيِّناتُ}[النساء: 154]، وقال تعالى: {واتّخذ قوْمُ مُوسى مِنْ بعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جسدًا لهُ خُوارٌ ألمْ يروْا أنّهُ لا يُكلِّمُهُمْ ولا يهْدِيهِمْ سبِيلا اتّخذُوهُ وكانُوا ظالِمِين}[الأعراف: 148].
من انحرافات قوم موسى أنهم صنعوا عجلاً، وقاموا بعبادته من دون الله أو مع الله ويُستفاد من هذا القصص: أولا:-1 مخالفة قوم موسى لعبادة الأنبياء والرسل {موسى وهارون}. -2 اتخذوا ذاتا غير الله {عجلا}، وطلب الضر والنفع ممن لا يملك ضرا ولا نفعا. -3 تجاهلوا نعم الله الظاهرة العظيمة، وعبدوا واستعانوا وسألوا ما لا يستطيع نفع نفسه.-4 تنبيه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم حتى لا يقعوا في ما وقع فيه قوم موسى، فلا يتخذوا عجلاً وأشباه العجل من الأصنام والأحجار والأشجار وغيره من المخلوقات والذوات التي تعبد من دون الله قال تعالى: {لا تسْجُدُوا لِلشّمْسِ ولا لِلْقمرِ واسْجُدُوا لِلّهِ الّذِي خلقهُنّ ان كُنْتُمْ ايّاهُ تعْبُدُون} [فصلت: 37].
ثانياً:-1 دليل على تفشي الجهل في الأمم.-2 أثر الشبهات في الانحراف، فمازالت شبهة {اجْعلْ لنا الهًا كما لهُمْ آلِهةٌ} حتى اتخذوا في غيبة موسى الهًا عجلاً {ثُمّ اتّخذْتُمُ الْعِجْل}. -3 سهولة انتشار الخرافة، والتصديق بها، فتسارعوا في الوقوع فيها، {أعجِلْتُمْ أمْر ربِّكُمْ} [الأعراف: 150].-4 عدم الاستماع لنصح الناصحين، فلم يعبأ قوم موسى بهارون وطريقته ونصحه، قال تعالى: {وقال مُوسى لِأخِيهِ هارُون اخْلُفْنِي فِي قوْمِي وأصْلِحْ ولا تتّبِعْ سبِيل الْمُفْسِدِين} [الأعراف: 142].
ثالثاً: -1 المداومة على الدعوة الى التوحيد وتوجيه الناس الى عبادة الله وحده لا شريك له، ولذلك فرضت قراءة سورة الفاتحة المتضمنة التوحيد كله، ومنها {اياك نعبد واياك نستعين} في صلوات اليوم والليلة. -2 الاهتمام بالعلم ونشره وتعليم الناس الايمان وشعبه.-3 محاربة الجهل بكافة الوسائل المشروعة.-4 قطع مادة الوسائل المفضية الى الشرك.-5 اجتناب المحدثات والتحذير منها.-6 مجانبة أهل البدع وهجرهم، والابتعاد عن مواطن الشبه، وتفنيد الشبهات والتنبيه عليها.فاللهم انا نعوذ بك من ان نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلم، والحمد لله على نعمة التوحيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.