يواجه الرئيس السوداني المعزول عمر البشير، تهمًا عدة وجهتها له المحكمة الدولية تتمثل في ارتكاب جرائم حرب في دارفور وإبادة جماعية، وجرائم ضد الإنسانية. الأوضاع تختلف قليلًا في الداخل السوداني، فمن كان يومًا يعتلي هرم السلطة، ينتظر الشعب حاليًّا محاكمته، على ما ارتكبه من "جرائم"، طوال أربعين عامًا. أعلن المجلس العسكري الانتقالي في السودان، بعد أول اجتماع له، أنه سيتم ملاحقة رموز النظام السابق، وضمان محاكمة عادلة لهم، ما أثار تساؤلات الشارع عن التهم التي ستوجه للرئيس المعزول. وأكدت وكالة رويترز اليوم، نقلًا عن مصدرين مقربين من عائلة البشير، أن السلطات أودعت الرئيس المعزول في سجن كوبر، ولكن لم تشر إلى أي قرار عن محاكمته. جرائم قتل وإبادة في يوليو 2008، قدم لويس أوكامبو، المدعي العام للمحكمة الدولية، أدلته على تورط البشير، في جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب في دارفور. واعتبر أوكامبو أن البشير استخدم "السلاح الصامت ضد أهالي دارفو، قائلًا، "إن الرئيس السوداني، كانت لديه النية الواضحة لارتكاب جرائم الإبادة الجماعية في دارفور، لأن الهجمات المنسقة تنسيقًا جيدًا، كما اعتمد على الاغتصاب والتجويع والخوف مع الناجين". وأضاف المدعي العام،"أن البشير بصفته الرئيس والقائد الأعلى في البلاد، استعمل جهاز الدولة بأكمله، الجيش، وجند مليشيا الجنجويد "قوات التدخل السريع السودانية"، ضد أهالي دارفور، فكانت هذه الأجهزة جميعا تحت مسئوليته، وتطيع أوامره". المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت أمرين في عامي 2009 و 2010، لاعتقال البشير، مستندة التهم الموجهة إليه بشأن جرائم الحرب في دارفور، إلا أنها لم تستطع القبض عليه. وطلبت المحكمة الجنائية، من السلطات السودانية، الخميس الماضي، تسليم البشير، بعد ساعات من قرار عزله عن السلطة، بعد 4 أشهر من الاحتجاجات. وقال فادي العبدلله، المتحدث باسم المحكمة، "إن المحكمة لا تعلق حول الأوضاع الداخلية في أي بلد، أما البشير فقد أصدرت المحكمة أمرين بالقبض عليه، ولا يزالان ساريي المفعول، ونطلب من السلطات السودانية التعاون في شأن هذه الأوامر، والأوامر الأخرى الصادرة عنها إنفاذًا لقرار مجلس الأمن الذي ألزم السودان بالتعاون مع المحكمة". ورفض المجلس العسكري الانتقالي في السودان، تسليم الرئيس المعزول، مؤكدًا أن هذه الخطوة لن تتم إلا عن طريق حكومة شعبية منتخبة وليس من قبل المجلس العسكري الانتقالي. التهم المحتمل توجيهها داخليًا في تصريحات صحفية، أكد عضو المجلس الوطني المنحل، كمال عمر عبدالسلام على، "أنه من المفترض أن يتعرض الرئيس المعزول محاكمة مدنية عادلة ولكن بعد تعطيل العمل بالدستور يمكن أن يواجه محاكمة عسكرية، مؤكدًا أن البشير يواجه تهم قتل المتظاهرين، وجرائم الحرب في دارفور". ومن المتوقع أيضًا أن يوجه للبشير تهم فساد مالي، خاصة بعدما نشر موقع "ويكيليكس"، في العام 2010، إيداع الرئيس المعزول 9 مليارات دولار في مصارف لندن، في الوقت الذي تعاني فيه بلاده من الفقر الشديد. فيما تحدثت الصحف السودانية في العام 2014، بتقارير حول قضايا الفساد التي تحوم حول مسئولين كبار في حكومة البشير آنذاك. حتى الآن لم يصدر المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أية قرارات لمحاكمة الرئيس السوداني، واكتفى بنقله إلى سجن كوبر ووضعه تحت الحراسة المشدد، بحسب رويترز. وأكد مصدران من عائلة الرئيس، أن البشير نقل في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، وتم احتجازه في حبس انفرادي تحت حراسة مشددة. الحل الوحيد يبقى طلب اللجوء هو الحل الوحيد الذي ربما يلجأ إليه البشير، للتهرب من المحاكمة الدولية. وأعربت أوغندا اليوم الخميس، عن استعدادها منح البشير حق اللجوء على أراضيها. وقال وزير الدولة للشئون الخارجية الأوغندي هنري أوكيلو أوريم، "إنه في حال طلب من أوغندا منح البشير حق اللجوء، فإنه يمكن النظر فيه على أعلى مستويات قيادتنا". اللجوء السياسي، يوفر لطالبه مزايا مختلفة، وبحسب المادة ال14 من إعلان حقوق الإنسان العالمي 1948م، فتنص على "حق الفرد في التماس ملجأ في بلدان أخرى والخلاص من الاضطهاد، طالما لم يرتكب جرائم سياسية". لكن تحديد معنى "الجريمة السياسية" لا تحدده المواثيق الدولية، وإنما هو حق الدولة التي يتم اللجوء إليها، فهي الوحيدة المختصة بالنظر وتحديد مفهوم الجريمة السياسية، بحسب ما أوضحه أستاذ القانون الدولي، أيمن سلامة في تصريحات صحفية سابقة. وأوضح وزير الخارجية الأوغندي، "أن احتمالية إقدام بلاده على منح البشير للجوء، يعود إلى كون البشير لعب دورا رئيسيا في اتفاق السلام في جنوب السودان حيث كان الضامن الرئيسي لاتفاقية السلام الموقعة بين حكومة جوبا والمعارضة".