تصدر أداء الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي لليمين أمام مناصريه الذين احتشدوا في ميدان التحرير بقلب القاهرة بالأمس اهتمامات الصحف الغربية في افتتاحياتها الصادرة اليوم السبت. ورأت الصحف أن الخطاب يشير إلى لهجة دبلوماسية أكثر "حزما" ويبعث برسالة "طمأنة" إلى الداخل. فمن جانبها ، رجحت صحيفة (لوس أنجلوس تايمز) الأمريكية اليوم - في معرض تعليقها على الخطاب على موقعها الالكتروني - أن يقتصر التغيير في سياسات مصر الخارجية على لهجة دبلوماسية أكثر صرامة وحزما وليس في المضمون أو الجوهر. وأوضحت الصحيفة أن مصر وتحت لواء أول رئيس إسلامي منتخب يواجه العديد من التحديات لن تقدر على تحمل ضرر قد يلحق بعلاقاتها سواء مع أمريكا أو التخلي عن معاهدة السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1979 - على المدى القريب على الأقل. ولفتت إلى أن مرسي تنتظره مجموعة من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية في الداخل من المتوقع أن تلقى بظلالها على شكل العلاقات الخارجية لبلاده على مدار الأشهر المقبلة. وقالت "إنه على الرغم من خطاب القاهرة الخارجي لاسيما مع كل من واشنطن وتل أبيب تحت حكم مرسي قد يتسم بالحدة والصرامة بعض الشئ غير أن الرئيس الجديد يدرك أن بلاده في حاجة إلى استثمارات قوى غربية وإقليمية من أجل التخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها أكبر دولة عربية بعد اندلاع ثورتها في ال25 من يناير. ورصدت الصحيفة الأمريكية بعض مواضع القوى في خطابات ووعود مرسي بشأن سياسات بلاده الخارجية خلال فترة توليه الحكم يتمثل أهمها : في التعامل بإيجابية وبوتيرة سريعة مع "الحساسيات" في بعض دول الجوار ، فضلا عن وعوده باستعادة ريادة مصر على مستويين الإقليمي والدولي بعد عقود من التدهور والانكماش تحت حكم الرئيس السابق حسني مبارك. وعلى صعيد الداخل المصري ، رأت صحيفة (فايناشيال تايمز) البريطانية اليوم السبت أن خطاب مرسي أمس الجمعة أمام الجماهير المحتشدة في ميدان التحرير والذي وصفته بخطاب "النصر" قد بعث برسائل "طمأنة" إلى كافة قطاعات وأطياف الشعب المصري الآن بينها : أفراد الديانة المسيحية وقوات الأمن المصرية والفنانين والعاملين بقطاع السياحة إضافة إلى وعوده بتشكيل حكومة شاملة تمثل كافة أطياف الشعب المصري.ولفتت الصحيفة - في سياق مقال افتتاحي أوردته على موقعها الالكتروني - إلى أنه برغم من أن تلك الوعود والتعهدات من قبل الدكتور محمد مرسي تعد بالغة الأهمية في حد ذاتها ، غير أنها يجب أن تدعم بأفعال وتحركات على أرض الواقع تخدم أبناء الشعب المصري وتستكمل تحقيق أهداف ثورته. واعتبرت أن أداء الدكتور محمد مرسي يمين رمزي أمس الجمعة أمام المحتشدين في ميدان التحرير إنما عزز الآمال في أنه بإمكان أنياب الديمقراطية أن تتحدى قوات ما اصطلح على تسميته "الدولة العميقة". وشددت الصحيفة على ضرورة أن يعكف مرسي على استخدام وتطويع كافة الصلاحيات المتاحة أمامه في سبيل تنفيذ الإصلاحات التي وعد بها وتحتاجها مصر بشكل ملح وما يترتب على ذلك من ضرورة التحلي بالجرأة والإقدام على اتخاذ قرارات سياسية صعبة مثل رفع الدعم عن بعض السلع الذي يثقل كاهل الاقتصاد الوطني. وخلصت الصحيفة إلى أن مرسي لا يمثل أول رئيس مدني منتخب لمصر بل يعد أيضا أول رئيس "إسلامي" منتخب يحكم أكبر دولة عربية .. لافتة إلى أن زخم الصحوة العربية والانتفاضات الشعبية التي "هزت" معظم أرجاء الوطن العربي على مدار العامين الماضي والجاري باتت الآن تعتمد إلى حد كبير على قدرة مصر في التمسك والحفاظ بالديمقراطية التي انتزعتها بشق الأنفس. في السياق ذاته ، اعتبرت مجلة (الأيكونوميست) البريطانية اليوم السبت الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي قد سعى من خلال خطابه أمس أنه يهدئ من روع خصومه ويمد لهم جسور التواصل. وذكرت المجلة - في سياق تعليق أوردته على موقعها الالكتروني - أنه لم تكن الجموع الغفيرة التي احتشدت في ميدان التحرير قلب العاصمة المصرية القاهرة أمس هى فقط من احتفل بمرسي بل أيضا مؤشرات سوق البورصة المصرية التي ارتفعت إلى معدلات غير مسبوقة فور إعلان مرسي رسميا رئيسا لمصر. ورأت المجلة البريطانية أن فوز الدكتور مرسي بمقعد الرئاسة في مصر بعد منافسة شرسة مع منافسه الخاسر الفريق أحمد شفيق بعثت بالأمل والشعور بالارتياح بعض الشئ حتى إلى منتقديه الذين رأوا في فوز منافسه الفريق شفيق - آخر رئيس وزراء في عهد مبارك - تمكينا لما يعتبره كثير من المصريين أنياب الثورة المضادة كي تدير شئون البلاد وتحكم قبضتها. ولفتت المجلة إلى أن فوز مرسي قد جنب البلاد حلقات عنف لا يحمد عقباها حال ما أعلن عن فوز شفيق بوصفه "خيانة" لدم الشهداء والتضحيات التي تكبدها المصريون منذ اندلاع ثورتهم في ال25 من يناير في سبيل الإطاحة بالنظام السابق وإعلان قطيعة مع الماضي وما يمثله من ظلم واستبداد.