شهدت لغة تماشق مبعثاً جديداً لها إلى الوجود العربي، إثر تدوين ثلاثة من الباحثين هذه اللغة في صورتها المعاصرة الحاليّة، متسقّطين ألفاظها من المعجم الشفوي التماشقي في الصحراء الكبرى، ومن دون الاستعانة بأي مراجع سابقة كمصدر من مصادر هذه اللغة، أي: تماشق. وقد قام الباحثون: عبدالرحمن بن مصطفى، وطاهر الشريف، وعبدالواحد بن محمد، بجمع لغة تماشق الطارقية، ونقلها للمرة الأولى إلى العربية، وفقاً لترتيب أبجدي عربي، ومداخل تساعد على تعلّم هذه اللغة، وملاحق أيضاً تعين على الوصول إلى أي كلمة في مظانّها. وشفع الباحثون ذلك بأن وضعوا مقدمة تضم جمعاً من خصائص لغة تماشق والفروق بينها وبين غيرها، وبعض الحروف التي تميّزها، إضافة تبيين مواطن انتشار الناطقين بها في شمال أفريقية وآسيا العربية. وجاء في مقدمة المعجم الذي أصدره مركز البحوث والتواصل المعرفي في الأسابيع الماضية، أنه يهدف إلى تدوين لغة تَمَاشَقْ، التي يتحدّثها كثيرون في الفضاء المتسع في الصحراء الكبرى في إفريقية، على امتداد دول عدة يستوطنونها، وهي: مالي، والنيجر، والجزائر، وليبيا، ودول أخرى تقطنها جاليات كبيرة منهم، كموريتانيا، والمملكة العربية السعودية، والمغرب، وبوركينافاسو. إن (كَل تَمَاشَقْ)، أي (أهل تَمَاشَقْ)، هم الشعب المعروف ب(الطوارق)، وهم لا يعرفون أنفسهم باسم (الطوارق)، وإن كان جيرانهم من العرب يطلقون على الواحد منهم (تَارﭼي) ومعناها: طارقي، وكان العرب يطلقون على الجنس العام لغير العرب من ذوي البشرة البيضاء في هذه المنطقة اسم (البربر) بشتى لغاتهم، وأهل العصر الدارسون من شتى أنحاء العالم يطلقون عليهم تسميات مثل (طوارق، تْوارِك) وهلمّ جرّا، غير أنهم – أي كَل تَمَاشَقْ- لا يتداولون هذا الاسم فيما بينهم إلا على معنى الإطلاق العُرفي، ومن هنا فإن إدراج كلمة (طارقي) أو (طوارق) إنما هو مُسايرة لهذا العُرف اللغوي الذي انتشر. وتماشق ليست لهجة من اللهجات العربيّة، ولا من اللغات المجاورة لها الشبيهة بها كالأمازيغية، والدُّوصْهَاكِيَّة (تَدُوصْهَاكْ)، وإن كانتا هما الأقرب إليها، كما أنها ليست لغة مشكّلة من اللغات الأخرى التي يتحدثها الأفارقة السود، كالسونغاي، والفولاّن، وغيرهم.