وزير التعليم يبحث مع جوجل العالمية ويونيسف تعزيز دمج التكنولوجيا في المنظومة    وفد من مسئولي برامج الحماية الاجتماعية يتفقد المشروعات المنفذة بحياة كريمة في الدقهلية    حملة مكبرة لرفع الإشغالات بشارع 135 بحي غرب شبرا الخيمة - صور    في استجابه من محافظ القليوبية.. حملة مكبرة لرفع الإشغالات بشارع 135 بشبرا    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد الجمعة والسبت كل أسبوع بالمنصورة    تراجع جديد في أسعار الذهب اليوم الجمعة 30 مايو بالتعاملات المسائية    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين إلى 30 واستمرار القصف الإسرائيلي المكثف    سوريا تُرحب بقرار اليابان رفع العقوبات وتجميد الأصول عن 4 مصارف    الرمادي يوجه رسائل خاصة قبل مباراة الزمالك وفاركو ..ويكشف عن موقف المصابين    كونتي يوضح مستقبله مع نابولي    رفضت العودة لزوجها.. ضبط ربة منزل تخلصت من ابنتها في قنا    ضمن ألبومه الجديد.. عمرو دياب يعود للتلحين من جديد    4 مشاهدين فقط.. إيرادات فيلم "الصفا ثانوية بنات"    إعلان أسماء الفائزين بمسابقة «توفيق الحكيم للتأليف المسرحي» بالقومي للمسرح    المنطقة الشمالية العسكرية تستكمل تنفيذ حملة «بلدك معاك» لدعم الأسر الأولى بالرعاية    عالم بالأوقاف: كل لحظة في العشر الأوائل من ذي الحجة كنز لا يعوض    «من حقك تختار».. ملتقى تثقيفي عن التأمين الصحي الشامل بالأقصر    صحة المنيا: قافلة طبية مجانية بقرية البرشا بملوي تقدم خدمات لأكثر من 1147 حالة    أمجد الشوا: الاحتلال يستغل المساعدات لترسيخ النزوح وإذلال الغزيين    ألمانيا تربط تسلم أسلحة إسرائيل بتقييم الوضع الإنساني بغزة    ترامب: أنقذت الصين لكنها انتهكت اتفاقيتها معنا بشكل كامل    ماكرون: إذا تخلينا عن غزة وتركنا إسرائيل تفعل ما تشاء سنفقد مصداقيتنا    مواجهات حاسمة في جولة الختام بدوري المحترفين    شعبة مواد البناء: أسعار الأسمنت ارتفعت 100% رغم ضعف الطلب    سقوط المتهم بالنصب على المواطنين ب«الدجل والشعوذة»    الحدائق والشواطئ بالإسكندرية تتزين لاستقبال عيد الأضحى وموسم الصيف    مستشار رئيس الاتحاد الروسي: منتدى بطرسبرج الاقتصادي مساحة لطرح الحلول لمواجهة المتغيرات العالمية    فى ليلة ساحرة.. مروة ناجى تبدع وتستحضر روح أم كلثوم على خشبة مسرح أخر حفلاتها قبل 50 عام    الأحد.. مجلس الشيوخ يناقش الأثر التشريعي لقانون التأمين الصحي والضريبة على العقارات المبنية    مفتى السعودية: أداء الحج دون تصريح مخالفة شرعية جسيمة    «أوقاف الدقهلية» تفتتح مسجدين وتنظم مقارئ ولقاءات دعوية للنشء    الصحة: تقديم الخدمات الصحية الوقائية ل 50 ألفًا و598 حاجا من المسافرين عبر المطارات والموانئ المصرية    أسامة نبيه: أثق في قدرتنا على تحقيق أداء يليق باسم مصر في كأس العالم    الإفتاء تحذر: الأضحية المريضة والمَعِيْبَة لا تجزئ عن المضحي    4 وفيات و21 مصابا بحادث انقلاب أتوبيس بمركز السادات    حكم من شرب أو أكل ناسيا فى نهار عرفة؟.. دار الإفتاء تجيب    108 ساحة صلاة عيد الأضحى.. أوقاف الإسماعيلية تعلن عن الأماكن المخصصة للصلاة    دعاء العشر الأوائل من ذي الحجة لتيسير الأمور وقضاء الحوائج.. ردده الآن    تحرير 146 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    بث مباشر.. شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    كأس العالم للأندية.. ريال مدريد يعلن رسميا ضم أرنولد قادما من ليفربول    الرئيس اللبنانى يزور العراق الأحد المقبل    طهران: تقرير الاستخبارات النمساوية المشكك في سلمية برنامجنا النووي كاذب    ليلة في حب وردة وبليغ حمدي.. «الأوبرا» تحتفي بروائع زمن الفن الجميل    أسعار النفط تتجه لثاني خسارة أسبوعية قبيل قرار أوبك+    وزير الزراعة يستعرض جهود قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة خلال مايو الجاري    طقس مائل للحرارة اليوم الجمعة 30 مايو 2025 بشمال سيناء    شاهد عيان يكشف تفاصيل مصرع فتاة في كرداسة    رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن البحر الأحمر    وزير الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية SMS للمتقدمين ضمن "سكن لكل المصريين 5 " بنتيجة ترتيب الأولويات    مصر على مر العصور.. مصر القديمة 1    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين والقنوات الناقلة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    "فوز إنتر ميامي وتعادل الإسماعيلي".. نتائج مباريات أمس الخميس 29 مايو    فرنسا تحظر التدخين في الأماكن المفتوحة المخصصة للأطفال بدءًا من يوليو    تقارير: أرسنال يقترب من تجديد عقد ساليبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى عبيد يكتب: ميلاد الاقتصاد الوطني
نشر في الوفد يوم 08 - 03 - 2019

فكرة البنك الوطنى نامت ثمانين عاما وأيقظتها الثورة وحولتها إلى واقع حى
سعد زغلول رد على ضربات الاحتلال بسحب ودائع المصريين من المصارف الإنجليزية
الأجانب كانوا يسيطرون على 90 % من حجم الاقتصاد المصرى أوائل القرن العشرين
بنك مصر أنشأ عشرات الشركات فى مجالات الصناعة والتجارة والطيران والسينما
لم تكن ثورة 1919 تأسيسا لمبادئ القومية المصرية وحدها، لم تكن غرسا للوحدة الوطنية في اسمى معانيها بحسب، لم تكن ميلادا لزعامات تاريخية تؤمن أن القوة الحقيقية هي قوة الأمة وأن الشرعية الوحيدة هي للوحدة الوطنية فقط، وإنما كانت كذلك ميلادا للاقتصاد المصري بسماته الذاتية. وهو اقتصاد مستقل تماما عن اقتصاد الاحتلال يتطور ويتقدم وينمو من خلال إيمان راسخ بأن مصلحة مصر هي محركه.
وهكذا فلولا ثورة 1919 لما كان بنك مصر، وربما ما عرفنا رجلا عظيما اسمه طلعت حرب. إن تجربة اقامة بنك وطنى مصرى لم تكن لتتحقق لولا اشتعال الثورة. ولاشك اننا لا نقلل من شخصية اقتصادى عظيم مثل طلعت حرب، ولكننا نؤكد كما يؤكد كل من كتب عن الرجل ان العظمة وحدها ليست كفيلة بتحقيق احلام الامم. إن الاحداث المحيطة تلعب دورا بارزا فى تفعيل افكار عظيمة ونقلها الى الواقع الحى.
لقد كانت فكرة انشاء بنك مصرى وطنى مطروحة قبل ثورة 1919،بل وقبل ميلاد طلعت حرب نفسه. ربما ترجع الفكرة الى عهد محمد على باشا، والذى أنشأ أول بنك قومى باسم بنك مصر وإن كان يختلف تماما عن فكرة البنك التى نعرفها فى الوقت الحالى. لقد كان البنك وقتها اداة تنفيذية لتشغيل المشروعات التى تقيمها الدولة وله سلطة فى تسعير العملات والاوزان وقد أنشىء البنك برأسمال 700 الف ريال دفعت مصر منها 400 الف ريال ودفع رجال اعمال اجانب ال300 الف الباقية. ولم يستمر ذلك البنك طويلا فمع انهيار أحلام دولة محمد على عقب اتفاقية لندن 1840 تجمدت كثير من مشروعاته ومن بينها البنك البدائى.
فيما بعد ومع تزايد اعداد الاجانب فى مصر خلال عهد الخديو اسماعيل أنشئت عدة بنوك اجنبية قامت على فكرة الاقراض بالربا وسيطر على معظمها الاجانب المقيمون فى مصر واليهود. وظلت فكرة انشاء بنك مصرى تطل بين الحين والحين،خاصة ان الاجانب كانوا يحتكرون كافة الانشطة المالية فى مصر. وفى عام 1879 كتب امين شميل مقالا فى جريدة التجارة دعا فيها الى ضرورة انشاء بنك مصرى
يرعى المشروعات المصرية ويشجعها ويمولها. ولاقت الفكرة تحمس عدد من الاعيان مثل عمر لطفى باشا، ومحمد سلطان باشا وحاولوا اتخاذ اجراءات فعلية لانشاء البنك،الا ان عدم تحمس المصريين اصابهم باليأس وبقيت الفكرة فى قلوب واذهان اصحابها الا ان رحلوا.
وفى عام 1911 نشر طلعت حرب كتابا صغيرا بعنوان « علاج مصر الاقتصادى » تحدث فيه صراحة عن البنك الوطنى الذى لابد من انشائه. وقال الرجل « مازالت الحاجة لانشاء مصرف مصرى حقيقى يعمل بجانب المصارف الموجودة ويحثهم على المشاركة فى قطاعات التجارة والصناعة». ولاقى الكتاب والفكرة قبولا واسعا مع تعاظم المد الوطنى الذى صاحب الحرب العالمية الاولى وانشاء عصبة الأمم.
لقد استيقظ الضمير الوطنى ورأى ان عليه ان يحرر بلده من المستعمر ويستعيد حقوقه المسلوبة. ويذكر المؤرخ الاستاذ لمعى المطيعى ان نسبة الاموال الاجنبية العاملة فى مصر تزيد على 90 % من اجمالى الاموال. وكان الاجانب يستثمرون 62 % من اموالهم فى الزراعة و6 % فقط فى الصناعة و32 % فى انشطة أخرى. ويضيف المؤرخ ان ثورة 1919 اشعلت روح الاستقلال الاقتصادى المصاحب للتحرر من نير الاستعمار. إن الثورة فى رأيه هى أول ثورة قومية بالمعنى الحديث تعبر عن انتقال الشعب المصرى من ايديولوجية الولاء للدولة العثمانية الى القومية المصرية. ولقد كانت اول ثورة تتجمع فيها جميع عناصر القومية من عمال وفلاحين وتجار وصناع وكبار الملاك والرأسماليين. لقد أحيت الثورة فكرة الاستقلال الاقتصادى وكان على المصريين ان يدفعوا بقوة فى تحويل حلم البنك الوطنى الى حقيقة. وقد كان.
فى 8 مارس 1920 أسس كل من احمد يكن باشا، محمد طلعت حرب بك،عبد المجيد السويفى بك،عباس دسوقى الخطيب والدكتور فؤاد سلطان شركة مساهمة مصرية تحت اسم «بنك مصر ». ولقد سارع 126 مصريا فى الاكتتاب فى رأسمال البنك البالغ 80 الف جنيه وكانت البداية. وفى 7 مايو عام 1920 اعلن رسميا قيام البنك. لقد ظلت الفكرة ثمانين عاما على الورق قبل ان تنتقل الى الواقع بعد ثورة 1919. ولقد أسهم
حزب الوفد بقيادة سعد باشا زغلول فى تشجيع المصريين للانضمام للمشروع الوطنى. ويذكر لمعى المطيعى ان سعد باشا زغلول توقع فى ديسمبر عام 1921 ان يوجه الاحتلال البريطانى ضربة الى الوفد فبعث برسالة الى حمد الباسل يخبره فيها ان الرد يجب ان يكون مقاطعة البنوك والشركات الانجليزية وتشجيع بنك مصر. وبالفعل اعتقلت سلطات الاحتلال سعد باشا فما كان من الوفد الا ان اصدر بيانا دعا فيه الى سحب الودائع من المصارف الانجليزية والاقبال على شراء اسهم بنك مصر. ووقع على البيان حمد الباسل، ويصا واصف، جورج خياط، مرقص حنا، علوى الجزار، مراد الشريعى، واصف غالى، وجن جنون الانجليز وقبضوا على موقعى البيان واصدروا حكما باعدامهم..
وعلى الجانب الآخر واجه طلعت حرب اتهامات عديدة بعدم الواقعية والافراط فى الأمل وتغلب على احباطات كثير من الاقتصاديين الذين كانوا يرون ان فكرة البنك لن تنجح. وكان يرد على منيتهم مصر بالفقر فى خبراء البنوك قائلا « قيل لنابليون عندما وضع فكرة بنك فرنسا انه ليس فى فرنسا رجال ماليون، خبيرون باعمال البنوك فقال لهم : هذه طائفة يجب خلقها وبالفعل تم صناعتهم واصبحت فرنسا يضرب بها المثل فى الخبرات المالية والمصرفية».
لقد بدأ بنك مصر عام 1920 برأسمال قدره 80 الف جنيه وفى سنة 1925 ارتفع رأسمال البنك الى نصف مليون جنيه، ثم الى مليون جنيه عام 1927. وحقق البنك احلام المصريين فى انشاء مشروعات تجارية وصناعية وزراعية وخدمية مصرية خالصة. ففى سنة 1922 أسس البنك مطبعة مصر برأسمال 30 الف جنيه زاد الى 50 الف جنيه. وفى سنة 1924 أسس شركة مصر لحليج الأقطان برأس مال قدره 30 الف جنيه زيد الى ربع مليون جنيه. وفى العام التالى أسس شركة مصر للنقل والملاحة برأسمال قدره 40 الف جنيه، وفى العام نفسه أسست شركة مصر للتمثيل والسينما برأس مال 15 الف جنيه زيد الى 75 الف جنيه ، وفى عام 1927 أسس البنك شركة مصر لنسج الحرير برأسمال قدره 10 آلاف جنيه زيد فيما بعد الى ربع مليون جنيه. وفى نفس العام تم تأسيس شركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة برأسمال 300 الف جنيه زيد الى مليون جنيه. كما تم تأسيس شركة مصر لمصايد الاسماك برأسمال 20 الف جنيه زيد الى 75 الف جنيه. ثم أسست شركة مصر للكتان برأسمال قدره عشرة آلاف جنيه زيد الى 45 الف جنيه. وفى عام 1930 أسست شركة مصر لتصدير الاقطان برأسمال 120 الف جنيه زيد الى 160 الف جنيه وفى 1932 أسس البنك مصر للطيران برأسمال 20 الف جنيه زيد الى 80 الف جنيه. كما أسست شركة بيع المصنوعات برأسمال خمسة آلاف زيد الى 80 الف جنيه. وفى عام 1934 أسست شركة مصر للتأمين برأسمال قدره 200 الف جنيه. كما أسست شركات مصر للملاحة، ومصر للسياحة، ومصر لدباغة الجلود، ومصر للغزل بكفر الدوار، ومصر للمناجم، ومصر لصناعة وتجارة الزيوت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.