كانت صرخة والدتها "بنتي" كفيلة بأن تذرف دموع الواقفين، المترقبين بعيون حائرة يملؤها الرجاء، أمام مستشفى دار الشفاء، منتظرين معرفة مصير أهاليهم من مصابي حادث قطار محطة مصر اليوم. كانت جملة والدة "هدير مدحت عبدالحميد"، صاحبة ال18 عام، حين رأت إحدى أقاربها " شوفتي هدير بقت عاملة إزاي"، مصحوبة بصرخة مليئة بالوجع والحسرة، يتخللها كلمة "يارب" الراجية منه الرحمة واللطف لابنتها، خير وصف على الحالة التي رأت ابنتها عليها، داخل العناية المركزة، بمستشفى دار الشفاء. لم يتحمل شقيقها حتى التعبير عن ألمه مكتفيًا بعبارة بصوت هامس "أنا فعلا مش قادر أتكلم"، وبعدما انهارت والدته أمامه، لم يتمالك نفسه، حتى اتخذ إحدى الزوايا ملجًأ له، لتحتوي انهماره في البكاء عليها، ناظرًا إلى السماء أن يا الله لا تلحق بهدير الأذى، وما مضت سوى لحظات، حتى سقطت والدة هدير مغشيًا عليها. على الرصيف المقابل للباب الرئيسي لمستشفى دار الشفاء، تواجدت سيدة تظاهرة بالتمساك لأقصى درجة، إلى أن سمعت بكاء من تهاتفه، حتى انطلقت صرختها "أنتِ بتعيطي عليه ليه"، ودخلت في نوبة بكاء شديدة، متكأًة على الحائط، مسلمًة وجهها وأمرها لرب الكون، راجيًة إياه أن يشفي مريضها. وبجانب سور المستشفى، جلس عدد من أسر الضحايا، الذين استطاعوا الاطمئنان على مصابهم، بينما عدم القدرة على الحديث، كانت الصفة المشتركة للجميع، فاكتفت إحداهم بالتعبير عن حالة مريضها وعما رأته "الحمد لله أوي، ده يعتبر حاجة بسيطة جنب التانيين، ده في حالات أعضاءهم مبتورة وحروق قوية". واستقبلت مستشفى دارالشفاء بالعباسية، 8 حالات مصابين، إثر حادث رمسيس اليوم، 4 حالات منهم حرجة بالعناية المركزة، و3 حالات تم نقلها إلى غرف بعد الاطمئنان عليها، فيما تم نقل حالة إلى العناية المركزة بمستشفى الدمرداش. والجدير بالذكر، أن حادث حريق قطار محطة مصر اليوم، والذي كان بمثابة انفجار بمحطة مصر، أسفر عن 24 حالة وفاة، و50 حالة إصابة.