اليوم كان من المفترض أن يقيم المهندس ( محمد نجيب سليمان ) حفل زفاف إبنته الوحيدة المعيدة بطب الزقازيق ، إلا أن يد الإجرام أبت ألا ينعم باللحظة التى عاش من أجلها فحرمته الفرحة وحرمت إبنته الطبيبة من حلمها الوردى ، كانا عائدان للتو من القاهرة الى الزقازيق محملين بفستان الزفاف وطرحة تتشابك فيها الورود وقلبين يتعانقان ، بعض من لوازم العرس شموع وحلوى وبطاقات يدون فيها حرفان من إسمي العريس والعروس وتاريخ يتوج زواجهما ، ظل الأب وإبنته يتجاذبان أطراف الحوار المطرز بالسعادة والأب يعد العروس أن تكون ليلتها بالفعل أجمل أيام العمر ، فهذا هو اليوم الذى يتمناه كل أب أن يتأبط ذراع إبنته ليسلمها الى زوجها فتتساقط من مقلتيه دموع الفرح ، وعند أحد المطبات الصناعية حاول أن يهدئ المهندس ( محمد نجيب ) من سرعته لنتشق الأرض عن خمسة ملثمين يترجلون من سيارة ملاكى فاستوقفوه ليسرقوه تحت تهديد السلاح ولأنه لم ينصاع لإرادتهم إنهالت عليه رصاصات الغدر فاستقرت إحداها فى رأسه ليسقط صريعا وتنهمر دماؤه تغرق السيارة وفستان العرس يئن وجعا بعدما لطخ بالدماء ، صرخة الطبيبة تشق الفراغ تستنجد بالمارة الذين ماأن سمعوا طلقات الرصاص حتى هرولوا وتركوا سياراتهم فى نهر الطريق مختبئين فى الزراعات خوفا من مكروه قد يطال أرواحهم أيضا ، ربما تخرج رصاصة طائشة من أى إتجاه فتصيب أيا منهم ، أو تعرض حياة أطفالهم لأى أذى ، والإنسان بطبيعته عند الخطر ينشد النجاة ويكون على إستعداد للتضحية بكل شئ فى سبيل نعمة الحياة ، لكن ربما يتساءل البعض ولماذا لم يحاول قائدى السيارات الإمساك بالجناة وتسليمهم لأقرب نقطة شرطة ، لاأعتقد أن الموقف يعد تخاذلا من المواطنين ، فالسلاح بكل أنواعه أصبح فى متناول الجميع ، وأصبح الكل يتوخى الحيطة والحذر الشديدين الكل ينأى بنفسه عن التدخل لفض مشاجرة أو التوسط لحل ازمة ليس جبنا إنما لأنهم لايدركون عواقب الأمور وربما إنقلب عليهم أحد طرفى النزاع فينالهم مالايحمد عقباه وقد يتعرض للموت ، أما أجهزة الأمن فى الشرقية فاستطاعت القبض على إثنين من الجناة الذين إعترفا أن السيارة مسروقة وأرشدا عن زملائهم فى الإجرام الذين هم فى الأصل من أرباب السوابق المعروفين بحيازهم لللأسلحة والذخيرة الحية ، قتل المهندس ( محمد ) دون ذنب ليترك غصة فى قلب أسرته ومحبيه ، يترك وحيدته تصارع مر الفراق ليظل مشهد دماء أعز الناس وقد سقى الثوب الأبيض عالقا فى ذهنها مدى الحياة ، من أطفأ الفرحة فى العيون فأخرست الضحكات للأبد ليتعالى الصراخ والعويل بديلا عن الزغاريد ، من قتل الأحلام التى إدخرتها ؟ لم يدر بخلد الطبيبة الشابة أن القدر لن يمهل والدها الإشراف على تعليق الأنوار والزينات ، لن يستقبل جموع المهنئين من الأقارب والأصدقاء لينقلب العرس إلى مأتم كبير وجراح لن يداويها الزمان هذه الجريمة الوحشية تتكرر على مدار الأيام خاصة بعد الثورة بعدما أقتحمت السجون وهروب الآلاف من القتلة واللصوص يعاودون نشاطهم الإجرامى بعنف أكبر يروعون الأبرياء ، لاننكر أن الشرطة تحاول جاهدة أن تفرض سيطرتها لتعيد الأمن الى الشارع المصرى ، ولكن دون تطبيق عقوبة رادعة على الخارجين على القانون ليكونوا عبرة سنظل ندور فى حلقة مفرغة ، ننتظر الكثير من الرئيس القادم فمن يستطيع أن يعيد الإنضباط والأمان ، أسئلة مازالت تدور ، من يعيد عتاة الإجرام الى محابسهم ونكف عن إلقاء اللوم على القضاء والقدر