إرجع بأيامك إلى ماقبل 25يناير2011بيوم واحد.. انزل احتفل بعيد الشرطة وأقسم لهؤلاء القلة أن مصر ليست تونس ولن تكون. اتهم المحرضين للتظاهر غداً بالعمالة والرغبة فى تخريب منظومة الدولة. تفنن فى وضع مساحيق التجميل لإخفاء قبح وجه النظام.. سيصدقك الجهلاء وهم كثر. وفى اليوم التالى لا تغادر بيتك ابق هناك أمام شاشة التلفاز .. استمع لتلك المذيعة التى تتلقى اتصالات تؤكد مضمون ما فعلته أنت بالأمس فالنظام باق ونحن زائلون. استمتع بهدوء بيتك وتصفح جريدة الاهرام لتعرف أماكن السينيمات التى تعرض أخر أفلام أحمد عز. سيمر اليوم عادياً والأيام التالية أيضاً .. لا شىء سوى متابعة أخبار الرئيس المخلوع زين العابدين بن على، ومسار التحول الديمقراطى فى تونس.. ولك كل الحق فى النقاش والمجادلة حول مخاوفك من حكم حركة النهضة الاسلامية فى تونس وتأثير ذلك على مدنية الدولة. الحياة تسير طبيعية.. ولكن هل تعتقد أنهم يريدونها كذلك؟ لا فثورتك مؤكد تصب فى مصلحة تحقيق هدفهم ..هم لا يريدون التوريث فالرئيس القادم الذى يجهزه الرئيس الحالى لتولى المنصب بعده مدنى. إذن فإما أن تنزل أنت للميدان لتعلن ثورتك على الديكتاتور أو يعلنون هم الانقلاب على قائدهم الأعلى منعاً لتولى ابنه قيادة مسيرة العبودية. وبما أنك نجحت فى تكييف حياتك دون ثورة، فهم قرروا الإنقلاب. حتما سيناقشونه أولاً، سيزداد عناده المعتاد ويدعمه فى ذلك، الموافقة التى اقتنصها من اسرائيل وأمريكا لتولى ابنه. الموقف يحتدم وأطراف أخرى تتدخل للتهدئة، لا مفر من تهديده بالانقلاب.. لن يبالى فديكتاتوريته أعمته. إذا لا بديل فالانقلاب هو الحل.. المذيع ذو النظارة الزجاجية يبث باقتضاب خبر اذاعة بيان عاجل من المجلس الاعلى للقوات المسلحة. يقف رجل ملامحه تجزم أن ورائها مالا يخطر على عقل مصرى، يلقى بيان أمام الملايين ليعلن الانقلاب على سنوات من الظلم عانها المصريون.. نصفق بشدة ونكبر حمداً لله على الخلاص من الكابوس... ونخرج للميدان لا للثورة بل للاحتفال. سنرفع الأعلام ونستمع إلى الأغانى ويبدأ المتلونون فى لعن الديكتاتور والتسبيح بحمد القيصر الجديد. ولأنهم من قادوا الإنقلاب على رئيسهم فلهم نصيبهم من الكعكة أو لنقل كل الكعكة. قد يعلنون مبررات لاستمرارهم فى الحكم من عينة البلد تحتاج لاستقرار، أو لا يلعنون معتبرين الحكم حق مكفول لمن سبق بالاعتراض على الحاكم. سيستخدمون السلاح الأقوى فى وجه المعارضة على استمرار الحكم العسكرى وهو الإعلام، سيشوهها ويعتبرها قلة مندسة تتلقى أموال من الخارج، لمعارضة الجيش صاحب الانجازات... فهل نسيتم بطولات الجيش فى الحروب التى سال دمك أنت فيها.. إنهم ببساطة ياعزيزى يستغفلوننا لأننا شعب يستحق الاستغفال. سيغيرون الحقائق ويجعلون المقتول قاتل، وبالطبع سيحتج الإخوان المسلمون لكن قادتهم سيكونون فى السجون وقتها، لذا لن يكون لاعتراضهم تأثير، وسيرضون باستمرارهم فى لعب دور الجماعة المحظورة وهنا ستكون الفرصة سانحة أمام وحيد حامد لتأليف الجزء الثانى من مسلسل الجماعة. دعاء البادى