تتعدد الطوائف المسيحية وتتخذ الكنائس الحاملة لفكر كل طائفة على حدى، ويجتمع التابعون لكل كنيسة حول العالم وفق إنتشار المؤمنين بالمذهب والطائفة. وتعد الكنيسة المارونية هى إحدى هذه الكنائس التى تنتشر حول العالم السيحي و بظرًا لإعتبار مصر هى رمز التنوع و التعدد الديني فقد ضمت مصر منذ قديم الازل الكثير من الثقافات و الديانات و الجنسيات إذ كانت تقاس قيمة الشعوب الحضارية بمدى تنوعها العرقي و الديني فهذا التنوع يعطي نموذجًا لأسمى معاني التعايش و المواطنه و الوحدة بين الطوائف و الاديان كما يساهم هذا التنوع في رسم لوحة فينة متعددة الالوان و الاختلاف يجذب الوافدين و يعتبر بمثابة دليلًا ملحوظة على حضارة و تقدم و عظة الشعب الذي يستطيع اى انسان ان يتعايش داخله بأمان و يستطيع ان تجانس مع غيره دون الاعتبار للإختلاف و التميز او لتعرض للتنمر. وقد حوت المسيحية الشرقية وحدها تسعة أعراق هم السريان والكلدان والفينيقيين والأحباش والأقباط والعرب والمردة واللاتين والأرمن بالاضافة إلى ثلاثة مذاهب كبرى وهى الكاثوليك و الأرثوذكس والبروتوستانت المعروفة بالإنجيلية، و الكنيسة المارونية هي كنيسة أنطاكية سريانية شرقية كاثوليكية ذات تراث ليتورجي خاص تتمتع كباقي الكنائس بطايع خاص و مختلف قد يتشابه مع غيرها في البعض و يختلف في البعض الآخر , و هى جزء من الكنيسة الكاثوليكية التى يرأسها البابا فرنسيس حاليًا بابا الفاتيكان مركز الكاثوليك في العالم , و مع ذلك فأن بطريركها و أساقفتها خاصة بها فقط ويقيم البطريرك في بكركي الواقعة ضمن قضاء كسروان اللبناني، ويعاونه في الإدارة المجمع المقدس أما الأبرشيات فهي سبع وعشرون أبرشية حول العالم وللكنيسة المارونيّة رهبناتها الخاصة وتعتبر الرهبنة اللبنانية المارونية أكبر رهبنة في الشرق الأوسط. و ترتبط الكنيسة المارونية بظهور راهب رفض الاختلافات المذهبية حينها وهو الراهب "مارون" سكن جبل سمعان فى شمال غربى حلب بسوريا و التى تحتفل بعيده الكنائس المارونية حول العالم اليوم السبت ، هو بثابة الاب الروحى لهذه الطائفة فقد تبعته جماعة آمنت برسالته و عرفوا بالموارنة نسبةً له و قد عبروا الموارنة في عصر لاحق أنهم عرق لا مجرد مذهب مسيحى , و انتشروا في بلاد الشام و اشتهروا بالمهارة في العديد من الاعمال فقام حينها الحاكم المصري " محمد علي" بتقديم طلب إلى" بشير الشهابي" الأمير اللبناني آنذاك لاستقطاب عمال موارنة إلى مصر ثم بدأت مصر في الازدهار و التقدم و النهضة الصناعية و الزراعية و بدأ الموارنة في التوافد و الهجرة إلى مصر فى لتنعم بهذا التقدم الثقافي و الأدبي. واستقر الوافدين الموارنه في مصر و قاموا بتأسيس ما يقرب 320 شركة تجارية و شاركوا في الصناعات و الأعمال الفنية و الادبية فقد قاموا بتأسيس 120 صحيفة و مطبوعة , و تروى كتب التراث القبطي أن الدولة المصرية قامت بمنح 125 مارونيًا مصريًا لقب باشا و بك من حصيلة 500 مصريًا نالوا اللقبين في العهد الملكية المصرية, و برزت الطائفة المارونية في أعمال الطباعة و الترجمة و الفنون المتنوعة و ساهمت أعمالهم المترجمه في وصول العالم العربي الشرقي إلى سائر دول العالم فهى تعتبر الرابط الثقافي حينئذ بين الشرق و الغرب. و ذكرت الكتب التراثية أن الوجود الماروني في مصر يعود إلى عام 1169م حيث كانت مصر المقصد الشرقي الأكثر شهرة و تقدم يقصدها التجار و العمال و قد أمر ملوك العصر الأيوبي بتنوع المستنشارين و العمال في مصر و ان تكون اليد العاملة ذات ثقافات متنوعة حتى تستطيع مصر من الاستفاده هذه المهارات المختلفة في كافة المجالات. ووثق وجود المارونية في مصر مخطوط بالمتحف البريطاني يحمل رقم 493 بعنوان الابتهالات, وهو من أعمال راهبًا مارونيًا لبناني الجنسية و يعود لعام 1498م كان مقيم بالقاهرة وقتئذ, وتمتاز الأحياء المصرية القديمة فتشهد الجدران المصرية القديمة على تنوع سكانها و التعايش المحبة فكان تحوى المنازل الجار اليوناني بجانب الجار الإيطالي بجوار المصري والماروني بجوار الارثوذكسي بجوار المسلم و تعد مصر من أكثر البلدان أمانًا الحاضنة للإختلاف العرقي و الديني و إنشاء المعابد و الاديرة و المساجد و الكنائس حقًا لكل من عاش في هذا البلد العظيم و الحضاري و مع إنتشرار المارونية و ازدياد أعداد الموارنة قدم البطرك المارونى جرجس عميرة عام 1639م لزيارة أبنائه عقبتها الزيارة الشهيرة التي قام بها المطران السمعانى إلى مصر عام 1739م حيث والتى نتج عنها طلب لزيادة أعداد رجال الدين فأرسل لهم وفدا كبيرا من الرهبان الحلبيين لرعايتهم دينيا وقدم الوفد عام 1745 م إلى عدة مدن مصرية وهى القاهرة والدلتا ودمياط والصعيد ، وقام البطرك المارونى إلياس الحويك بتأسيس الكنائس في مصر لتكون النيابة بطريركية وتعيين نائب له هو المطران يوسف دريان الذى شيد أول كاتدرائية مارونية وهى "كاتدرائية سان جوزيف" بحي الظاهر بالقاهره عام 1906م في العصر العثماني . و في عام 1946م فوافق بابا الفاتيكان آنذاك على إنشاء مطرانية مارونية في مصر و ترعى شؤن أبناء الطائفة في مصر و السودان و تم إنشائها مع البطريرك أنطوان و كانت تتبع هذه الايبارشية ست كنائس آنذاك في محافظات مصر و هى ثلاث كنائس في القاهرة ,و واحدة في كل من مدينة بورسعيد , و الاسماعيلية, و الاسكندرية ثم إنتشرت لكنائس المارونية في محافظات مصر صولًا إلى السودان و تهتم الكنائس المارونية شأنها كشأن الكنائس المسيحية الاخرى فهى تعمل على رعاية أبنائها في عدة مجالات تعليمية و تربوية و إجتماعية و إنسانية.